عليان: «تاريخ الأرمن» يرصد وجودهم في الكويت … الإصدار من 5 فصول ومزود بصور للجالية
النشرة الدولية –
الجريدة –
أكد الكاتب حمزة عليان أن ما دفعه إلى إصدار «تاريخ الأرمن في الكويت» هو العلاقات الوطيدة التي تربطه بعدد من الشخصيات الأرمنية. شهد جناح «ذات السلاسل»، في معرض الكويت الدولي للكتاب بدورته الـ 45، حفل توقيع الكاتب حمزة عليان كتابه «تاريخ الأرمن في الكويت»، بحضور جمع من الجالية الأرمنية، وعدد من المثقفين. وبهذه المناسبة، عبّر قنصل سفارة أرمينيا لدى الكويت آرا ماتيفوسيان، عن سعادته بإصدار كتاب يخصّ تاريخ الأرمن في الكويت، لافتاً إلى أن الكتاب ذو أهمية، مقدّراً الجهد الدؤوب الذي قام به عليان. أما المطران غطاس هزيم، فقال إنه يفتخر ويعتز بصداقة عليان، وعلّق قائلاً: «ما في شك أن هذا الكتاب يعتبر مهماً جداً، لأنّه وثّق تاريخ الأرمن الذين عاشوا في الكويت في الماضي حتى اليوم».
وأشاد هزيم بجهود عليان في كتب التوثيق، وبيّن أن لديه مجموعة من الكتب التوثيقية التي وصفها بأنها قيّمة ونصح باقتنائها، ومنها «المسيحيون في الكويت». شخصيات أرمنية وفي الإصدار كتب عليان بمقدّمته: بعد إصداري كتابين عن «المسيحيين في الكويت» عام 2015، و«اليهود في الكويت» 2013، راودتني فكرة كتاب عن الأرمن في الكويت، مرت الأيام وكنت على الدوام أسعى للقاء شخصيات أرمنية للتعرّف على أحوال الجالية والكنيسة، أقمت علاقات طيبة مع مطارنة الأرمن، وبالأخص المطران ماسيس زوبويان، ورجال الدين، وعدد آخر من رجال الأعمال وأبناء الجالية الذين يعيشون في الكويت. وجدت تشجيعاً من صديقي د. هشام العوضي الذي أعد كتاباً عن «تاريخ العبيد في الخليج» وكان يحثني على عمل أبحاث وكتب عن التاريخ الاجتماعي للأقليات العرقية والدينية في المنطقة، وكنت على تواصل مع الصديق سعود عبدالعزيز المنصور، القائم على دار ذات السلاسل للنشر والتوزيع، واستمزاج رأيه، لاسيما أن الدار كانت هي الناشر لمعظم كتبي، ومنها كتابا «المسيحيون في الكويت» و»اليهود بالكويت». جهود متواصلة وتابع عليان «ما دفعني إلى إصدار هذا الكتاب، وبحكم الصلة والثقة بعدد من الشخصيات الأرمنية، والتي جمعتنا بهم أحداث عصفت بتاريخ وجودهم في بلادهم الأصلية وبوجودهم في لبنان والكويت إلى أن جاءت هذه «الولادة» بعد جلسات ولقاءات تمت في الكنيسة الأرمنية الجديدة في منطقة سلوى عام 2021 مع سيادة المطران الشاب بدروس مانوئيليان، والأب أرداك كهيايان، وكانا من الداعمين والمؤازرين لي في ترتيب عدة لقاءات مع عدد من أبناء وسيدات الجالية، وتوفير مواد وصور ووثائق بذل فيها أبونا أرداك جهوداً متواصلة. بعد ذلك، وفي الأشهر الأولى لعام 2021 ابتدأ المشوار، فعقدنا أكثر من جلسة، وشكلنا لجنة للمساعدة بإشراف ومباركة من المطران بيدروس، وكذلك الأب أرداك، وضمّت عدداً من وجوه الجالية، ومن العاملين في المدرسة الأرمنية، وهم السادة: الأب أرداك كهيايان، وأوهانيس سيروبيان، ونوارت ياغلجيان، وجان مومجيان، وكارو أرسلانيان». فكرة الكتاب وذكر عليان أن رفيقه في المشوار،على الدوام، كان أبونا أرداك، الذي لازمه على طول الخط، بزيارة مقبرة المسيحيين في منطقة الصليبيخات، والوقوف على أحوال الأرمن فيها، إلى ترتيب مواعيد الشخصيات الأرمنية التي التقيناها في مبنى الكنيسة، إلى مرحلة تجميع وتوفير الصور التاريخية والحديثة. وقال: «بذل أعضاء اللجنة جهوداً مشكورة؛ سواء بالترجمة من اللغة الأرمنية إلى اللغة العربية، أو بتصحيح وتوضيح المعلومات التاريخية الخاصة بالأرمن، وبحثت في عدة مصادر، وراجعت وقرأت العديد من الكتب والموضوعات والأبحاث الأكاديمية والتقارير الصحافية ذات الصلة، التي تخدم فكرة الكتاب، وأعطينا الأولوية لتسجيل روايات من أبناء الجالية عن بدايات الهجرة وأسباب اختيار الكويت والأماكن التي سكنوا بها والمهن والوظائف التي عملوا فيها. بقي الموضوعان أو الركيزتان اللتان يقوم عليها الكتاب والخاصة بتاريخ المدرسة والكنيسة، فهما حجز الزاوية بتأطير أبناء الجالية، من حيث التعليم أولاً، ومن حيث الملتقى