اللاجئون السوريون في لبنان وبدء رحلة العودة الطوعية إلى بلادهم
النشرة الدولية –
بدأت عملية العودة الطوعية للنازحين السوريين من لبنان إلى بلادهم تحت إشراف جهاز الأمن العام اللبناني، ضمن خطة وصفها الجهاز “بالآمنة والطوعية “، حيث شهدت الحدود اللبنانية السورية الأربعاء الماضي، عودة أولى دفعات اللاجئين من مخيم عرسال، بعد توقف دام نحو 3 سنوات وذلك مع مغادرة حوالي 750 شخصا وسط ترقب بإعادة إعداد إضافية خلال الأسبوع القادم.
ويستضيف لبنان أكثر من مليوني نازح سوري، في ظل عجز الحكومة اللبنانية عن تأمين احتياجاتهم الإنسانية وعدم إيفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاههم، وذلك وسط تقديرات وزارية بأن كلفة هذا النزوح تقدر بمليارات الدولارات في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه ويتجاوز دين الدولة المعلن 100 مليار دولار.
وفي هذا السياق كشف هكتور حجار وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في حوار لوكالة الأنباء القطرية “قنا” عن مغادرة حوالي 750 نازحا يوم الأربعاء الماضي، معلنا أنه ستغادر دفعة ثانية أيضا في الأسبوع المقبل وذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية وفي مقدمتها الأمن العام اللبناني.
وأكد حجار على أهمية إعادة كل النازحين السوريين إلى ديارهم، لعدم قدرة لبنان على تحمل تبعات هذا النزوح في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعاني منها البلاد .
وكشف أن إعادة النازحين إلى ديارهم تمت بالتنسيق مع السلطات السورية، منوها بأن لبنان قام بهذا الإجراء ضمن آلية العودة الآمنة لهم وبعد أن تحسنت الأوضاع الأمنية في سوريا… رافضا الاتهامات التي توجه إلى بلاده بأنها تعمل على إعادتهم قسريا، متهما بعض الجهات والمنظمات الدولية بالعمل على منع عودتهم الى بلادهم وقال : ” العودة غير قسرية وهي آمنة”.
وحول خطة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم والمهلة الزمنية للعودة، كشف وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أن إعادتهم تتم حاليا وفق خطة أسبوعية، موضحا أن الغاية من اطلاقها جاءت نظرا لتحسن الظروف الأمنية وأن لا يبقى في لبنان إلا العمالة السورية.
وأكد على ضرورة تسوية أوضاع من يريد العمل في لبنان وأن تتم عودة كل النازحين الى بلدهم، مبينا أن هذه العمالة كانت قبل الأزمة السورية تتراوح بين 400 و 500 ألف عامل… رافضا ضرورة استمرار وجود أي نازح سوري في بلاده بسبب انتفاء سبب النزوح وعودة الأمن الى سوريا منتقدا المجتمع الدولي لأنه يريد أن يبقيهم في لبنان.
وأوضح أن السلطات اللبنانية لم تقطع تواصلها مع السلطات السورية في ملف النزوح وهو ما أكده في مناسبات عديدة على حد قوله… مؤكدا التنسيق مع السلطات السورية في إعادة هذه الدفعة الجديدة أيضا.
وأعلن الوزير حجار أنه واكب عودة النازحين السوريين من منطقة “عرسال” إلى سوريا التي انطلقت الأربعاء الماضي، معتبرا أن الأعداد التي غادرت مشجعة.
وكشف حجار ل”قنا”عن دراسة تعتزم وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية الإعلان عنها قريبا تفيد بأن كلفة النزوح السوري على لبنان منذ بدء الأزمة السورية تصل الى ما يقارب 40 مليار دولار تشمل تكلفة البنى التحتية والسلع الغذائية المدعومة وغيرها ، مبينا أن نصف سكان لبنان من النازحين حاليا .
وحول المبالغة في كلفة النزوح السوري على الاقتصاد اللبناني، أعلن الوزير حجار أنه تكلم في أحد المؤتمرات الدولية عن أن الكلفة السنوية للنزوح على الاقتصاد اللبناني تتجاوز 3 مليار دولار سنويا، فبالتالي تصل كلفة النزوح الى أكثر من 36 مليار دولار لغاية هذه اللحظة، مما يجعل رقم الــ 40 مليار منطقي.
ولفت حجار إلى وجود ما يقارب مليوني و80 ألف نازح سوري في لبنان، لافتا الى أن من يعمل منهم لا يصنف نازح سوري.
كما رفض حجار اتهام لبنان بالعنصرية بسبب إعادة النازحين السوريين الى ديارهم، وقال: ” أقول للعالم تعالوا وانظروا كيف نتعامل مع العودة الطوعية للنازحين وكيف تتقاسم القرى والبلدات الموارد والغذاء من خبز وماء مع النازحين”. مؤكدا التزام القوى الأمنية حقوق الإنسان في اطار عودة النازحين السوريين… داعيا المجتمع الدولي الى مساندة لبنان في تحمل عبء النزوح.
وكان الرئيس اللبناني العماد ميشال عون قد أعلن في 12 أكتوبر الحالي عن بدء عملية إعادة النازحين السوريين على دفعات.. قائلا أن لبنان طالب بالعودة الطوعية للنازحين السوريين وهي متاحة، وسوريا لم تضع أي شرط لعودتهم .
