“أناي” (حكايات من الأدب السردي) لجمانة السبلاني… باكورة خضراء من منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء
النشرة الدولية –
موقع ألف لام –
صدر عن منشورات “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” “أناي” (حكايات من الأدب السردي)، باكورة أعمال الكاتبة جمانة السبلاني، قدم له الكاتب والمخرج يوسف رقة الذي نشر الحلقة الأولى من هذه السلسلة على موقعه الإلكتروني “ميزان الزمان”
في ما يلي كلمتا الناشر بقلم ميراي شحاده، رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي، والتقديم بقلم يوسف رقة.
“أناي”…إنّه وجع العبور من الأنا إلى الكلّية الفائقة حيث يضوع شذا الحبّ في هذا الكون ويسمو به الإنسان في إشعاع روحيّ ساحرشفّاف.
في شذرات بوحها الشريد، تحمل جمانة السبلاني مصباح ديوجين قلقةً في بحثها عن الحقيقة، عن الذات وعن تشييد أهراءات الحبّ وتوقها إلى الامتلاء به.
من مخاضها الأوّل لولادة أخيرة، إلى موت بين السطور لولادات جديدة، هكذا تضافرت عناوين نصوصها كالجمان في رسائل إبداعيّة، وحّدت فيها الكاتبة جدليّة الثنائيّات وعبق الوجدانيّات في باقة من شميم فكرهاالتأمّليّ. هنا نضحت أناها بما اختزنته من أتراح وأضغاث أفراح وأحلام…من عتبات صفحاتها، تلامس أيّها القارئ نزف قلبها وما أورقه من غربة وأرق عن ذاتها، وكم في متاهات السكون والظنون نتشابه معك ونلتقي مع “أناي” لجمانة!
طوفان من الرؤيا يتوق لوهج الشمس، للنّور الأزليّ، هكذا قرأتك يا جمانة…
كي تترمّم “أناي” في مرايا الوجود، سيستمرّ قلمك يدوّي في مجامر الحبر ومقالع الضوء؛ وحده الصراخ واعترافات الندوب تجعلنا كأرخميدس نطفو فوق أمواج المستحيل وآفاق الخيال ونكتب فيزياء الخلود!
مبارك باكورتك الخضراء من منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء!
يوسف رقة
..هكذا هي جمانة السبلاني التي تنطلق نصوصها من واقع سردي ينطلق من الشغف الذي يملأ حياتها بحكايات ملونة تحاول أن تلبسها دائما حلى الجمال رغم المرارات الكثيرة التي واجهتها في أدب السيرة الذي قرأناه مع حكايات أخرى لها ( حكاية لا ، وحقيبة سفر ) .
في ” أناي ” تقترب الكاتبة من أنماط المونودراما المسرحية الوجدانية المشوِّقة في بعص المقاطع من سلسلتها التي دونتها بقلم بديع نابع من تأجج داخلي يجعل من عباراتها تنطلق كشلال متدفق على سهول من رياحين .
” أناي ” هي حكاية أناها وأناها الأخرى ، يتبادلان الأدوار في نصها ، لا نعرف من منهما الأنا الأولى ومن هي الثانية , إنهما يتحدان في جملة واحدة بدون فواصل بينهما وفي أحايين أخرى نجدهما يتصارعان في حلبة مستديرة لا تظهر الرابح منهما ..
” أنا ” جمانة السبلاني و” أناها” الأخرى حكاية صراع بين جمانة الكيان وجمانة الانسان وبين الأنا الأخرى التي تتخذ أشكالا متعددة في النص حيث تأخذ شكل الحياة ،الحب ، الحلم و ترسم اشكالا أخرى من القهر والظلم والكراهية والطغيان.
انه الصراع الداخلي الذي يعبّر عنه النص في الشخصية التي تتصارع مع نفسها ، وتتصالح مع ذاتها في الوقت نفسه .. هي الأنا والأنا الأخرى المتجسّدة في شخص واحد منحته الكاتبة تسمية ” أناي “.
