نواب العازة!
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

عندما جاءت دعوة الحكومة ، بتصحيح المسار، اعتقدنا أن المشهد سيتغيّر، وسيعي الناس ومن ثم نوابنا، أننا بحاجة ماسة إلى مشهد سياسي جديد، يكون عوناً للتنمية، التطوير، انتشال الميزانية من الأزمات الاقتصادية المحتملة، وتنويع مصادر الدخل، إلا أننا اكتشفنا مبكراً، وبعد أشهر قليلة من عمر المجلس، انه يضم غالبًا نواب العازة!

فلا يوجد إنجاز تشريعي يذكر حتى الآن، ولا رقابة حقيقية، ولا أي ما يشير إلى العمل على تنمية وتطوير الكويت، فكل ما نسمعه من مقترحات ما هو إلا لدغدغة الشارع، إما بمطالبات مالية لا تحمل أي استدامة للتنمية وتحسين المعيشة، أو مطالبات متطرفة في المحافظة، وهي أيضاً لدغدغة بعض من جمهور الناخبين.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، لدينا أزمة تعليم ممتدة منذ سنوات، وتفاقمت خلال كورونا بسبب الفاقد التعليمي، ولدينا جامعة حكومية وحيدة، وقانون لإنشاء جامعة حكومية ثانية مبانيها جاهزة، إلا أنها لم تفتح أبوابها بعد، بينما نعاني من سوء توزيع كوادرنا الوطنية على التخصصات، فمخرجات الجامعة، والبعثات كذلك، لا تتواءم مع احتياجات سوق العمل، ولدينا أزمات تعليمية أخرى كالشُّعب المغلقة، الغش، الدروس الخصوصية وغيرها، ثم يترك النواب كل هذه الأزمات، لينشغلوا باقتراح فصل الاختلاط عبر إنشاء مبانٍ منفصلة للطلبة، وأخرى للطالبات، تطبيقاً للشريعة! وكأن أبناءنا الطلاب والطالبات الآن في الحرم الجامعي يخالفون الشريعة لمجرد أنهم يدرسون في تعليم مشترك، وفي قاعات مخصص لكل منهم أماكن منفصلة عن الآخرين، كما قالت المحكمة الدستورية.

وفي مثال آخر، لدينا أزمة أدوية، تعتبر الأولى من نوعها، حيث لا أدوية تكفي المواطنين، وحتى المقيمين، بينما انشغل النواب في اقتراحات ضم شرائح جديدة إلى تأمين «عافية»، من دون حتى أن يطلعوا على المردود الفعلي على المتقاعدين منذ تطبيق برنامج تأمين عافية، ومن دون أن يلتفتوا إلى ضرورة تقويم المنظومة الصحية بالكامل، فالإصلاح لا يكون عبر نقل الشرائح لتلقي العلاج في القطاع الخاص، بينما الدولة لديها في خطتها التنموية مشاريع صحية عديدة، متعطلة! رغم أهمية توفير الرعاية الصحية للمواطنين بمختلف شرائحهم.

ويبدو للمتابع أن النواب مهتمون بلجنة الظواهر السلبية، لتحويلها إلى أداة تطبيق فعلي لما يشبه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أكثر من اهتمامهم بضمان رفع مستوى المعيشة للمواطن، ولا نقصد برفع مستوى المعيشة مجرد رفع الرواتب فقط، إنما توفير الخدمات التعليمية والصحية والسكنية وبنية تحتية متطورة بمستوى أعلى مما هو الآن، إلى جانب ضمان فرص وظيفية متوائمة مع ما تطمح إليه الكويت من تحقيق رؤيتها التنموية.

للأسف، نواب تصحيح المسار، أو لنكن منصفين، القسم الأكبر منهم، انشغلوا بمقترحات وقضايا هامشية، وتركوا قضايا المواطن والوطن الحقيقية، متناسين أن القضايا الشعبوية تُكسب أصواتاً على المدى القصير، وتجعلنا نخسر وطناً على المدى الأبعد، لا سمح الله.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى