بانسحاب الوحدات .. الجميع خاسرون..!!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

ينظر الكثيرون صوب المصالح الضيقة لإعتبار أنهم منتصرون، ولا يشاهدون الصورة الشمولية التي تُظهر أنهم جميعاً خاسرون، ففي قضية الوحدات وانسحابه من دوري المحترفين الأردني بكرة القدم لا توجد جهة إلا وتعتبر نفسها الرابح الأكبر، فالاتحاد يعتبر نفسه قد انتصر لرأية وتصدي لتمدد الوحدات صوب قراراته التي يعتقد أنها غير قابلة للنقاش، وبالتالي يروج وأصحاب الأصابع الخفية والعلنية فيه بأن القرار لمصلحة كرة القدم الاردنية وجماهيرها، وان انسحاب الوحدات قرار خاص من النادي وسيتم تنفيذ جميع العقوبات على الفريق، ويلوح بأن بيده العقد والعزم وأنه صاحب الرؤية الحقيقية الوحيدة حتى ان نبعت من فكر أشخاص غير مختصين، وان قرار الانسحاب يعود بالضرر على مستقبل الفريق الأخضر صاحب القرار بمستقبله، وأن الاتحاد يبحث عن الأفضل للمصلحة العامة والتي ذكرها في بيانه الضعيف.

بدوره يعتبر الفيصلي وجمهوره أنه سيتوج باللقب دون منازع وأنه سيشارك في دوري أبطال آسيا، ويذهب جمهوره إلى أن لقب الموسم القادم مضمون لعدم وجود منافس حقيقي، وبالتالي هو انتصر عامين متتاليين، وقد تذهب أندية الحسين اربد والرمثا لهذه الرؤية، بدوره يعتبر الوحدات نفسه قد انتصر في مواجهته لقرار الاتحاد الظالم “حسب الوحدات” حتى لو هبط لدوري أندية الدرجة الأولى، كونه وضع حداً لتجاوزات الاتحاد بحقه والتي تكررت مرات عديدة في المواسم الأخيرة، وبالتالي نجد أنهم في الغرف الواسعة وأمام الإعلام يعتبرون أنفسهم منتصرين.

هكذا يظن إتحاد كرة القدم والأندية، لكن الحقيقة المُرة التي عليهم مواجهتها بأنهم جميعاً خاسرون ولا يوجد بينهم رابح واحد، ومن يدعي الربح فقد أثبت أنه “راسب” في مادة الرياضيات أو تغيب عن حصصها كثيراً قبل النجاح بالواسطة، فالاتحاد سيدفع ثمناً غالياً من سمعته وهيبته وسمعة الكرة الأردنية التي وجد أصلاً من أجل الدفاع عنها وحمايتها، وأن الصورة التي ستأخذها عنه الاتحادات القارية والدولية بأنه ظالم غير منصف ويعبث بالنتائج ويحدد هوية البطل منذ اليوم الأول لإنطلاق بطولاته، وأنه يسير وفق هوى ورغبة المتنفذين فيه، وبالتالي تصبح الاتحادات لا تثق بالاتحاد كمنظومة وبأفرادة كأشخاص.

الوحدات بدوره سيخسر من قيمته السوقية وتصنيفه في الاتحادين الآسيوي والدولي كونه فريق يذهب إلى الطرق المُغلقة لتجاوز قضاياه، وأنه لا يتبع الطرق القانونية في تقديم الشكاوى ومتابعتها، كما سيخسر مالياُ في ظل هبوطه لدوري أندية الدرجة الأولى التي تقام مبارياته على ملاعب لا تتسع لجماهير كجماهير الوحدات، كما على النادي سداد قيمة العقود سارية المفعول وعلى الوحدات دفع رواتب للاعبين تفوق كثيراً الدخل المُتأتي من ريع مباريات دوري المظاليم، كما أن الشركات الراعية ستطالب بخفض قيمة عقودها كون ظهور الوحدات على القناة الفضائية الناقلة للبطولة سيختفي وسيتراجع ظهوره في الصحف والمواقع، وهو ما يعتبر خسارة للشركة الراعية للفريق، وهذه الأمور مجتمعة ستؤزم من مستقبل الوحدات المالي.

أما بقية الأندية فستدرك في وقت متأخر أنه بغياب الوحدات ستختفي الجماهير عن المدرجات التي ستصبح مقفرة، وبالتالي سينخفض العائد المالي للأندية من ريع الحضور الجماهيري، كما أن الشركات الراعية ستقوم بخفض قيمة عقودها كون المتابعة عبر القناة الناقلة وفي المدرجات سيتراجع، وبالتالي ستتراجع قيمة عقود الرعاية التي ترتبط دوماً بالمتابعة الجماهيرية، وهنا فإن فريق كالفيصلي عليه المشاركة في دروي أبطال آسيا سيجد نفسه أمام خيارين، أما التعاقد مع لاعبين مميزين وزيادة قيمة المديونية أو الاكتفاء بلاعبين محليين بمستوى جيد وهذا يعني خسارات كبيرة في البطولة الآسيوية، وهنا ستهتز صورة الكرة الأردنية خارجياً ويتراجع الدوري الأردني في أولويات المتابع الاردني والعربي.

وفي حال استمرار القرار وعدم التعامل معه بذكاء فإن أطفال “الديجتال” سيخسرون متابعيهم ويصبحوا كمن “يرقص في العتمة”، وربما تكون هذه هي الفائدة الوحيدة من تطبيق القرار والتمسك به، لكن للحق فالجميع خاسرون وسيعانون كثيراً من هذا القرار الذي يجب التعامل معه بذكاء وليس بتصلب من قبل جميع الأطراف، والبحث عن حلول وهي عديدة لكن على اتحاد الكرة الخروج من صندوق الفكر المحدد، وعلى الوحدات وبقية الأندية حساب مصالحهم قبل التصفيق لقرار الوحدات كونه يحقق لهم مصلحة صغيرة تلحقها عواصف كبيرة، وفي حال عجز الاتحاد والأندية عن الوصول لقرار مشترك فعليهم البحث عن العقلاء لتلافي ما صنعت آيادي العنت والتصلب، فهل نجد راشدون ينقذون الكرة الاردنية أم سيبقى تصلب الرأي سيد الموقف ليدفع الجميع الثمن، وأول من سيدفعه هو الوطن عبر المنتخب الوطني.؟

آخر الكلام:
على الجميع العودة لما كتبه ابن خلدون قبل اتخاذ القرار حتى لا تكون القرارات أحادية الرؤيا، بالنظر للقضايا من جميع الزوايا وتدويرها وأخذ ما يتناسب منها لمعالجة الموقف الحالي.

Back to top button