هل تنجح إيران في “امتصاص غضب” المتظاهرين بعد إلغاء شرطة الأخلاق؟

النشرة الدولية –

بعد 15 عاما على تأسيسها في عهد الرئيس الأسبق المتشدد، محمود أحمدي نجاد، ألغت السلطات الإيرانية شرطة الأخلاق التي تتهم بأنها وراء وفاة الشابة، مهسا أميني.

وقال المدعي العام في إيران، محمد جعفر منتظري، مساء السبت، في مدينة قم المقدسة لدى الشيعة إن “شرطة الأخلاق ليس لها علاقة بالقضاء وألغاها من أنشأها”.

كان المدعي العام يرد خلال مؤتمر ديني، على سؤال طرحه عن سبب “إغلاق شرطة الأخلاق”.

ويأتي القرار بعد يوم واحد من إعلان منتظري نفسه أن البرلمان والسلطة القضائية في إيران تجريان مراجعة لقانون إلزامية ارتداء النساء لحجاب الرأس بالأماكن العامة.

وبينما يرى معارضون أن إلغاء شرطة الأخلاق يمثل الحد الأدنى من مطالب المتظاهرين وجاءت بهدف “امتصاص الغضب”، يقول محللون من إيران أن إلغاء هذه المؤسسة الأمنية من صلاحيات المرشد الأعلى.

يؤكد المحلل السياسي المتخصص بالشؤون الإيرانية، مسعود الفك، أن “عدم الالتزام بالحجاب أصبح أمرا مفروضا منذ انطلاق هذه الانتفاضة والنظام قبل به بحكم الأمر الواقع”.

عادت “شرطة الأخلاق” الإيرانية وانتهاكاتها لتهزالمجتمع الإيراني بعد وفاة شابة أثناء احتجازها في طهران بعد أن وجدت عناصرها أنها كانت ترتدي الحجاب “بطريقة خاطئة”.

وقال لموقع “الحرة” إن “النظام (الإيراني) من خلال إلغاء شرطة الاخلاق يحاول إلقاء اللوم على جهة غير مسؤولة عن السياسة ولا تعتبر رمز من رموز النظام، وبهذه الطريقة تبعد المسؤولية عن كبار المسؤولين والمرشد الأعلى”.

وتمّ إنشاء شرطة الأخلاق التي تعرف محليا باسم “كشت ارشاد” (دوريات الإرشاد) من أجل “نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب”.

وتضم هذه المؤسسة الأمنية رجالا يرتدون بزات خضراء ونساء يرتدين التشادور. وبدأت هذه الوحدة دورياتها الأولى في عام 2006.

ومنذ منتصف سبتمبر، تهز إيران احتجاجات عنيفة بعد وفاة الشابة المنحدرة من أصول كردية، مهسا أميني، 22 عاما، عقب 3 أيام من اعتقالها لدى شرطة الأخلاق في طهران بسبب عدم الالتزام بقواعد اللباس الإسلامي الصارمة في البلاد.

واتهمت عائلتها أفراد من شرطة الأخلاق بضربها على الرأس أثناء نقلها في السيارة لمركز التوقيف الذي وقعت فيه وتم نقلها للمستشفى لاحقا، في حين تقول السلطات إن وفاتها كانت طبيعية.

وقال الفك إن السلطات الإيرانية تحاول “امتصاص غضب الشارع والتهرب من التزامات حقيقية أخرى ليس مرتبطة بالحجاب فقط، ولكن بمسألة الوضع الاقتصادي المتردي في إيران والحقوق السياسية والاجتماعية”.

وأضاف: “نحتاج للتغيير بشكل جذري في كثير من الأمور الأخرى حتى يصبح المجتمع (الإيراني) طبيعيا”. وأشار إلى أن الاحتجاجات التي أعقبت وفاة أميني جاءت بسبب “المطالب المتراكمة” طوال 4 عقود والتي لم يجد لها النظام حل.

وتشمل القواعد التي تفرضها شرطة الأخلاق تغطية الرأس إلى أقصى حد ممكن، وارتداء ملابس فضفاضة خاصة في حرارة الصيف، وتطال إجراءاتها أيضا الرجال بتسريحات شعر ترى أنها “غربية”.

وبموجب القانون الإيراني، يحق لعناصر شرطة الأخلاق توجيه الاتهامات وفرض غرامات أو حتى اعتقال من تعتقد أنهن يخالفن “القواعد”.

قانون “على الورق”

المحلل السياسي، حسين رويران، استبعد أن يكون إلغاء شرطة الأخلاق “صحيحا”، قائلا لموقع “الحرة” من طهران، إن إلغاء هذه المؤسسة الأمنية من صلاحية المرشد الأعلى، علي خامنئي، على اعتبار أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وأضاف: “لا يمكن للمدعي العام أن يتدخل في عمل المؤسسات الأمنية أو أن يقوم بحل أي فصيل أمني … هذا الكلام لا يتطابق مع العرف القانوني في إيران”.

ومع ذلك، أقر رويران بأن هناك “برامج لإعادة النظر في عمل هذه المؤسسات، ولكن حتى الآن لم يتخذ أي قرار”.

ويجري البرلمان والسلطة القضائية في إيران مراجعة للقانون الذي يفرض على النساء وضع غطاء للرأس والذي أطلق شرارة احتجاجات دامية تشهدها البلاد منذ أكثر من شهرين، وفق ما أعلن المدعي العام.

في مدينة قم، قال المدعي العام منتظري، السبت، إن “البرلمان والسلطة القضائية يعملان (على هذه القضية)”، في إشارة إلى تحديد ما إذا القانون يحتاج إلى تعديل.

وقال رويران إن “مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الرسمي) يستطيع أن يقترح قوانين ويصوت عليها وعلى الدولة أو المؤسسات العمل بها باعتبار أن المجلس يمثل روح الأمة ويستطيع التشريع”

وأشار رويران إلى أن قانون الحجاب “على الورق فقط”، مردفا: “في الحياة العامة لم يكن الحجاب الإسلامي بمفهومه مفروض على المجتمع بعكس الاحتشام”.

وتابع: “هناك نساء يظهرن جزء من شعرهن وهذا أمر موجود دون أن يتم اعتقالهن أو أي شيء من هذا القبيل … ليس معنى ذلك أن شرطة الإرشاد لم تعتقل أحدا، بل تعتقل من لبسه فاضح جدا، ولكن بشكل عام عدم ارتداء الحجاب الإسلامي موجود”.

من جانبه، قال الفك إنه على الرغم من قرار إلغاء شرطة الأخلاق الذي يمثل “الحد الأدنى من مطالب المحتجين، إلا أنه لن يوقف التظاهرات في إيران”.

Back to top button