القمم الأوروبية إبداع.. ولقاء القطبين أوجاع
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
ثلاث مباريات من الحجم الثقيل انتهت في القارة الأوروبية وسط ضجيج إعلامي ومتابعة عالمية، ثلاث مباريات لم يتم فيها الشتم والضرب والاعتداء ولم نسمع بسقوط قتلى ولا إصابة جرحى، ثلاث مباريات أقيمت بحضور أكثر من مئتي ألف مشاهد في المدرجات وملايين تجمعوا حول الشاشات، ثلاث مباريات جمعت برشلونة وريال مدريد في اسبانيا وليفربول ومانشستر يونايتد في انجلترا وباريس سان جيرمان ومرسيليا في فرنسا، ثلاث مباريات جمعت أندية قيمتها السوقية تجاوزت الخمسة مليارات دولار وانتهت بسلام، واحتفلت جماهير الفائزين وأخذت جماهير الخاسرين تنظر لقادم الايام لعل فرقها تقدم الأفضل.
ثلاث مباريات كانت في قمة القوة الفنية والبدنية، ثلاث مباريات كان الشحن الجماهيري لدعم فرقهم في أوجه، ثلاث مباريات لم نسمع صوت رجال السياسة يحللون ولا يتحدثون عن عنصرية وقومية، الاسبان لم يتحدثوا عن انفصال اقليم الباسك، ولم يتحدث الاعلام ولا الجماهير ولا المحللين عن ان مانشستر سيتي ممثل للامارات في انجلترا ، ولم يعلوا صوت الفرنسيين بأن نادي باريس ملكية قطرية في الأراضي الفرنسية، لقد تحدث جميع هؤلاء بلغة واحدة ومفاهيم واضحة بأن كل لقاء كان ملحمة موسيقية أمتعت الخاسر والفائز، وان هناك منتصر وحيد اسمه كرة القدم وأمان البلاد.
هذا في العالم الغربي الذي نتهمه بالضلال، أما نحن فلدينا قطبي الكرة الأرضية الوحدات والفيصلي بجماهير محدودة ومدرجات شبه فارغة وفي أفضل الحالات بعدة الآف، ومستوى فني هزيل وقيمة سوقية متدنية، ومع كل لقاء تتجدد اشتباكات وسائل التواصل الاجتماعي وترتفع حدة المواجهات، فيتسابق المحللون للإسهاب في شروحات بلا قيمة، وتنطلق الشتائم بقوة الصاروخ وسرعة البرق دون رادع أخلاقي أو ديني أو ثقافي، وتنظم المسيرات الاحتفالية لبطولات هامشية يتابعها عدد محدود خارج الحدود ولا تعود بفوائد مالية على الناديين واللذين يُشكلان عبء مالي على الوطن في عصر يُطلق عليه زوراً وبهتاناً بعصر الاحتراف.
الاحتراف ليس لدينا بل في القارة الأوروبية حيث يصطحب الرجل زوجته للسينما أو المسرح أو ملعب كرة القدم، فجميع هذه الأماكن للتسلية والمتعة وليس للمناكفات واستعراض العضلات وإخراج أسوء ما في النفوس المريضة، لنجد أن مدرجات ملاعبهم تزدحم بالمشاهدين فيما مدرجات الكرة الأردنية فارغة بعد أن تم السكوت عن تصرفات هوجائية غوغائية لعدد محدود من الجماهير ، لتبعد الأغلبية الباحثة عن المتعة والجمال واحترام الذات حفاظاً على ذائقتهم السمعية والبصرية، لتتحول مدرجاتنا إلى ساحات طاردة لغالبية الجماهير.
آخر الكلام:
لن تصل المدرجات للمستوى الأوروبي إلا بقوانين حازمة رادعة لحماية المجتمع من الجماهير المثيرة للفتن، ومن الابطال الكرتونيين في وسائل القطيعة الاجتماعية.