وأكد أن النازحين السوريين بدأوا بالعودة، وتم عودة أول قافلة الى سوريا،كما تم التحدث في ذلك مع المسؤولين السوريين على أكثر من مستوى ورحبوا بهذا الموضوع.
ورأى أن المسؤولين في المجتمع الدولي يريدون من لبنان أن يكون حارس سفن لمنع النازحين السوريين من السفر إلى دولهم، وفي الوقت نفسه يحاربون عودتهم إلى سوريا.
وكانت قد انطلقت فجر الأربعاء الماضي قوافل النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا، عبر الحدود اللبنانية -السورية في منطقة المصنع بعد أن وضع الأمن العام اللبناني 17 مركزا لتسجيل العودة الطوعية.
وقد عبرت ثلاث قوافل الحدود لتكون هذه الرحلة الرقم 23 التي يرعاها الأمن العام اللبناني إلى سوريا منذ بدء الخطة عام 2017 وذلك بعد توقفه عن رعاية رحلات العودة بعد عام 2020 إثر انتشار جائحة كورونا “كوفيد-19”.
وفي هذا الاطار، أكد اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام اللبناني في مؤتمر صحفي عقد بهذا الخصوص أن “إعادة النازحين إلى أرضهم واجب وطني علينا أن نؤديه، وقال: لم نلق من الجانب السوري إلا كل الترحيب والشفافية في التعاطي مع ملف عودة النازحين السوريين”.
ورأى أن لملف النزوح انعكاسات سلبية على كل المستويات لذلك يجب معالجته، ولبنان يرفض طريقة التعاطي التي تتم معه من قبل كثيرين وعلى رأسهم منظمات إنسانية وأخرى تدعي الإنسانية تحاول أن تملي إرادتها وأضاف : “لن نخضع للضغوطات لأن مصلحة الشعب اللبناني هي أولا وأخيرا، ولن نجبر أي نازح على العودة وهذا مبدأ لدينا ونسعى لتخفيف العبء عن لبنان”.
وأوضح اللواء إبراهيم أن هناك مليونين و80 ألف نازح سوري موجودون حاليا في لبنان، وقرابة 540 ألف سوري عادوا طوعا الى بلادهم منذ بدء الخطة عام2017 .
ويؤكد مراقبون أنه بات واضحا أن الدولة اللبنانية لن تتراجع عن خطواتها العملية بشأن إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، رغم الضغوط الدولية التي تظهر على ألسنة مسؤولي المنظمات الدولية الذين يرفضون تشجيع هذه العودة ويعتبرها بعضهم أقرب إلى «ترحيل قسري”، في حين يوجه بعض الناشطين النقد الى لبنان بسبب عدم وضع خطة لتنظيم النزوح السوري وهو ما أدى الى عدم قدرة الدولة على تحمل تبعات هذا النزوح لاحقا.
وفي هذا السياق ، قال السيد زياد الصائغ الخبير في السياسات العامة وقضايا اللاجئين والمدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا” “إن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم هي أساس على مستوى حقوق الإنسان، وإنفاذ لما تقره القوانين والمواثيق الدولية” مبينا أن تمسك لبنان بحق عودتهم يندرج في سياق الحفاظ على هويتهم وعلى نسيجهم المجتمعي.
ورأى الصائغ “أن المنظومة الحاكمة في لبنان فشلت منذ العام 2011، ومع بدء توافد اللاجئين السوريين الى لبنان في تنظيم النزوح بمعنى دراسة قدرة لبنان الاستيعابية، وتأمين مراكز إيواء حدودية مؤقتة تفاديا لتشتيتهم في المجتمع اللبناني”، مبينا في الوقت ذاته “الفشل على المستوى الإحصائي لمعرفة أعدادهم والتمييز التصنيفي بينهم والعمال”.
وأكد الصائغ أنه “منذ العام 2011 وحتى اليوم، لا يوجد سياسة عامة لحوكمة سليمة لقضية اللاجئين السوريين أو سياسة عامة للعودة .
ورأى “أن آلية تنظيم العودة التي قامت بها المديرية العامة للأمن العام اللبناني سهلت عودة أعداد من النازحين السوريين” مبينا في ذات الوقت أنه “لو قامت الدولة بإقرار سياسة عامة ترتكز على ضبط أعداد النازحين السوريين، وأماكن إقامتهم ومن أين أتوا والى أين سيعودون وبأي ضمانات قانونية واقتصادية واجتماعية وأمنية كنا بحال أفضل في سياق العودة”.
وتابع الصائغ أن “طلب النظام السوري رفع لوائح إسمية إليه سوف يؤثر على عودة النازحين ويطرح علامات استفهام حول معايير القبول بأسماء ورفض أخرى ” وفق قوله.
وأشار إلى أن “منطقة القلمون الغربي والزبداني والقصير هي مناطق آمنة هدأت الأعمال الحربية فيها منذ العام 2015 ، ويمكن أن يعود اليها 400 ألف لاجئ سوري يتمركزوا في عكار و عرسال، وهي المناطق الأكثر فقرا.