شعوب تبكي من الحسرة ونجوم يبكون على لعبة..!!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

هطلت الدموع مع نهاية كل لقاء في المراحل الاقصائية لكأس العالم، فدموع سواريز لم تجف وقد بللت اللحية والشارب، ونيمار يغادر باكياً والدنيا قد ضاقت في عينيه، ورونالدو حزين يتصنع البكاء، ومعهم جموع من اللاعبين يتباكون، نعم تخيلوا رجال يبكون لأجل خسارة في كرة القدم ويجرون معهم لهذا الفعل ملايين المراهقين فكرياً، يبكون من أجل لعبة يتمتع بها المُشاهدون وتدر على اللاعبين المتباكين ملايين الدولارات في الشهر الواحد، وهؤلاء سيغادرون البطولة ويعودون لحياتهم الطبيعية ولقصورهم الفخمة وسياراتهم الفارهة، وسيفكرون في مسابقات أخرى فيفرحون وحين يخسرون يبكون ويتباكون ويستمرون ما بين الشعور الطفولي والبحث عن الترويج حتى بالدموع.

غريبة هي دموع المشاهير الأثرياء، فالرياضة لغة المحبة والفرح، فتعطيك الفرح أحياناً وتحجب عنك فرحها أحياناً أخرى، لكن في جميع الظروف يجب أن يكون اللاعب قدوة في الصبر لا الانكسار، لكن هؤلاء لا يفقهون،  فَهُم بعلم أو بجهل يسعون لجعل الافيون الجديد ينتشر محاطاً بالعواطف أكثر من العقل حتى يجعلوا الشعوب تتعلق بالوهم الجميل، ويُريدون إقناعنا بأن ملاعب الكرة هي ميادين البطولة والفداء، وان البكاء على خسارة في لقاء بكرة القدم يعادل ضياع وطن أو عزيز.

فاذا بكى هؤلاء الأطفال الكبار لأجل متعة، فكيف سيكون بكاء أهالي من ابتلعهم البحر في رحلات الموت وهم يبحثون عن الحياة، وكيف سيكون بكاء وعويل من تشاهد أطفالها يموتون جوعاً وألماً ومرضاً، وكيف تُجفف فلسطينية دمعها وهي تحمل ابنها شهيداً على كتفها وتوسده التراب، وكيف تأمن هذه الحرة الأرض على وليدها ولا تأمن عليه من غدر الخونة في قصور الديار، فالموتُ يُطارد الشعوب صباحاً ومساءً ولا كاميرات تنقل الدموع ولا معلقين يصدحون ويصرخون بمناقب أبطال الحقيقة، ولا مشجعين يصفقون، ليكون الموت وحيداً والدموع في السر والألم في القلب.

فارق كبير بين دموع تُذرفُ كذباً لا تختلف عن دموع التماسيح، وبين دمعة تسقط من عين باحث عن الحياة وسط أمواج الموت المتلاطمة، فارق مذهل بين دموعهم الوقحة ودموع الانكسار في عيون عالم وباحث ومبدع ضاع علمهم في دروب جاهلين للمناصب يتوارثون، الفارق شاسع بين دموع تصنعها الأقدام ودموع يصنعها البطش والقهر والذل والخنوع، فهؤلاء جميعاً ورغم انكساراتهم وهزائمهم يبحثون عن الفرح الغائب عن حياتهم، فاصنعوا الفرح البسيط لهذه العيون التي تسحقها الظروف والدموع، ودعوا البكاء فقد كرهنا الأدمعا.

آخر الكلام:

في كل لعبة هناك محترفين، وللعلم أروعهم الرياضيين وأسوأهم السياسيين وابشعهم المتاجرين بهموم الأمة وهم كثر، وأجمل ما فيهم المتابعين الباحثين عن لحظة فرح تسرقهم ويسرقونها من أوجاع الحياة، ورحم الله الشيخ الشعراوي حيث قال: “من العجيب في أمر الدنيا أن أهلها حين يلعبون ينقلون قوانين الجد إلى اللعب .. ويتركون الجد بلا قوانين!”.

زر الذهاب إلى الأعلى