التغيّر المناخي يبسط نفوذه على العالم
النشرة الدولية –
الديار – شانتال عاصي –
تعتبر مسألة التغير المناخي من المسائل العالمية الطارئة جداً، نظراً لخطورتها وتأثيرها السلبي على مسار حياة الكائنات الحيّة بشكل عام والبشر بشكل خاص. فالتغير المناخي لا يقتصر فقط على الكائنات الحية، إنّما يؤثر على اليابسة والبحر والجو أيضاً. إن مناخ كوكبنا يتغير على مدار الزمن الجيولوجي مع حصول تقلبات ملحوظة في درجات الحرارة الوسطية. ورغم ذلك، ترتفع درجة الحرارة في هذه الفترة بسرعة أكبر من أي أوقات ماضية.
ماذا عن حصة لبنان من أزمة التغير المناخي؟ بحسب رئيس حزب “البيئة العالمي” والخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل، يشهد لبنان تغيرا مناخيا خطيرا جداً بخاصة بعدما أصبحت اليوم الكتل الهوائية الحارّة في غرب شرق المتوسط، بمعنى أنّ هذه الكتل الهوائية باتت تؤثّر على مسار وحركة هطول الأمطار، ونتج عنها تأخّر هطول الأمطار بحوالى الـ55 يوماً.
وكشف أن نسبة المتساقطات إلى انخفاض مستمر في لبنان، والفياضانات إلى ارتفاع وكان مشهد هطول الأمطار منذ يومين، خير دليل على ذلك. الأمر الذي يشير إلى أن شتاء هذا العام سيكون قاسياً كالعام الماضي. باختصار، لبنان يتأرجح بين الجفاف والفيضانات. هذا وكان لتأخّر هطول الأمطار وقع سلبي جداً على لبنان، وبخاصة على المزروعات. فالمزارعون يعتمدون على هطول الأمطار منذ شهر أيلول لريّ مزروعاتهم بالأمطار الموسمية، إلّا أننا لم نشهد أي تساقط للأمطار من أيلول حتى أواخر تشرين الأول، بل ارتفعت درجات الحرارة لتفوق معدلاتها الموسمية.
اضاف: من أبرز تداعيات الجفاف وتأخر هطول الأمطار، هو تأثّر الأشجار ويباس أغصانها، فضلاً عن فتك الأمراض الحرجية بها. أما المياه الجوفية، الينابيع والأنهار، فستتأثّر كثيراً لأن الأمطار ستكون بهيئة سيول جارفة، ولن تكون أمطارا موسمية معتدلة، وبالتالي لن تتمكن المياه الجوفية من امتصاصها، مما سيتسبّب بانخفاض نسبة الثروة المائية في لبنان ككلّ.
أسباب تغير المناخ
ممارسات عدّة نقوم بها يومياً هي كفيلة أن تساهم في التغيير المناخي وتقلب واقعنا البيئي والحياتي رأساً على عقب، أهمّها:
– توليد الطاقة عن طريق حرق الوقود الأحفوري: يتسبب توليد الكهرباء والحرارة عن طريق حرق الوقود الأحفوري في جزءٍ كبير من الانبعاثات العالمية. ولا يزال توليد معظم كميات الكهرباء يتم عن طريق حرق الفحم أو الزيت أو الغاز، وينتج عن ذلك ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى، وهي غازات دفيئة قوية تغطي الأرض وتحبس حرارة الشمس.
– قطع أشجار الغابات: يؤدي حرق الأشجار أو قطعها إلى عكس آثار عزل الكربون وإطلاق الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. علاوة على ذلك، فإن إزالة الغابات تغير منظر سطح الأرض وانعكاسه، مثل تناقص الوضاءة، ما يؤدي إلى زيادة في امتصاص الطاقة الضوئية من الشمس في شكل حرارة، وبالتالي يعزز من الاحتباس الحراري.
– استخدام وسائل النقل: تعمل معظم السيارات والشاحنات والسفن والطائرات بالوقود الأحفوري، مما يجعل النقل مساهمًا رئيسيًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وخاصةً انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتمثل مركبات الطرق الجزء الأكبر من احتراق المنتجات القائمة على البترول، مثل البنزين، في محركات الاحتراق الداخلي. ويعتبرالنقل مسؤول عن ما يقارب ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة.
تغير المناخ… أكبر تهديد للصحة
بحسب منظمة الصحة العالمية، يؤثر تغير المناخ على الصحة بطرق عديدة، منها التسبب في الوفاة والمرض نتيجة الظواهر الجوية المتطرفة التي تزداد تواترا، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات وتعطل النظم الغذائية، وزيادة الأمراض الحيوانية المنشأ والأمراض المنقولة بالأغذية والمياه والنواقل، ومشاكل الصحة النفسية. وبالإضافة إلى ذلك، يقوض تغير المناخ العديد من المحددات الاجتماعية للصحة الجيدة، مثل سبل العيش والمساواة وإتاحة الرعاية الصحية وهياكل الدعم الاجتماعي. وتؤثر مخاطر تغير المناخ على صحة أكثر الفئات ضعفا وحرمانا، بمن في ذلك النساء والأطفال والأقليات الإثنية والمجتمعات الفقيرة والمهاجرون أو المشردون وكبار السن، الأفراد الذين يعانون من ظروف صحية كامنة.
التدابير الإنقاذية
في هذا الصدد، شدد كامل على ضرورة وضع خطة تصحيحية واستراتيجية عمل، تحدَّد بموجبها نسبة المياه الجوفية والعذبة، ومساراتهما. مراقبة استخدام المياه الجوفيّة ومياه الشفة ومياه الزراعة والصناعة وتنظيمها، إقامة محطّات لتكرير المياه المبتذلة والتي يمكن إستخدامها في ري المزروعات. بالإضافة إلى زيادة المساحات الخضراء، الحفاظ على التنوّع البيولوجي الذي يؤمّن الحفاظ على التوازن البيئي… وغيرها من الخطوات الملحّة التي يجب اتخاذها في أسرع وقت ممكن.