” أناي ” تنظر إلى المرآة ، ترى جمالها النرجسي ، تصرخ به ، تتكّسر المرآة لتتحول هي من فراشة إلى شرنقة تتعامل مع ” الأنا ” كالسكين العالق في الحنجرة ..
تبحث عن ترنيمة صلاة للخلاص من الأصداف التي تكبّلها فلا تجدها إلا في رقصتها الأخيرة عبر غسل التراب بالدمع للخروج الى حريتها التي المتجسّدة في مجرد حلم تتوق إليه .
كلما حاولت ” الأنا ” عندها رسم طريق لأحلامها من أجل الخروج من فراغ عاشته لأكثر من نصف عمرها نجد “الأنا الثانية ” تتمرجح في أفكار سائدة ” إياكِ ان تفردي جناحيك فلا يمكن أن تخرجي من بيئتك لانك ستتعرين وتندمين ” .
كلما حاولت أن تفك رموز ” أناها ” لا تلقى الا القلق واغتيال الصفاء والصحو والتجاهل ، ولا تجد سبيلا إلا في البحث عن جسد آخر بعد أن افقدتها ثقتها بقدراتها وذكائها وجعلتها كآلة حمقاء.
لكنها سرعان ما تجد نفسها معلقة بين الأرض والسماء وكأنها تحتضن الناس كلّهم في لحظات من السلام والسعادة رغم اعتيادها على الألم : “الظلام بات ضوءا ..جحيما جميلا ” ..أنا ..أناي ..شخصيتان من خلفيتين اجتماعيتين مختلفتين لصورة واحدة في جسد واحد ..
تحاول الافلات من ” أنا / أنت ” للخروج من القوقعة التي تعيشها الشخصية في النص ” حين اكتشفت وجودها لم يكن هدفي تعذيبها بل الاستنارة بها “.
تحاول ان تبني جسرا بينهما ، يمتد إلى اللانهاية ، إلى مشاعر صادقة تربط الضفتين ..لكن المفاجأة كانت بتحطيم المرآة وجرِّ الجسر نحو العتمة.
تحاول أنسنة وجودها وتبحث عن الروح التائهة بين أسرار الحياة وتعاستها ونجاحها وبين روعة الحياة وخشية الموت ..
حكاية ” أناي ” للكاتبة جمانة السبلاني قد تحدث جدلا في أوساط علماء تحليل الشخصيات الانسانية , هي تتلاقى مع الكثيرين وتتضارب معهم في آن .. تكشف الزيف والوهم الذي ينتاب الحياة البشرية وترتديه في آن واحد دون سبب فلسفي يجعل الأنا الواحدة تذوب في الصراع .. إنها أسئلة عميقة من الصعب الإجابة عنها …
حكاية جدل دفعت بالكاتبة في الاسطر الأخيرة إلى الاستسلام : ” أناي , لقد تخطيتني حتى صرت أناه , أناها , أناهم , أنا الجميع .. إلا أنا”
مع نصوص ” أناي ” نكتشف اننا أمام كاتبة تنتمي إلى أدب السّرد بنمط جديد ينتمي إليها وحدها في لغة صاغتها بمتانة مليئة بالمغازي والمعاني الإنسانية العميقة ..
نقرأ سلسلة ” أناي ” مرات عديدة , ثم نعود لقراءتها من جديد ..وفي كل مرة تهتزُّ مشاعرنا ونكتشف أننا أمام نص جديد من نوعه في العالم الأدبي وفي عالم السرد وربما في عالم السيرة .
إنها حكاية تعيش أحلامها وتطرح السؤال الكبير في وجودنا : كم هو متعب أن نكون ” نحن ” و نحتاج لشيء “لا نعرفه ” .. وكم هو ” مرهق” أن نحيا بشغف لا يمكن مواجهته إلا ب “الانتظار ”.