الفيلسوف جبارة يستقريء المستقبل الأوروبي قبل سنوات
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
كتب الفيلسوف أسامة جبارة في كتابه “حنين الروح”: ” سيشهد العالم في المستقبل القريب نهاية الوحدة الأوروبية بعد ان استيقظ الطمع والمصالح الضيقة فحرك مشاعر وطنية على حساب الحُلم الأوروبي بالوحدة”، وهذا أمر لمسناه وشاهدناه خلال جائحة كورونا وذهاب كل دولة في طريق بحثاً عن مصالحها الخاصة للحفاظ على حياة شعبها، وتزايد هذا البعد خلال الحرب الروسية الأوكرانية الحالية، وفشلت القارة في اتخاذ قرار موحد دون وجود اعتراضات ويحول دون خروج عن اتفاق الدول الكبرى.
ثم جاء الانقسام الكبير بسبب مواقف شطري القارة بخصوص الحرب الأوكرانية الروسية، وذهاب كل منها في اتجاه مغاير وقيام كل مجموعة بالحشد السياسي والعسكري لطرف من المتقاتلين، وأخذت قضية الطاقة حيز كبير من المفاوضات بين الدول على أمل الضغط على روسيا، لكن تضارب المصالح وتنوع الحاجات جعل ألمانيا تتخذ موقف مغاير وطالبت بتأجيل القرار، ثم تطورت الخلافات بين الدول لعدم قدرتها على ايجاد صيغة موحدة في التعامل مع موسكو، كما صدرت الموافقة بتحديد سعر بيع النفط الروسي بسعر أقل من السعر العالمي وإصرار موسكو على بيع نفطها وغازها بالروبل، وهو أمر شجعته بعض الدول ورفضته الأغلبية حتى لا تتضرر مصالحها، ويتوقع الكاتب الفيلسوف جبارة أن تنتقل هذه الخلافات لعديد القضايا الدولية بعد زيادة حجم الأنا لكل دولة في القارة العجوز.
القضية الكُبرى التي تواجهها الدول الأوروبية تتمثل بتراجع إمداد الغاز الروسي مع تهديد فعلي بتوقفه كلياً، وهنا ستكون الكارثة الكبرى في ظل توقعات بشتاء قارس، مما يؤهل الدول الأوروبية للمزيد من الفرقة لاختلاف حاجات الغاز ما بين الصناعة والتدفئة، مما يعني ان هناك دول ستنال حصة أكبر من غيرها وبالتالي سيكون دعم الاقتصاد على حساب دعم الحياة البشرية، وهذا يؤشر إلى ما ذهب إليه الفيلسوف جبارة بأن الطمع سيحدد أولويات وقرارات الدول بشكل منفرد، وهو ما يؤشر لعودة أوروبا لعهدها التنافسي القديم وقد تقود العالم لحرب ثالثة كبرى.
“حنين الروح” و” رؤى في الفكر الخلدوني” كتابان خطهما الكاتب أسامة جبارة يحملان في ثناياهما فلسفة ورؤى عميقة للمستقبل القريب والبعيد، مما يجعلهما إضافة نوعية للمكتبة العربية والعالمية، وفيهما رؤى استشرافية كبيرة وواسعة لهموم العالم وقضاياه المستقبلية.