الروحي لهم ثانياً، وهو ما بذلنا فيه جهوداً مضاعفة، حيث نغطي كل المراحل الزمنية». مركّز وسريع وقال عليان: «ابتعدنا عن الإطار السياسي لملف الأرمن، وركّزنا على الجوانب الاجتماعية والحياتية وظروف الهجرات، وتطرّقنا بشكل مركّز وسريع إلى تاريخ العلاقة الدبلوماسية بين الكويت وأرمينيا من باب الإحاطة بالموضوع. وتوقفنا عند اللغة الأرمنية، وهي التي حفظت هوية هذا الشعب وتماسكه في وجه التحديات التي واجهته منذ هجرته الكبرى بعد مجازر 1915 التي تعرّض لها». غلاف الإصدار وأضاف: «كتاب الأرمن في الكويت يبحث ويجيب عن تاريخ وجود هذه الجالية منذ الأربعينيات من القرن الماضي في دولة احتضنتهم وأحبوها بقدر ما كانت مساحة رحبة لحرية الأديان، وهو أول كتاب يستعرض تاريخ هذه الجالية في الكويت باللغة العربية». وتابع: «انتهيت من الإعداد والكتابة والمراجعة بنهاية عام 2021، لكن لظروف لها علاقة بتوقّف الأنشطة الثقافية في ظل انتشار جائحة كورونا، خاصة عدم افتتاح معرض الكويت الدولي وعلى مدى 3 سنوات، لم تكن الفرصة مناسبة للطباعة والتوزيع، ومن ثم عرضه وتسويقه في منافذ البيع المعروفة كالمكتبات وغيرها، لذلك جاءت الطباعة والنشر أواخر العام الحالي». الهجرات الأرمنية ويرصد المؤلف علاقة الأرمن بالكويت، ويقول ضمن هذا السياق: «تعود إلى عام 1778، ومن بوابة البصرة، حينما أرسلت وزارة البحرية الفرنسية في 3 أغسطس 1778 الضابط بوريل دي بورغ حاملاً رسائل مكتوبة بالشيفرة لنقلها إلى بوندي شيري عاصمة الهند الفرنسية، وغادرها عن طريق ميناء مارسيليا إلى مرفأ اللاذقية، ومنها إلى حلب ثم البصرة عن طريق البر، والتي قطعها بقافلة مكونة من 25 شخصاً هاجمهم خلالها قطّاع الطرق، وأصيب فيها الضابط ووقع أسيراً، لكنّه استطاع إقناع المهاجمين بأخذه إلى الكويت مقابل 100 جنيه إسترليني، في حينه صادف وجود تاجر أرمني، استدان منه المبلغ وأعطاه رسالة إلى القنصل الفرنسي في البصرة، ويدعى روسو، ليسدد المبلغ، وبالفعل وصل هذا الضابط إلى الكويت وطلب الحماية من الحاكم الشيخ صباح، وأعطاه الأمان وحلّ بضيافته. ويضيف: «هذه الواقعة إن دلّت على شيء، فإنها تدل على مدى الثقة بالإنسان الأرمني الذي كان له دور في إنقاذ حياة الضابط الفرنسي وإقامة العلاقة التاريخية بين الكويت وفرنسا. وقد تجددت هذه العلاقة أثناء حكم الشيخ مبارك الكبير، حيث تمت الاستعانة بمترجم أرمني كان يعمل وكيلاً لشركة بواخر في الكويت، ويسكن في قصر الشيخ مبارك، حيث كان يقوم بالترجمة إلى اللغة الفرنسية بين الشيخ مبارك وقباطنة السفن الروسية، ومنها المدمرة إسكولد، التي زارت الكويت في نوفمبر 1902. المدرسة الأرمنية وفي فصل آخر من الإصدار، يوضّح المؤلف أن أول مدرسة أرمنية أسست في منطقة شرق، وكانت الحاجة إلى وجود مدرسة أرمنية قد تزامنت مع الحاجة إلى كنيسة، كان ذلك أواخر الخمسينيات، في الوقت الذي بدأت أعداد العائلات تزداد تباعاً، عندها بدأ التفكير جدياً في التأسيس، ليتنادى كبار أبناء الجالية عاقدين العزم على أن يروا أبناءهم وقد تخرّجوا في هذه المدرسة. من هنا كانت البداية، إذ انعقد أول مجلس من خيرة رجالات الجالية، وكان ذلك عام 1960 واتفقوا فيما بينهم على تأسيس أول مدرسة أرمنية في الكويت، وشاءت الأقدار أن يتزامن الحدث مع أول احتفالات تقام ابتهاجاً باستقلال الكويت، وبجهود أبناء الجالية من التجار والعاملين هنا، وبدعم خاص من الشيخ عبدالله الجابر الصباح (رئيس دائرة المعارف آنذاك)، وتبرعه بـ 5 آلاف روبية، افتتحت المدرسة عام 1960 برعايته، باسم المدرسة العربية الأرمنية، وكان موقعها في بناء متواضع بمنطقة شرق في العاصمة. وكانت أول سنة دراسية عام (1960- 1961)، والتحق فيها أطفال الأرمن، وكانت صفوفها لا تتعدى الثالث الابتدائي، إضافة إلى صفوف الروضة، وبعدد من التلاميذ لا يتجاوز الـ 85 طالباً أرمنياً، ونالت المدرسة ترخيصاً رسمياً من الدولة، في الوقت الذي شرعت المدارس العربية الأهلية في الحصول على مقارّ ورخص، وكان ذلك عام 1959، وكانت تتبع إدارة التعليم الخاص في وزارة التربية.