إسرائيل الجديدة .. والمزيد من التطرف!
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
بنتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت داخل دولة الاحتلال تكون «إسرائيل» قد أكملت صورتها كدولة محتلة وعنصرية ودولة دينية متعصبة، وهي صورة لم يكن يفكر فيها عتاة الفكر الصهيوني الذين كانوا طوال العقود السبعة الماضية يحاولون الابقاء على بعض المساحيق التجميلية على وجه هذا الكيان، وتحديدا «مكياج» الديمقراطية ومكياج التعايش والرغبة بالسلام، إلا أن 13 عاما من حكم الليكود بزعامة نتنياهو أفقدت هذا المشروع الكاذب أدوات كذبه وجعلته عاريا تماما أمام العالم.
النتائج الأخيرة والتي أكدت السيطرة شبه الكاملة لليمين بشقيه الديني الصهيوني والذي تمثله الأحزاب الدينية العقائدية واليمين العنصري أو ما أسمته صحيفة هآرتس بـ «الكاهانية» نسبة للحاخام مائير كاهانا مؤسس حركة كاخ العنصرية الذي اغتيل في نوفمبر من عام 1990 والتي يمثلها الآن عضو الكنيست بن غافير، تعني أننا اليوم أمام «إسرائيل جديدة» مختلفة تماما عن تلك التي تواجهنا معها أو تلك التي أبرمنا معها اتفاقيات سلام، دولة وصفها عيساوي فريج وزير الشؤون الإقليمية في حكومة لابيد – بينت المنتهية ولايتها في تصريح للإذاعة العبر?ة (إن إسرائيل باتت أكثر عنصرية وإن الكثير من الإسرائيليين صوتوا بدوافع الكراهية للعرب، وأضاف (نحن لسنا في منزلق خطير بل نحن على حافة الهاوية).
ومن النتائج المهمة التي أفرزتها نتائج انتخابات الكنيست الأخيرة هي «استخراج شهادة الوفاة الرسمية لحزب ميرتس الذي عجز عن الوصول لنسبة الحسم والدخول إلى الكنيست بعد 30 عاما كان خلالها هذا الحزب اليساري هو الأقرب إلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فيما تزايدت قوة ونفوذ اليمين المتطرف سواء من «الحريديين» أو «الكاهانيين»، واللافت أيضا أن هذا اليمين يحظى بتأييد واسع في الأوساط الشبابية الإسرائيلية في ظاهرة تؤشر على تعمق التطرف في «المجتمع الإسرائيلي» بصورة عمودية وافقية.
والسؤال المهم هنا ماذا يعني كل هذا؟ وما هي مخاطره على الأردن وفلسطين معا؟
لا أعتقد أن دولة الدكتور عبد السلام المجالي عندما وقع اتفاق السلام في وادي عربة عام 1994 وصرح وقتها قائلا «لقد كفنا الوطن البديل»، كان يمكن أن يذهب به الخيال ليتصور مثل هذا المشهد داخل دولة الاحتلال، ولا أعتقد أنه قد تخيل أن رجلا مثل نتنياهو كان قادرا على تحويل «إسرائيل» إلى دولة «دينية متطرفة»، ولكن هذا الذي كان يبدو مستحيلا قبل 28 عاما ها هو يصبح واقعا اليوم!
في الجواب على السؤال السابق يمكن استخلاص ما يلي:
- سيعمل نتنياهو مدعوما بحكومة يمينية متطرفة وكنيست أكثر تطرفا على الاجهاز على ما تبقى من اتفاقيات مع الجانب الفلسطيني والضغط على السلطة الفلسطينية للدخول في حرب شرسة مع المقاومين من الشباب في الضفة الغربية.
- إن فائض التطرف الموجود في الشارع الإسرائيلي والكنيست والحكومة قد يذهب باتجاه محاولة الإجهاز على اتفاق السلام مع الأردن وإعادة إنتاج «مشروع الوطن البديل» بشكل أو بآخر وبخاصة إذا عاد الجمهوريون الحلفاء الحقيقيون لنتنياهو إلى الكونغرس في الانتخابات النصفية القادمة.
- علينا عدم استبعاد مسألة «التحرش القاسي» بحزب الله في لبنان بشأن موضوع اتفاق الغاز وترسيم الحدود البحرية الذي أنجزته إدارة بايدن، وهو تحرش إن تم قد يقود إلى حرب مع لبنان تنقل المنطقة برمتها إلى مرحلة «تأزيم» قاتلة في ظروف دولية صعبة ومشحونة في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا.
أعتقد أننا مدعوون للإسراع في إيجاد «خطة طوارئ سياسية» لمواجهة الخطر القادم مع نتنياهو والذي سيصبح كارثيا إن اكتمل بوصول دونالد ترمب أو من هو على نهجه إلى البيت الأبيض في عام 2024.