انتخابات أمريكا: عينك على البنفسجي والأخضر
بقلم: بشار جرار
النشرة الدولية –
صحيح أن الانتخابات الأمريكية سباق بين الأزرق (الديموقراطيين) والأحمر (الجمهوريين)، لكنها غالبا تحسم في الولايات وأحيانا في المقاطعات البنفسجية (خليط لوني الحزبين).
هنا في فيرجينيا، كانت مقاطعة واحدة في ضواحي العاصمة واشنطن، مقاطعة لاودين – وهي إحدى أغنى المقاطعات على مستوى البلاد- كانت سببا في تحول الولاية من الأزرق إلى الأحمر بانتخاب الحاكم الجمهوري المحافظ غلين يونكين.
هذه المقاطعة كانت حمراء فصارت بنفسجية قبل بضع سنين لأسباب اقتصاديةاجتماعية أو ما يوصف ب «الهجرة الداخلية»، حيث استقطبت لاودين للسكن الأسري كثيرا من الأثرياء والطبقة الوسطى العليا من العاملين في قطاعات تقنية المعلومات حتى صارت تزاحم مقاطعة ستيرلينغ المسماة ب «سيليكون فالي» فيرجينيا. معظم هؤلاء من المهاجرين -الجيل الأول أو الثاني- وغالبيتهم آسيويون، إضافة إلى أقلية متواضعة من العرب الأمريكيين.
سوء تقدير للموقف من قبل الهيئة التدريسية، تفاقم مع سوء تقدير للإدارة المدرسية ومجلس العلاقات المشرف عليها -وهو مجلس إدارة منتخب، مختلط بين أولياء أمور الطلبة والمعلمين (بي تي إيه)-أدى إلى مشادة فاشتباك بالأيدي بين أب وشرطي، أحدث ضجة إعلامية في الولاية سرعان ما تلقفتها ماكينة الحزب الجمهوري، فقامت بتصعيدها إلى المستوى الاتحادي بعد تحول تعاطف الأب المطرود من الاجتماع، وهو والد لطفلة تعرضت للاغتصاب من قبل طالب ظن أو زعم أنه متحوّل جنسيا! المدرسة لم تتخذ الإجراءات الرادعة، وزادت من الطين بلة عندما قامت بالتحريض على الوالد والأهالي المتعاطفين معه في تقريع المدرسة. صار الخطأ مركّبا وجسيما عندما استغل البعض الحادثة سياسيا، وحاول إقحام وزارة العدل الأمريكية بها ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، للتعامل مع بعض الأهالي «المحافظين» على أنهم ممن يشكلون خطرا يصل إلى حد اتهامهم بالعنصرية والتطرف لا بل و «الإرهاب المحلي»!
المشهد قد يعيد نفسه الآن في ولايات وازنة حاسمة انتخابيا كنيويورك وأريزونا وفلوريدا بانتخابات حكامها. تلك مسألة لا تحدث فارقا في غالبيتي مجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب)، لكنها ذات ثقل عام دالّ وكاشف على مجمل البلاد داخليا وخارجيا، كما لمسنا في التحدي الذي شكلته ولايتا تكساس وفلوريدا لإدارة الرئيس جو بايدن، فيما يخص ملفات كورونا، أمن الحدود والهجرة.. الاستياء مما يوصف بال «نيو ليبرالية» المتوحّشة ومحاولة إقحامها حتى في مناهج أطفال المرحلة الابتدائية المبكرة، دفعت بشريحتين متناميتين عدديا وانتخابيا، إلى الحزب الجمهوري وإلى يمينه أيضا: المرأة في الضواحي «سابيربيا» وهي كلمة مشتقة من ضاحية «سابيرب»، وأصوات الأميركيين ال «لاتينو» أو ال»هيسبانيكس» ومعظمهم من الكاثوليك، المحافظين اجتماعيا.
وما كان لأحداث متفرقة، تم رصدها على هواتف شهود عيان، ورفعها على منصات التواصل الاجتماعي،لتتحول إلى مواد برامج تلفزيونية ودعايات انتخابية مقروءة ومسموعة ومصورة، لولا «المارد» الأخضر..
بحسب مصادر إعلامية من الحزبين، بلغت قوة الأخضر في هذه الانتخابات وحدها- الانتخابات النصفية: أربعة وستة أعشار (الحزب الجمهوري) مقابل ثلاثة وتسعة أعشار (الحزب الديموقراطي). طبعا الرقم بالمليار دولار.. وعليه، أقر بأني مساهم -برقم متواضع للغاية لا يكاد يرى بالعين المجردة- في هذا الرقم المهول! وليس فقط المشاركة في تحديد نتائج انتخابات مجلس النواب التي تحددها منطقة إقامتي»البنفسجية» بضواحي واشنطن الجنوبية شطر فيرجينيا التي صارت ولاية حمراء (بحاكم جمهوري) مطلع العام الحالي..