من يعرف «النشيد الوطني الإسرائيلي»؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

كثير من مقالات الرأي في الصحافة الخليجية يمنع من النشر بعد ثلاث سنوات من التطبيع، خصوصاً إذا كان فيها ما يمس العلاقات مع دولة مثل إسرائيل! فالتعامل مع هذا «العدو» صار يسري عليه قاعدة المساواة في العلاقات الدبلوماسية.

ما دعاني إلى الحديث عن هذا الموضوع هو ما أثاره أحد الزملاء عن «النشيد الوطني الإسرائيلي»، والقول بأنه يتضمن دعوات همجية وعنصرية بحق العرب! والبعض أسماه «النشيد الصهيوني» وتساءل: أين دور منظمات حقوق الإنسان من هذ التمييز العنصري والكراهية؟!

النشيد كما يتم تناقله عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتضمن العبارات التالية:

– ليرتعد كل سكان «مصر وكنعان» و«سكان بابل» ونرى دماءهم تراق ورؤوسهم مقطوعة.

– حين نغرس رماحنا في صدورهم… عندئد نكون شعب الله المختار حيث أراد الله…

المهم أن الحوار كان يدور حول صحة تضمُّن النشيد لتلك العبارات من عدمها، تمت الاستعانة بمستشار فلسطيني ليؤكد صحة المعلومات كما وردت!

انقسم الرأي بين مؤيد ومعارض، من قائلين بأن هناك تزييفاً وتحاملاً وتشويهاً، وآخرين يجزمون بصحته، فهذا هو تاريخ بني إسرائيل القائم على كراهية العرب والحقد عليهم، وهناك كراهية متأصلة لديهم، وهي الوسيلة الناجحة والفعالة لجعل الشعب الإسرائيلي متحداً وموحداً تجاه «عدوهم الدائم» أي العرب، فهو السور الذي يحميهم حال تعرضهم للانكشاف و»السلام»، فسرعان ما يتهاوى.

دفعني الفضول إلى التعرف على حقيقة هذا النشيد وما يحتويه، لجأت إلى «العم غوغل» ووجدت فيديوهات مسجلة وتقارير إعلامية، ليست فيها تلك العبارات، وتبين لي بعد عملية البحث والقراءة أن الموضوع مثار منذ سنوات وليس فيه جديد، وأن فريق تقصي صحة الأخبار في وكالة الصحافة الفرنسية توصل إلى نتيجة مغايرة تماما نشرتها الوكالة عام 2020 خلاصتها أن الترجمة الصحيحة ليس فيها تلك العبارات وهي مفبركة!

والنشيد أو كما يسمى بالعبرية «هكتفاه» – أي الأمل – يبدأ بـ «طالما داخل القلب روح يهودية نابضة… فحينها يميل إلى الشرق» إلى آخر ما هنالك من تعابير تفضي إلى العودة لأرض صهيون وإلى أورشليم القدس.

أسطوانة مملة ومشروخة، تلك التي تدعو إلى «معرفة عدوك» فالأعين أصابها شيء من الحول واستدارت إلى ما بعد حدود البحر والنهر.

أتذكر بعد نكسة 5 يونيو 67 كيف توجه صاحب مجلة «الحوادث» الأستاذ سليم اللوزي وكنت أحد العاملين معه إلى القارئ العربي داعياً إياه للتعرف على «عدوه» وبلغته ومن داخل المجتمع الإسرائيلي وكما هو وليس على طريقة أحمد سعيد والنهج الناصري المضلل وغير الموثوق في مقارعة «رأس الإمبريالية الأميركية».

معرفة «العدو» أصبحت وراءنا ولم تعد من الأولويات ولا هي على رأس جدول أعمال أي نظام عربي، اختلفت الاحتياجات اليوم والبحث يدور عن «الثمن» الذي ستدفعه هذه الأنظمة مقابل «التسوية»، أي ماذا ستأخذ وماذا ستقدم؟ والمسألة صارت صفقات و»بيزنس تجاري»، وربما «جواز مرور» يصلح للدخول إلى العالم الغربي ولأغراض أخرى.

النزاع العربي – الإسرائيلي لا ينحصر في الحروب وساحات القتال، وكأن هذا الزمن انتهى، بل بالمرويات والأساطير والحكايات التي تطال الإرث التلمودي ومن هم اللاساميون وهوية وثقافة المنطقة والتعصب الأيديولوجي والديني الذي استوطن في هذه البقعة ولم يرحل بعد!

النشيد الوطني الإسرائيلي ليس مزحة ولا هو بالشيء العابر، بل يتصل بالجذور والأصول، فمتى تصحح هذه الصورة يا ترى؟ وتنقل إلينا كما هي وعلى حقيقتها ويعطى لنا الحق في التعبير عن آرائنا دون خوف أو رقيب؟

زر الذهاب إلى الأعلى