موقف مفاجئ لماكرون من الحرب في أوكرانيا وبايدن ممتعض
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
الثائر –
اكرم كمال سريوي
تحوّل مفاجئ في الموقف الفرنسي من الحرب في أوكرانيا، أثار دهشة المراقبين، وغضب الادارتين الأمريكية والأوكرانية على حد سواء، فما هي تبعاته؟؟؟
خلال زيارته إلى الفاتيكان دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، البابا فرنسيس، للتدخل لدى الرئيس الأمريكي جو بايدن، للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، من أجل إنهاء الحرب وحل الأزمة الأوكرانية .
حملت دعوة ماكرون عدة إشارات محورية:
أولاً أظهرت دعوة ماكرون بأن وقف الحرب في أوكرانيا يحتاج إلى قرار أمريكي، وأظهر الرئيس بايدن كمسؤول رئيسي عن استمرار هذه الحرب .
ثانياً لم يتوجه ماكرون بالدعوة إلى الطرف الأوكراني، المعني الأول بهذه الحرب، وكأنه يعتبر أن القيادة الأوكرانية لا تملك قرارها، وأن قرار وقف القتال والتفاوض مع موسكو، هو بيد الأمريكي، وتجاهل ماكرون قرار الرئيس الأوكراني زيلنسكي، برفض التفاوض مع بوتين.
ثالثاً: بدا ماكرون بأنه يخضع لضغوط الشارع الفرنسي المناهض لاستمرار الدعم العسكري لأوكرانيا ، رغم أن فرنسا قدّمت لها أسلحة نوعية منذ بداية الحرب، وشاركت في فرض العديد من العقوبات على روسيا، لكن ماكرون الآن غير متحمس لاستمرار هذا الدعم، الذي بات مكلفاً لبلاده ولكافة الدول الأوروبية.
قبل هذا الموقف كان ماكرون قد وجه انتقادات إلى أمريكا والنروج، اللتين تبيعان الغاز لأوروبا بأضعاف السعر الذي تبيعانه للمستهلكين في الداخل، معتبراً أن ليس بهذه الطريقة يتعامل الأصدقاءِ والحلفاء، لكن نداءات ماكرون العاطفية هذه لم تلق صدى فعلياً على أرض الواقع، إذ تنصّلت الإدارة الأمريكية من الموضوع، معتبرة أن شركات الانتاج تبيع الغاز إلى مستوردين وتجار وسطاء، وهم يقومون ببيع الغاز وتوريده إلى أوروبا والعالم، ويبيعونه وفق السعر الأنسب لهم لتحقيق أعلى قدر ممكن من الربح.
تلقفت موسكو دعوة ماكرون بإيجابية، وهي تعلم أن الحرب مستمرة ولا مجال لوقفها الآن، لكنها بادرت إلى الترحيب بها لما تحمله من مضامين، تلقي بعبء المسؤولية عن استمرار الحرب على الجانبين الأمريكي والأوكراني، وتقنع الشارع الروسي بأن حربه في أوكرانيا هي في حقيقتها وبالدرجة الأولى ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، كما تشجع الشارع الأوروبي على الضغط على حكامه، بوقف الدعم العسكري لأوكرانيا ورفع العقوبات عن روسيا.
تهاوت حكومات بريطانيا العظمى فسقط باريس جونسون الداعم الأول لاوكرانيا في الحرب، وخلفته وزيرة خارجيته ليز تراس التي حاولت التخفيف من وطئ الأزمة الاقتصادية، عن طريق استجرار العطف الأمريكي واليهودي، فأعلنت مِراراً موقفها الداعم لأوكرانيا، وهددت روسيا بعواقب وخيمة، وخطبت ود إسرائيل في يوم تنصيبها، لكن كل ذلك لم يشفع لها، فسقطت بعد ستة أسابيع فقط، تحت ضغط الأزمة الاقتصادية، ليخلفها ريشي سوناك المهدد بالسقوط أيضاً.
فهل يخشى ماكرون انفجار الأزمة في فرنسا، وأن يلقى مصير حكام بريطانيا، خاصة بعد تنامي نزعة اليمين في أوروبا؟؟؟
مما لا شك فيه أن ماكرون يستشعر خطراً داهماً على مستقبل أوروبا، وقد غامر في إثارة غضب الشريك الأمريكي، وتفيد بعض المصادر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الأوكران فلوديمير زيلنسكي ممتعضان من الطريقة التي اتبعها ماكرون في الدعوة للحوار وحل الأزمة الأوكرانية.
لكن من الواضح أن ماكرون اختار انتهاج سياسة أكثر استقلالية عن القائد الأمريكي، لعلّه يمتص نقمة الشارع المتزايدة، على أبواب شتاء قد يكون شديد البرودة، ليس في منازل الفرنسيين فحسب، بل في جيوبهم، واقتصادهم، وربما في مستقبل العلاقات بين دول الاتحاد المهدد بالتفكك والأنهيار.