بعد اختيار رئيسي الدولة والحكومة… تغيُّر كبير في الحكومة العراقية خلال أيام ينذر بانتهاء الأزمة

النشرة الدولية –

الإمارات اليوم –  ترجمة: حسن عبده حسن عن «رسبونسبل ستيتكرافت»

خلال الأسبوع الماضي قامت الحكومة العراقية بخطوة عملاقة اقتربت بها من تشكيل الحكومة، حيث انتخب البرلمان عبداللطيف رشيد رئيساً للعراق، والذي بدوره عين محمد شياع السوداني رئيساً للحكومة، ويأتي ذلك بعد عام من الانسداد السياسي منذ انتخابات أكتوبر الماضي التي شهدت فوزاً كبيراً لائتلاف مقتدى الصدر، وبعد مرور عام انقلبت الطاولة مع صعود خصوم الصدر السياسيين.

كيف حدث ذلك؟

باختصار، تحرك مقتدى الصدر داخل وخارج السياسة العراقية منذ قيادته للميليشيات الشيعية المعروفة باسم «جيش المهدي» ضد الاحتلال الأميركي خلال العقد الأول من الاحتلال، واحتفظ بقدرة رائعة على حشد المسلحين وتشكيل ميليشيا مرعبة أصبح اسمها الآن «سرايا السلام».

وخلال التحضير لانتخابات العام الماضي، شكل الصدر ائتلافاً عابراً للطوائف يتضمن السياسي السني محمد الحلبوسي وحزب التقدم، وحزب مسعود برزاني وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاز هذا الائتلاف بأغلبية المقاعد في انتخابات أكتوبر 2021 البرلمانية، ونال الإطراء من واشنطن التي اعتبرت أن الصدر بمثابة إسفين في النفوذ الإيراني.

ووفق النظام العراقي، ينتخب البرلمان رئيساً له، ومن ثم رئيساً للدولة الذي بدوره يختار رئيساً للحكومة، ويتلو ذلك اختيار الوزراء من قبل رئيس الحكومة، والتي تذهب إلى البرلمان كي يصادق عليها، ولكن هذه العملية تم توقيفها نتيجة قرار اتخذته المحكمة الفدرالية العليا، والتي ألغت خيار انتخاب الرئيس عبر الأغلبية البسيطة في ثاني انتخاب برلماني إذا فشل الانتخاب الأول في اجتياز ثلثي الأغلبية، وهو ما حدث.

قرار المحكمة العليا

ويعتقد على نطاق واسع أن قرار المحكمة العليا جاء بضغوط كبيرة من إيران، ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي، وهذا ما منع ائتلاف الصدر من تشكيل حكومة، لأنه لم يتمكن من تحقيق أغلبية الثلثين.

ورد الصدر على هذا الانسداد السياسي بإصدار أمر إلى نواب كتلته، ويبلغ عددهم 73 عضواً بالاستقالة وإرسال أتباعه إلى مبنى البرلمان لاحتلاله، وتحولت هذه الاحتجاجات في نهاية المطاف إلى أعمال عنف، وكان الصدر يتوقع أن تقوم الكتل السنية والكردية في الائتلاف بتقديم استقالتها، ما يؤدي إلى إصابة السياسة البرلمانية بالشلل، ويجعل تشكيل الحكومة مستحيلاً من دون موافقة الصدر وبشروطه الخاصة، أو أنه توقع أن يتردد حليفه الحلبوسي قبل قبول الاستقالات.

وفي كلتا الحالتين فقد لعب الصدر دور من يشعل النار عن عمد ورجل الإطفاء، وبدلاً من أن يحذوا حذوه، تركه شركاؤه في الائتلاف وحده، وتحولت المقاعد الـ73 التي تركتها كتلته إلى خصومه، وهم «الإطار التنسيقي»، الذي يتكون من مجموعة من الأحزاب والميليشيات الشيعية.

وفي تسلسل سريع للخطوات في 13 أكتوبر الجاري، قام رشيد لطيف بتسمية محمد شياع السوداني رئيساً للحكومة، ما مهد لتشكيل الحكومة، وبدا المشهد وكأن الأزمة التي عصفت بالعراق العام الماضي قد انتهت، وتم تنحية التحدي الصدري بصورة قاطعة. وباستثناء المفاجآت، لن يكون هناك أي انتخابات لثلاث سنوات أخرى.

ولم يكن أمام الصدر الذي تفوق بالمناورة والتسليح أي طريق معقول للوصول إلى السلطة، ومن غير المعروف ما إذا حافظ الصدر على النفوذ عبر كبار الموظفين الذين زرعهم في مجموعة من الوزارات، اذ يعتمد ذلك على ما إذا كان السوداني يجري مسحاً نظيفاً لمن سيختارهم في حكومته، كما وعد الصدر نفسه أن يفعل بخصومه.

وكان رد الصدر على عملية الباب المغلق التي أدت إلى اختيار الرئيس لطيف ورئيس الحكومة السوداني عنيفاً للغاية. لقد وصف الحكومة بأنها «حكومة ميليشيات» ومنع أتباعه من التعامل معها، وقد تبحث القيادة الجديدة التي تخشى الحفاظ على شرعيتها، عن طريقة ما لإرضاء الصدر وإعادته إلى اللعبة، ولكن الطريق إلى الأمام يبدو غامضاً. وكما كان متوقعاً، تحرك الفريق الجديد نحو منع رئيس الحكومة المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي من مغادرة الدولة، بينما يقومون بالتحضير لجعله كبش فداء للفساد المستشري والذي دفع العديد من العراقيين إلى التصويت للصدر.

ما الذي يعنيه كل ذلك بالنسبة لعلاقة أميركا والعراق؟

بالنسبة لواشنطن، يعتبر السوداني أحد المرشحين المحتملين والمنطقيين الذين يعرضهم الإطار التنسيقي، وهو شخص يملك التجربة، وكان قد عمل وزيراً لحقوق الإنسان، ووزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية، ويداه أقل تلطيخاً بالدماء من بعض المرشحين المحتملين الآخرين.

ولكن من غير المعروف مدى نفوذ رئيس الحكومة السابق المثير للجدل نوري المالكي على السوداني، ويعتبر السوداني من صنع المالكي على الرغم من انفصال السوداني عن حزب الدعوة. ويوجد بعض الخيارات السياسية الصعبة أمام السوداني الذي سيتمكن من الوصول إلى الأموال الفدرالية قريباً والتي تضخمت خلال العام الماضي بفضل ارتفاع أسعار الطاقة.

وفي الرد على السخط الذي اندلع في تظاهرات العنف عام 2019، على الأرجح، سيستخدم السوداني الخزائن المتضخمة بالأموال لتزويد القطاع العام بالوظائف للشباب العاطلين عن العمل. ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كان سيحشد الوزارات والبرلمان لمعالجة القضايا الكبرى الثلاث التي يعانيها العراق، وهي الفساد والفشل في الإصلاح الاقتصادي، وتغير المناخ، ومكافحة أي ظهور لتنظيم «داعش».

بغداد تستعد لاحتجاجات واسعة النطاق

ولكن السوداني يُنظر إليه باعتباره قائداً ضعيفاً. وإحدى القضايا التي ستتابعها الولايات المتحدة هي كيفية أداء الجيش النظامي، وقوات مكافحة الإرهاب في عملية وضع الميزانية، مقارنة بقوات الحشد الشعبي الموالية لإيران. وعليه أن يقرر كيفية التعامل مع الصدر والقاعدة الموالية له والتي ربما ستختار القيام بأعمال الفوضى إذا تم استبعادها من الحكومة.

واستعدت بغداد لاحتجاجات واسعة النطاق بعد انتخاب رشيد رئيساً للدولة في بداية الأسبوع الحالي، ولكن حتى الآن لم يحدث أي شيء، ولن يكون من الحكمة اعتبار هذا الهدوء أمراً مسلماً به.

ومن غير الواضح كيف سيكون تعامل كتلة «الإطار التنسيقي» مع الوجود العسكري الأميركي المتواصل في الدولة. وكان قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب قائد قوات الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في الثالث من يناير 2020، قد حفز الميليشيات المدعومة من إيران في قوات الحشد الشعبي، ودفعها إلى قيادة المطالب العامة لإخراج القوات الأميركية من العراق.

وأصبحت علاقة الحشد الشعبي مع الولايات المتحدة أكثر تعقيداً وراء الكواليس، والآن وبعد أن وجدوا أنفسهم في السلطة فعلى الأرجح سيترددون قبل القيام بأي شيء يمكن أن يورطهم في المتاعب، وسيكون أحد المؤشرات على ذلك الجهود التي ستبذلها الحكومة الجديدة لكبح جماح العمليات العسكرية الأميركية في العراق، والتي يبدو أنها ستعمل على استهداف أصول الحشد الشعبي.

وربما الأمر الأكثر إثارة للقلق هو نفوذ نوري المالكي المحتمل على رئيس الحكومة الجديدة. وتلقي واشنطن باللوم على المالكي في خلق الظروف التي احتضنت تنظيم «داعش» في العراق، وتكمن المخاوف في أن هذا النموذج من الحكم المتطرف يمكن أن يتكرر في وقت تمكنت لتوها التدريبات على المعدات الأميركية، وتحسن مهارات العمليات العسكرية العراقية، ورفض السنة لحكم داعش من القضاء على هذا التنظيم المتمرد.

  • لم يكن أمام الصدر الذي تفوق بالمناورة والتسليح أي طريق معقول للوصول إلى السلطة، ومن غير المعروف ما إذا حافظ الصدر على النفوذ عبر كبار الموظفين الذين زرعهم في مجموعة من الوزارات.
  • يعتبر السوداني من صنع المالكي على الرغم من انفصال السوداني عن حزب الدعوة. ويوجد بعض الخيارات السياسية الصعبة أمام السوداني الذي سيتمكن من الوصول إلى الأموال الفيدرالية قريباً، والتي تضخمت خلال العام الماضي بفضل ارتفاع أسعار الطاقة.

ستيفن سايمون ■ مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي الأميركي

آدام وينستين ■ كاتب وصحافي أميركي

Back to top button