“توقف” المحادثات السعودية الإيرانية.. والآخيرة تتهم الرياض بتحريض المتظاهرين
توقفت المحادثات الدبلوماسية، التي يتوسط فيها العراق، بين إيران والسعودية، بسبب مزاعم طهران بأن المملكة لعبت دورا في التحريض الأجنبي المزعوم على الاحتجاجات الجماهيرية الحالية المناهضة للنظام في إيران، وفق ما نقلت أسوشيتد برس عن مسؤولين عراقيين.
وتقول الوكالة الأميركة إن هذه المعلومات تأتي بعد أن كانت المحادثات السابقة بين الطرفين اعتبرت انفراجة من شأنها التخفيف من التوترات الإقليمية.
وتزامنا مع نشر التقرير، أعرب وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان، عن استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لاستئناف العلاقات مع السعودية وفتح سفارتي البلدين إذا كانت الرياض مستعدة لذلك، معتبرا أن على الرياض اتخاذ قرار بشأن اتباع سياسة بناءة مع طهران، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قال، الشهر الماضي، إن العراق طُلب منه مواصلة تسهيل الحوار بين الجانبين.
ومع ذلك، لم يحدد موعدا للجولة السادسة المتوقعة من المحادثات، والتي ستستضيفها بغداد، بسبب رفض طهران لقاء مسؤولين سعوديين مع دخول الاحتجاجات شهرها الرابع، وفقا للمسؤولين العراقيين.
وقال عامر الفايز، النائب العراقي وعضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان: “المفاوضات الإيرانية السعودية تعثرت، وسيكون لذلك أثر سلبي على المنطقة”.
وفي أول زيارة رسمية له إلى طهران في نوفمبر الماضي، استفسر السوداني عن استئناف المحادثات وذكر أنه سيتوجه إلى الرياض قريبا.
لكن الإيرانيين أخبروه أنهم لن يلتقوا نظراءهم السعوديين، واتهموا المملكة بدعم الاحتجاجات التي تشهدها البلاد من خلال قنوات إعلامية تمولها، بحسب مسؤول عضو في ائتلاف ”الإطار التنسيقي” الحاكم في العراق، وهو تحالف من جماعات معظمها مدعوم من إيران.
وأكد هذه المعلومات خمسة مسؤولين عراقيين، بينهم مسؤولون حكوميون وأعضاء في جماعات مسلحة مدعومة من إيران وشخصيات في أحزاب سياسية شيعية.
وتحدث الجميع لأسوشيتد برس، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة القضية مع وسائل الإعلام.
وأكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن المحادثات توقفت، لكنها لم تقدم تفسيرا لذلك.
وتوقفت المحادثات بين إيران والسعودية قبل التطورات الأخيرة في إيران لأسباب مختلفة.
وقالت البعثة الإيرانية في بيان: “قد يكون من المفيد سؤال السعودية عن ذلك”. ولم ترد المملكة على مكالمات الأسوشيتدبرس لطلب التعليق.
ويمثل رفض إيران الواضح لمواصلة المحادثات انتكاسة للسوداني، الذي كان يأمل في أن يؤدي الحوار السعودي-الإيراني المستمر إلى تمكين العراق من تعزيز دوره كوسيط إقليمي.
وقد يكون لوقف المحادثات تداعيات إقليمية أيضا، حيث تدعم الدولتان ”قوى متعارضة” في عدة صراعات بجميع أنحاء الشرق الأوسط، كسوريا واليمن، حيث تدعم إيران المتمردين الحوثيين الذين يقاتلون ضد المملكة.
تتهم إيران السعودية بتمويل قناة ”إيران إنترناشيونال” التلفزيونية، ومقرها لندن، وهي قناة إخبارية تقدم تغطية مكثفة للاحتجاجات التي اندلعت في منتصف سبتمبر.
وتقول القناة عن نفسها إنها قناة إخبارية فضائية ناطقة بالفارسية، تتخذ من لندن مقرا لها، وهي مملوكة لمواطنين سعوديين، لكن لا تدعمها حكومة السعودية.
وانزعجت طهران من بيان مشترك صدر بعد القمة العربية-الصينية في الرياض، الأسبوع الماضي، بحسب مسؤول في وزارة الخارجية العراقية.
وقالت السعودية والصين في البيان إنهما اتفقتا على “تعزيز التعاون المشترك لضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي”، ودعت الدولتان إيران أيضا إلى احترام “مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.
ولطالما كانت الصين شريكا اقتصاديا لإيران، وتركزت العلاقات الثنائية على احتياجات الطاقة لبكين، وتشمل مبيعات أسلحة أيضا.
ويعتبر محللون العلاقات المتعمقة بين بكين وطهران قوة إقليمية إستراتيجية موازنة للولايات المتحدة وحلفائها.
وقال مسؤولون عراقيون إن طهران قلقة من تحسن العلاقات الاقتصادية بين بكين والرياض، وأنه قد يقوض الوضع الراهن.
وهناك خلاف بين السعودية وإيران منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، لكن العلاقات ساءت بعد إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر عام 2016.
وأثار الإعدام احتجاجات في السعودية وإيران، وأضرم متظاهرون النار في السفارة السعودية بطهران.
وتوترت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ ذلك الحين.
انطلقت المحادثات المباشرة بين الجانبين، في إبريل 2021، بوساطة العراق وسط محاولة لتحسين العلاقات.
وكان مجرد وجود حوار أمرا مهما، حتى لو كانت النتيجة الملحوظة الوحيدة حتى الآن هي إعادة إيران فتح مكتب تمثيلي لها لدى منظمة التعاون الإسلامي في جدة.
وشهدت إيران احتجاجات مناهضة للحكومة منذ 16 سبتمبر الماضي عقب وفاة مهسا أميني، عقب احتجازها على يد شرطة الأخلاق بزعم انتهاكها لقواعد ارتداء الحجاب.
وبعد أن كانت المظاهرات تطالب بمزيد من الحرية للمرأة في إيران، أصبحت الاحتجاجات واحدة من أكبر التحديات التي تواجه النظام الإيراني منذ سنوات الثورة الإسلامية.
وذكرت وكالة ”هرانا” للأنباء المعنية بحقوق الإنسان في إيران أن 495 شخصا على الأقل لقوا حتفهم منذ بدء المظاهرات.