أين الفيحاء.. والهضبة السورية؟!
بقلم: صالح القلاب
النشرة الدولية –
لم يكن متوقعاًّ أن تصل الأوضاع السورية إلى ما وصلت إليه وحيث أنّ التقارير المتداولة تشير إلى أنّ غالبية السوريين قد باتت تحت خط الفقر.. ويقيناً أنّ المشكلة هنا ليست أنّ هناك حرباً قد أنهكت الإقتصاد السوري ومقدراته.. لا بل أنّ السلب والنهب وإنهيار الدولة السورية كدولة هو الذي أدى إلى هذا كله.. وهناك من يقول: أنّ القادم سيكون أسوأ.. وحقيقة أنه لم يعد هناك ما هو أسوأ من هذا الواقع!!.
والسؤال، ونحن نتابع أوضاع القطر العربي السوري.. الذي هو لم يعد لا “قُطراً” ولا سورياًّ.. إلى أين تسير الأمور يا ترى في هذا البلد العربي الذي كان يفيض عسلاً ولبناً.. وما هي الأوضاع التي أوصلت هذا البلد العظيم إلى ما وصل إليه.
وهنا فإنّ المشكلة ليست في العدو الصهيوني الذي لم يستطع أن يقطف ولا سنبلةً واحدةً من مروج حوران.. ولا من كل هذه المرابع السورية التي كانت تغمر هذه المنطقة كلها بنعم الله.. وحيث أنّ دمشق قد كانت عاصمة العرب كلهم وكانت تشد إليها الرحال عندما كانت القوافل تتقاطر إليها من الشرق والغرب ومن كل إتجاه ومجال.
والسؤال هو كيف صار هذا وكيف حصل يا ترى؟.. وهنا فإن العدو الصهيوني هو ليس السبب في هذه المأساة.. فالمأساة في حقيقة الأمر تكمن في إنهيار الدولة السورية.. وحيث أنها قد تعرضت في فترة قد كانت تحكم فيها بالحديد والنار إلى نهب وسلب.. وهذه مسألة يعرفها السوريون كلهم.. وسواء بالنسبة لهذه الأجيال .. أو الأجيال السابقة!!.
لقد كانت الرحال تشدُّ إلى دمشق من الشرق والغرب وكل مكان.. ويقيناً أنه لم يكن متوقعاً أن تصل سوريا العظيمة إلى كل هذا الإنهيار.. وأن تصل عاصمة الأمويين وعاصمة العرب كلهم إلى ما وصلت إليه.. وأن تكون هضبة الجولان التاريخية في كل هذه الأوضاع المأساوية التي لم تشهد مثلها حتى في عهد الإستعمار الفرنسي ولا في عهود سابقة.. وهذا حتى في مرحلة “تدهور” الدولة العثمانية.. التركية!!.
والسؤال هنا هو ما الذي حدث يا ترى وحيث أنّ الرئيس حافظ الأسد قد إنقلب على رفاقه.. ومن لم يتم التخلص منه.. أو منهم، فإن الشعب السوري العظيم حقا قد أصبح منتشراً في دنيا الله الواسعة .. وهذا واقع الحال وأكثر بعد كل هذه السنوات الطويلة.
وهنا فإننا لا نقول هذا إلّا لأن هذا البلد العظيم بلد العسل والسمن والخبز الوفير.. وبلد الخيرات والعطاء قد وصل إلى ما وصل إليه.. فهل هذا معقولاً يا ترى؟ وكيف أن عاصمة الأمويين قد وصلت إلى ما وصلت إليه؟!.
ويقيناً ورغم كل ما يقال أنّ الرئيس حافظ الأسد الذي تخلص من “رفاقه” وأودع من لم يقتله منهم زنازين المزة أو “التطفيش” المقصود.. وكانت النتيجة أن النهاية قد أصبحت هذه النهاية المحزنة وأن أهل هذا البلد الذي كان يفيض عسلاً ولبناً وخبزاً قد باتوا يفرون منه كالعصافير المذعورة.
والآن فإن هذا الذي من المفترض أنه يوجع قلوب العرب كلهم هو أنّ سوريا العظيمة قد وصلت إلى ما وصلت إليه وهو أن أهلها العظماء قد باتوا يطرقون أبواب دنيا الله الواسعة.. والسؤال الذي يوجع القلوب بالفعل هو: أين هي سوريا يا ترى؟! وأين هي دمشق .. ولماذا هضبة الجولان لا تزال محتلة؟!.
والمؤكد في النهاية أنّ حركة التاريخ لا يمكن أن تتوقف.. وأن سوريا ستعود إلى سوريتها.. وأنّ دمشق عاصمة الأمويين ستعود عاصمة للعرب كلهم.. وأنّ هضبة الجولان لا يمكن إلّا أن تكون إلّا أرضاً سورية وعربية.. وأنّ الذين قد أوصلوا هذا البلد العظيم إلى ما وصل إليه.. سيكون حسابهم موجعاً وحتى وإن هم قد أصبحوا في قبورهم .. فالأمم كلها لا يمكن إلا أنْ تحاسب طغاتها.. وحتى وإنْ كان هذا بعد ألف عام ويزيد.