بابا نويل فلسطيني يضفي الفرح على القدس المحتلة

النشرة الدولية –

في الحيّ المسيحيّ في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، يتجوّل القائد السابق لفريق كرة السلة الفلسطيني عيسى قسيسية بزيّ أحمر ولحية بيضاء طويلة؛ مؤديًا دور بابا نويل بشكل احتفاليّ وناشرًا الفرح من حوله.

 

في كانون الأول/ديسمبر من كل عام، تتألق شوارع الحي المسيحي بأضواء خضراء وحمراء، مع وصول الحجّاج المسيحيّين وغيرهم للاحتفال بعيد الميلاد في القدس الشرقية التي احتلّتها إسرائيل وضمّتها إليها عام 1967. ولا تسمح بلدية القدس الإسرائيلية إلا بتزيين الباب الجديد، أحد الأبواب السبعة للقدس القديمة.

 

قبل سبع سنوات، حوّل عيسى الذي يتمتع بقامة فارعة وهو “الوحيد المُعتمَد” لتأدية هذا الدور وفق قوله، الطبقة الأرضية من منزله القديم المشيّد منذ أكثر من 700 عام، إلى مخزن للحلوى والنبيذ، وباتت العائلات تصطفّ في طابور؛ لتفرّح قلوب أطفالها برؤية بابا نويل.

 

مستقبلًا أول زوّار الموسم، يقول عيسى (38 عامًا) لوكالة فرانس برس: “لدينا ديانات كثيرة هنا في القدس. يأتي مسلمون ومسيحيّون ويهود إلى منزلي وأفتح ذراعيَّ للجميع”.

 

وكانت من بين الزوّار مجموعة من السيّاح الإسرائيليّين وكاهنان بارَكا الافتتاح بالصلاة باللغتَين العربيّة والآرامية القديمة، لغة المسيح.

 

– “لا أعد بشيء” –

 

يبلغ طول قسيسية مترًا وتسعين سنتيمترًا، ويبدو كالنخلة أمام الأطفال، ومن بينهم مروة وهي فلسطينيّة مسلمة تبلغ ثمانية أعوام. وتقول الطفلة لفرانس برس مبتسمة: “أنا لستُ مسيحيّة، لكنّي أحبّ بابا نويل… لدينا شجرة (عيد الميلاد) في المنزل أيضا”.

 

يصطفّ أطفال من جنسيات مختلفة للجلوس في حضن بابا نويل.

 

تنتظر الأميركية أليسون بارغيتر (52 عاما) دورها، مع أطفالها. وتؤكد لفرانس برس “من المهمّ أن يستمتع أطفالنا. نريدهم أيضا أن يعرفوا القصّة الحقيقيّة وراء عيد الميلاد”.

 

وتضمّ البلدة القديمة بمدينة القدس كنيسة القيامة التي تحتوي على القبر المقدس، أي مكان دفن المسيح بحسب المعتقدات المسيحية، في حين أنّ ولادة السيّد المسيح جرت في مدينة بيت لحم.

 

وأوضح بابا نويل الفلسطيني أنّ زوّاره الشباب لديهم اهتمامات عصريّة أيضًا.

 

وقال ضاحكًا “كلّ طفل يطلب منّي هاتف آي فون” مضيفًا “لا أعد بشيء لكنّي أقول ‘دعنا نُصلّي، وإذا كنتَ ضمن لائحتي للأطفال الجيّدين، فسوف تحصل عليها‘”.

 

– دراسات بابا نويل –

 

عندما كان عيسى قسيسية طفلًا، كان والده يرتدي زيّ بابا نويل من أجله، ومن أجل شقيقتيه. قبل خمسة عشر عامًا، وجد بدلة والده المخمليّة الحمراء وقرّر ارتداءها لإحياء هذا التقليد.

 

إلا أنّه لم يكتفِ بذلك. فقد درس في كلية “سانتا كلوز” (التسمية الإنجليزية لبابا نويل) في ولاية كولورادو الأميركيّة، وحضر “مؤتمر سانتا كلوز العالمي” في الدنمارك.

 

كما يعرض عيسى بفخر شهادة من كلية “تشارلز دبليو هوارد سانتا كلوز” الأميركية الشهيرة في ميشيغان ويقول، إنّ هذه الشهادات التي يحملها والتدريبات التي تلقّاها تجعله “بابا نويل الوحيد المعتمد في القدس”.

 

ويدرك بابا نويل الفلسطيني تمامًا حساسيّات المدينة ويتعايش مع هويّاتها المعقّدة.

 

بالإضافة إلى أهمّية المدينة بالنسبة للمسيحيّين، فإنّ البلدة القديمة هي موطن لمواقع يُقدّسها اليهود والمسلمون. وعلى مدى عقود، شكّلت نقطة توتّر في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

 

واعتبر عيسى من قبوه أن “نقل رسالة المحبّة والسلام من القدس هو أمر مميّز، إذ إنّها قلب العالم”.

 

وأضاف قسيسية الذي يتقصّد تجنّب الخوض في السياسة “عندما يحل السلام في القدس، سيحلّ السلام في العالم”.

 

بالنسبة إلى المقدسي، فإنّ سرّ أن يكون المرء بابا نويل صالحًا يتمثّل في أن يتمتّع بالبساطة، وأن “يعطي دومًا إجابات لأسئلة الأطفال”.

زر الذهاب إلى الأعلى