تركيبة عام 1939 والقدر
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

لن يتوقف الحديث يوما عن التركيبة السكانية، فهي تمثل مشكلة عويصة في ظل رفض قطاع كبير من «الأمة» القيام بالكثير من الأعمال التي يقوم بها الوافد، فما إن نسمع بقيام مواطن بإدارة محل جزارة أو ورشة نجارة حتى تهرع الصحف لعمل ريبورتاجات عنه، وكـأنه من كوكب آخر.

في ظل هذا العزوف الواضح عن أداء أعمال ووظائف محددة، أحيانا ترفعاً، وغالبا جهلاً بكيفية القيام بها، فإنه علينا وقف التباكي على موضوع التركيبة والتعايش معها، وترك الأمر لآلية سوق العمل مع تشديد الرقابة على العاطلين.

كما أن الحديث عن المزدوجين موضوع ذو شجون! فعلى الرغم من أن القوانين الكويتية لا تسمح بازدواجية الجنسية، كما هو الحال في قلة من الدول، فإن الحديث عن هذه الحالة والتحذير من مخاطرها وتبعاتها الاقتصادية السيئة يقصد به مزدوجون محددون، يجمعون بين الجنسية الكويتية وجنسيات خليجية… بالذات. ولكن الحقيقة أن المزدوجين أكثر من ذلك، فهناك عشرات الآلاف الذي ولدوا خارج الدولة، وحملوا بصورة تلقائية جنسيات الدول التي ولدوا فيها. كما أن لدى البعض جنسيات أخرى نتيجة قيامهم بالاستثمار هنا أو هناك، ولكن الفرق بين هؤلاء ومزدوجي الخليج أن أفراد الفئة الأولى لا تشكل ازدواجيتهم عبئاً على الدولة، وغير متهمين غالباً بازدواجية الولاء، ولا يعني ذلك أنهم غير مخالفين للقانون، وبالتالي يصعب على الجهات المعنية، على الأقل في المستقبل القريب، فتح ملف المزدوجين، بشكل عام، دون الإضرار بفئة لا تريد الدولة ـــ حاليا على الأقل ـــ الإضرار بها!

***

يعتبر الأستاذ هشام العوضي واحداً من خيرة الأكاديميين الذي يبذلون جهداً في البحث عن الحقائق والموضوعات المهمة، والكتابة عنها، أو تسجيلها وثائقيا بالصوت والصورة، وبثها على اليوتيوب. وكانت آخر اكتشافاته وثيقة بريطانية سرية عبارة عن تقرير أعده ممثل حكومة الهند في المنطقة عام 1939 (سنة المجلس) تتعلق بأعداد المقيمين في الكويت في تلك السنة، من مختلف الجنسيات والمشارب والديانات والأعراق، مبيناً أن سكان الكويت حينها بلغ تعدادهم تقريبا 40 ألفاً، منهم 3000 من العوازم، و2500 من مطير و2500 من الرشايدة، وما يماثلهم من الخوالد، و200 دواسر، ويماثلهم عدداً من عنزة، و500 من الظفير، مع عشرة آلاف فرد ينتمون لأسر وعوائل نجدية متفرقة، وما يماثلهم عدداً من المنحدرين من أصول إيرانية، و3000 من البحارنة. أما الفوادرة فقد بلغ عددهم 1000، والعراقيون 700، والجناعات 200، والحساوية 3000 والأفارقة 4000، وربما كان غالبية هؤلاء من الرقيق العاملين في مهن الصيد والغوص، إضافة لـ165 يهودياً و200 مسيحي.

كما بلغ سكان القرى والجزر، 1500 في الجهراء، و500 في الفحيحيل، و500 في أبوحليفة، و1500 في فيلكا، و2000 في السالمية وحولي!

***

بمقارنة هذه الأرقام بما بينته أرقام صناديق الانتخابات الأخيرة نشعر بمدى التغير الذي طرأ على التركيبة السكانية على مدى ثمانين عاماً، وكيف أننا قصرنا كثيراً في مراقبة التغير الديموغرافي سنة بعد أخرى، وتركنا هذه المسائل، كغيرها، للقدر!!

 

Back to top button