حادث مروري يفضح سياسة تركيا: استمرار ترحيل اللاجئين السوريين قسراً
النشرة الدولية –
أربكت حادثة انقلاب حافلة كانت تُقل لاجئين سوريين من مدينة إسطنبول إلى مراكز الترحيل في المحافظات الجنوبية الشرقية، السلطات التركية، إذ أعطى الحادث المروري الذي وقع صباح الاثنين في ولاية سيواس، تأكيداً لا يمكن دحضه على وجود عمليات ترحيل لاجئين إلى الشمال السوري توصف ب”غير القانونية”.
وأسفر الحادث المروري عن مقتل سوريين اثنين، وإصابة آخرين بعضهم في حالة حرجة، يتلقون العلاج في المستشفيات التركية.
ووقعت الحادثة بعد أن خرجت الحافلة التي تقل 45 راكباً، منهم عناصر شرطة أتراك عن السيطرة، وفق مصادر تركية، مرجعة ذلك إلى سوء حالة الطرق نتيجة الأمطار.
وعمليات الترحيل التي تنفذها السلطات التركية تتم بشكل مستمر منذ أكثر من عام، وخاصة من مدينة إسطنبول حيث يتم توقيف كل لاجئ سوري مخالف لقانون “الحماية المؤقتة” ونقله إلى مراكز مؤقتة أقيمت في بعض الولايات التركية القريبة من الحدود السورية، تمهيداً لترحليه.
وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ترحيل السلطات التركية لمئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما نفته تركيا.
ووصفت دائرة الهجرة التركية تقرير المنظمة ب”الفاضح والبعيد عن الواقع”، مؤكدة أن “سوريا حالياً أحد البلدان التي يطبق عليها مبدأ عدم الإعادة القسرية، وأن السوريين الذين عادوا إليها فعلوا ذلك طوعاً”.
ويقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار غزوان قرنفل إن تركيا تقول إن ما يجري من ترحيل للسوريين هو في إطار “العودة الطوعية”، رغم أن الوضع في سوريا لا يسمح بهذه العودة.
ويضيف ل”المدن”، “اليوم هؤلاء اللاجئون الذين كانوا ضحايا للحادث المروي، هم ضحية منهجية تركيا، أي تجميع اللاجئين وإرسالهم بالحافلات إلى مراكز الترحيل نحو الشمال السوري”.
ووفق قرنفل، لا يُجيز قانون “الحماية المؤقتة” لتركيا ترحيل اللاجئين السوريين، لأن القانون يفرض وجود بلد ثالث لا يُشكل الترحيل إليه أي خطر على حياة اللاجئين.
وكان نائب وزير الداخلية التركية إسماعيل تشاتاكلي قد أكد الأحد، أن عدد السوريين الذين عادوا إلى مناطق شمال سوريا من تركيا بلغ 531 ألفاً و326 شخصاً، من أصل 3 ملايين و611 ألفاً و143 شخصاً سورياً.
لكن قرنفل شكك بهذه الأرقام قائلاً: “لا يمكن الحديث عن عودة طوعية، إلا إذا اعتبرنا أن عمليات الترحيل هذه طوعية”.
ويقول حقوقيون إن تركيا تتخذ ذرائع عديدة لترحيل اللاجئين السوريين، منها التنقل بين الولايات التركية من دون إذن سفر، وكذلك ارتكاب أي مخالفة جزائية، أو حتى القيام بنشر بعض المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، بحجة تهديد الأمن القومي.
كذلك ينتقد الحقوقيون غياب الجهات والمنظمات الحقوقية، إلا أن قرنفل يرفض الحديث عن غياب صوت المنظمات، ويقول: “كل المنظمات تتحدث وآخرها هيومن رايتس ووتش”، لكنه يلفت إلى غياب جهة رسمية تتولى مهمة متابعة أوضاع السوريين، بعيداً عن الائتلاف الذي “لا يمتلك من قراره شيء”، حسب تعبيره.
وتحت ضغط الشارع التركي، والخطاب العنصري المتصاعد ضد اللاجئين السوريين، وأيضاً بسبب الحسابات الانتخابية، تغيّر الموقف الرسمي التركي من قضية الوجود السوري، وبات أميل إلى ممارسة سياسة الضغط القصوى على اللاجئين لدفعهم إلى العودة.