الإبداع بين الدراسة الأكاديمية والموهبة
بقلم: بدر الأستاد
النشرة الدولية –
نقد وأدب مسرحي – الكويت
عروض المهرجانات المحلية في معظمها يخرجها ويمثلها طلبة وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية في دولة الكويت، أي أنهم متخصصون ودرسوا الفنون المسرحيه لأربع سنوات متواصلة من خلال دراسة النظريات وتطبيقات الإخراج المسرحي ، ورغم علمي بأنه لا يوجد عمل من دون ملاحظات ، لكن هناك بعض الملاحظات الواضحة والمتعارف عليها ، حتى بدأت أتساءل أحيانا كيف تخرّج هذا الفنان من المعهد..؟!
لكن في أحد المهرجانات حضرت عرضا للمخرج بدر الشعيبي بعنوان (الساعة التاسعة) للكاتبة مريم نصير، وبالطبع فإنني طرحت عدة تساؤلات قبل العرض ضمن ما يسمي بأفق التوقع من خلال السيرة الذاتية لآصحاب العمل ، وحقيقة كون المخرج لم يدرس في المعهد ومعظم أعماله أخرجها لمسرح الطفل فكان من المتوقع أن أشاهد مسرحية أطفال أو متأثرة بمسرحيات الأطفال.
حين بدأ العرض وجدته فلسفيا حيث طرح عدة أسئلة عبثية ، وهذا المذهب من وجهة نظري يقدمه الكثير من المخرجين وبعضهم ربما حتى يثبتوا قدراتهم الإخراجية ، لكن غالبيتهم يقعون في الفخ ، وبدلا من أن يكونوا مخرجين قادرين أن يمسكوا بزمام العمل ، يصبح العرض كالسبحة حينما تنفرط حباتها.
أما في عرض (الساعة التاسعة) ومنذ الوهله الأولى إلى نهاية العرض وأنا أتساءل كيف استطاع بدر الشعيبي أن يخرج هذا النوع من العمل المسرحي وهو منذ بداية انطلاقته لا يخرج إلا مسرحيات الطفل..!!
الشيء المهم بالنسبة لأي مخرج هو الإيقاع المسرحي وهو أول ما فكرت فيه كمتفرج وسألت نفسي ، كيف لهذا المخرج أن يجعل الإيقاع بهذا التماسك طوال العرض؟ هذا يؤكد بأننا أمام مخرج مسيطر استطاع أن يخلق روح الإبدع في العرض المسرحي دون أن يكون بحاجة لدراسة هذا الفن.
وحين نعود إلى بدايات المسرح نجد أنها كانت طقوس دينيه عند الإغريق وأن أول الكتاب كانوا أيسخليوس وسوفوكليس ويوربيدس الذين ظلت أعمالهم حية إلى الآن … كيف..؟؟ هل تعلموا الكتابة المسرحية؟ أم أبدعوا دون دراسة؟ ومع تطور العصور دخل شكسبير وغيره من الكتاب والمبدعين الذين لم يدرسوا المسرح.. ولكن أحبوا ما يعملون حتى استطاعوا أن يبدعوا..؟؟
عموما.. أنا لست ضد الدراسة ولا أحد بالتاكيد ولكن الإبداع هو الأساس ، فهناك عدة فنانين مبدعين رغم أنهم لم يدرسوا الفن ، كما أن هناك فنانين قرأوا وثقفوا أنفسهم في هذا المجال فأضاف لهم الكثير. وهناك من استطاع أن يستفيد من دراسته في صقل موهبته.
لو راجعنا معظم السير الذاتيه لمعظم المبدعين والمخترعين لوجدنا بأنهم لم يدرسوا في مجال عملهم ولكن هناك شيء يجمعهم وهو الإبداع والفكر. والعكس صحيح فهناك الكثير من درس وحصل على مؤهلات عليا ولكن أجزم بآنهم لا يفقهون شيئا بالفن لأنهم مجرد ببغاوات يكررون ما يقرؤونة ولكن حينما تسألهم عن صلب الموضوع يقفون كالجماد لا ينطقون بحرف.