أوروبا تشهد صعوداً لتيار اليمين… دا سيلفا يُعيد نفوذ اليسار في أميركا اللاتينية ومخاوف من حدوث «بريكست» جديد

النشرة الدولية –

من البرازيل إلى المجر والسويد وصولاً إلى فرنسا، وأخيراً إيطاليا، شهدت أحزاب اليمين المتطرف وتحالفاتها، مصائر مختلفة، وصعوداً لتياريها، حيث اتجهت بوصلتها نحو أوروبا في ظل التراجع التاريخي لأحزاب اليسار، وغياب تأثير بقية الأحزاب الوسطية لكبح جماح التفشي السريع لظاهرة التحالفات اليمينية المتطرفة، مثيرة مخاوف وتهديداً من إمكانية حدوث «بريكست» أوروبي جديد، ودعوة للخروج من الاتحاد من قبل هذه الأحزاب اليمينية.

 

البرازيل.. عودة لليسار

 

وفي سابقة بتاريخ البرازيل، فاز الرئيس اليساري السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بالرئاسة مجدداً في 30 أكتوبر 2022، بفارق ضئيل على منافسه الرئيس اليميني المتطرّف المنتهية ولايته جايير بولسونارو، بنسبة 50.83% مقابل 49.17%.

 

وقال لولا دا سيلفا، في خطاب النصر على بولسونارو الذي أمضى في السلطة أربع سنوات، إن «هذا اليوم الأهم في حياتي»، مؤكداً أن بلاده «تحتاج إلى السلام والوحدة»، مضيفاً أنّها «عادت» إلى الساحة الدوليّة ولم تعد تريد أن تكون «منبوذة».

 

وكان لولا، أيقونة اليسار، البالغ من العمر 77 عاماً، قد نفّذ عقوبة بالسجن بتهمة الفساد (2018-2019)، قبل أن تلغي المحكمة إدانته وتأمر بإخلاء سبيله. ويعود لولا إلى السلطة، حيث سيتسلم منصبه في الأول من يناير 2023، حيث يؤكد نجاحه عودة نفوذ اليسار في أميركا اللاتينية.

 

وفي أوروبا انتقلت عدوى التحالفات اليمينية المتطرفة في بلدان عدة بسرعة في عام 2022، وانتشرت محققة النجاح تلو الآخر.

 

المجر.. غالبية في البرلمان

 

ففي المجر، ومقارنة بانتخابات عام 2018 التي أعطته غالبية الثلثين في البرلمان، تصدّر حزب «فيديسز» القومي الذي يرأسه رئيس الوزراء، فيكتور أوروبان، نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في أبريل الماضي. وتمكن مع تحالف الأحزاب اليمينية المتطرفة من أن يحصل على الغالبية القصوى في البرلمان الذي يضم 199 مقعداً.

 

تحوّل في السويد

 

وأما السويد، فقد فازت فيها الكتلة المكونة من اليمين المتطرف واليمين المحافظ الليبرالي بالانتخابات التشريعية التي جرت في 11 سبتمبر الماضي، حيث حصلت على 176 مقعداً مقابل 173 مقعداً لليمين الوسطي والخضر.

 

وقد دفع فوز اليمين بانتخابات السويد رئيسة الوزراء ماغدالينا أندرسون إلى الإعلان عن تقديم استقالتها عقب فوز كتلة غير مسبوقة من اليمين واليمين المتطرف في الانتخابات بغالبية ضئيلة.

 

وقالت زعيمة «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» أندرسون، إن «الغالبية ضئيلة، لكنها مع ذلك غالبية، لذا سأقدم استقالتي كرئيسة للوزراء».

 

هذا التحول المفاجئ بالسويد والاتجاه السريع نحو بوصلة اليمين المتطرف، جعل إذاعة فرنسا الدولية تصف ما حدث بـ«الزلزال السياسي على مقياس أوروبا».

 

نجاح في فرنسا

 

وفي فرنسا، ورغم عدم فوز زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، مارين لوبان، بالانتخابات الرئاسية الأخيرة فقد استطاعت أن تغير صورة حزبها لتجعله أكثر قبولاً لدى الفرنسيين.

 

وهو ما انعكس إيجاباً على الحزب المتطرف بعد فترة وجيزة، حيث حقق اختراقاً تاريخياً بالانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو الماضي، بحصوله على 89 مقعداً، ليدخل مقر الجمعية الوطنية من بابها الواسع ويحصل على كتلة برلمانية لأول مرة منذ عام 1986، ويصبح أكبر حزب معارضة في الجمعية الوطنية مع خسارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الغالبية المطلقة.

 

فوز تاريخي في إيطاليا

 

وفي إيطاليا كما كان متوقعاً جرت رياح الانتخابات بما تشتهي سفن قوى «اليمين المتطرف»، مع نجاح حزب «إخوة إيطاليا» (فراتيلي ديتاليا)، بزعامة جورجيا ميلوني، بالفوز في الانتخابات، لتتولى بذلك وللمرة الأولى في تاريخ البلاد امرأة رئاسة الحكومة الإيطالية.

 

وقد حصدت أحزاب التحالف اليميني الثلاثة، «إخوة إيطاليا» وحزب «رابطة الشمال»، وحزب «فورزا إيطاليا» أغلبية الأصوات، ما جعلها تضمن السيطرة على مجلسَي البرلمان.

 

وقد أثار الفوز التاريخي لتحالف اليمين المتطرف بزعامة جورجيا ميلوني بالانتخابات التشريعية الإيطالية، الخوف والحذر في أروقة الاتحاد الأوروبي من انتشار «العدوى» السريعة لأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، في ظل توسعه في فرنسا والسويد ووصوله للحكم في إيطاليا، مثيرة الخوف والتهديد من إمكانية حدوث «بريكست» أوروبي جديد، ودعوة للخروج من الاتحاد من قبل هذه الأحزاب اليمينية.

 

السمة الرئيسة لأحزاب اليمين المتطرف

 

لقد مثّل صعود تيار اليمين المتطرف اتجاهاً عبر أنحاء أوروبا في الفترة الماضية. ورغم أن الأفكار القومية دائمة الحضور في السياسة الأوروبية، لكن المستويات المرتفعة من التأييد التي باتت تحظى بها أحزاب أقصى اليمين وما تروّجه من أفكار شعبوية متشددة أمر حديث العهد نسبياً.

 

والسمة الرئيسة الغالبة على الجماعات والأحزاب المنضوية لليمين المتطرف، سواء كانت راديكالية تعمل في إطار عملية ديمقراطية أو أخرى معارضة لها، هي الخطاب الذي يتحدث باستمرار عن وجود تهديد عرقي أو ثقافي ضد مجموعة «أصلية» من قبل مجموعات تعتبر دخيلة على المجتمع، وعن ضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية، ومن ثم تأتي معارضة اليمين المتطرف للهجرة.

 

وتشترك جماعات اليمين المتطرف في بعض السمات الرئيسة، كالنزعة القومية، أو ما يمكن وصفه بالشعور بأن بلداً ما وشعب هذا البلد أرقى من غيره. ولدى تلك الجماعات شعور قوي بالهوية الوطنية والثقافية إلى درجة اعتبار أن اندماج ثقافات أخرى يشكل تهديداً على تلك الهوية، ومن ثم فإنها ترفض فكرة التنوع.

 

وعادة ما يستميل زعماء تلك الجماعات، الأفراد من خلال إعطائهم شعوراً بالانتماء والفخر.

زر الذهاب إلى الأعلى