اعتذار واعتراف وشكر لعطاالله
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

كتب شيخ الكتاب، الزميل «سمير عطا الله»، الكبير عمرا ومقاما، مقالا في الشرق الأوسط (25/‏11) عن شخصي المتواضع، ذكر فيه: من خلال مؤشر القبس اليومي لكتّابها المتعلق بالمقالات الأكثر قراءة، يبدو أن الأستاذ أحمد الصراف يأتي دائماً في المراتب الأولى. والموضوع شبه الدائم إلا نادراً، عند الصراف، هو الكويت. ويغلب على زاويته النقد والمحاسبة وقلما تلمح مديحاً. ولذا خصومه كثيرون ومحترموه أغلبية كبرى. ولا يخلو الأمر من أعداء يشير إليهم باستمرار هم «الإخوان المسلمون» والفئات الموازية!

جاء الصراف من عالم المصارف (الجناس مجرد مصادفة) إلى الصحافة، مزوداً بخبرة كبرى في الاقتصاد وأوضاع البلاد والقوانين العامة، وكلف نفسه المهمة التي تعرف في الصحف الغربية بـ«أمين المظالم»، أو الرقيب على المخالفات باسم الناس. ولا يتعب، أو يكل، أو يمل، أو يهادن. وغالباً ما يغني نقده بالمقارنات مع بلاد الآخرين وشعوبها. وأعتقد أنه رجل بلا أصدقاء بين العاملين في الشأن العام. وفي حالات قليلة جداً يخرج من الهواجس المحلية إلى الفضاء الثقافي، وأيضاً يجلي.. إلى آخر المقال.

تعمدت اقتطاع الجزء أعلاه من مقال الأستاذ سمير لأبين الأمور التالية:

  1. عدد قراء أية صحيفة أو أي مقال ليس مقياسا على الجودة في عالم الصحافة بشكل عام. فمبيعات صحف «التابلويد» مقارنة بالصحف الرصينة أكبر وإيراداتها أعلى، ولكن تأثير الرصينة على متخذ القرار أقوى. وعلى من يصدر صحيفة أو يكتب مقالا أن يختار أحد الأمرين، ونادرا ما يوفق أو يحصل عليهما معا، أي الربح والتأثير!
  2. لم تكن موضوعات مقالاتي محلية في الغالب، ولكنها اتجهت نحوها بطريقة لاشعورية، وغالبا بحكم تردي أوضاع وطني السياسية والاقتصادية، وضرورة المشاركة في تسليط الضوء عليها، وكشف الفساد والمتلاعبين، وخاصة من المتسترين بعباءة الأحزاب الدينية، ولا أعتقد أنني وغيري أثّرنا كثيرا على متخذ القرار، على الأقل في الجزئية المتعلقة بإصرار الحكومة على احتضان ممثلي التيارات المتخلفة.
  3. ما ذكره الزميل عطالله من أن خصومي كثير صحيح، فقد نالني عدد لا بأس به من قضايا الرأي، وكسبت عداوات غيرهم، وبينهم من رفض وشركاته التعامل معي تجاريا.
  4. يقول الزميل العزيز بأنني كلفت المهمة نفسها التي تعرف في الصحف الغربية بـ«أمين المظالم»، أو الرقيب على المخالفات باسم الناس، وأنني لم أتعب أو أكلّ، أو أملّ أو أهادن، وهذا جعلني رجلا بلا أصدقاء بين العاملين في الشأن العام! وهذا صحيح، ولكني لم أفكر يوما بأن أكلف نفسي مهمة «أمين المظالم»، مع اعترافي بأنني أدافع، وغالبا وحيدا، عن فئات لا يود الآخرون الاقتراب منها.

وأخيرا، لدي اعتراف قد لا يرضي البعض من زملائي، وهو تجنبي عمداً قراءة غالبية الزوايا، ليس ترفعاً بالطبع، فبينهم من يبزونني فهماً وفكراً وانتشاراً، ولكن بسبب طبعي، فإنني غالباً ما أتفاعل مع ما أقرأ، وأجنح للرد على ما يعجبني أو لا يعجبني، وهذا يتعبني نفسياً من جهة، ويكسبني عداوات أنا في غنى عنها، كما يؤخر الرد عليها في نشر مقالاتي التي تتراكم أحياناً لدى محرر القبس.

الوحيد الذي أحرص على قراءة كل ما يكتب هو الزميل «سمير عطا الله»، الذي تعرفت إليه للمرة الأولى قبل نصف قرن تقريباً، في بيت الزميل الراحل عبدالله الشيتي، ولا أعتقد أنه يتذكر ذلك، وسبب حرصي على قراءة مقالاته سلاستها، وما تتضمنه من كم المعلومات والأهم من ذلك اتفاقنا، في الغالب الأعم، في الرأي على موضوعات حساسة كثيرة، وبالتالي لا يدفعني للتناحر غير المجدي معه، لأن أفكارنا وفهمنا للأمور متقاربان جداً، فشكراً له.

زر الذهاب إلى الأعلى