هل يدفع “السينائي” ب”الغربان” للمصيدة؟
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
أثار عصفور الدينار “السينائي” موجة عارمة من النقد والضحك، وتسابق المواطنون لنشر الطرائف حوله، حتى ظننا بأن ما حصل مجرد حالة مرحلية لصناعة البسمة على شفاة الأردنيين المشهورين ب”الكشرة”، وندرك ان الشعب الاردني قد تغير وأصبح يحول كل شيء إلى طرفة حتى لا يموت غيظاً وقهراً في ظل الضغوط المتزايدة، وبدا واضحاً ان الكثيرين لم يدرسوا أو يُقيموا تغيير العملة من جميع الأوجه، وان الأمر قد يعود بالفائدة على الشعب والوطن، لتبقى الطرفة تنتشر لتتصدر المشهد وتحلق وراء العصفور وتطارده، وتسابق الكثيرون للتكهن بالصور التي سيتم وضعها على المبالغ المالية المختلفة، فالبعض اعتقد بأنه سيتم وضع صورة الزنبقة السوداء على الخمسة دنانير، والبحر الميت على العشرة والسحلية على العشرين والأفعى على الخمسين، لنشهد أن شعبنا بدأ يتحول من الغضب إلى الفكاهة والتي تُعتبر تغيّر في سلوك الشعب يحمل مدلولات عديدة.
لكن دعونا ننظر للموضوع من زاوية مختلفة، وهي زاوية قد تساهم في توفير بعض المال للدولة التي تبحث عن حلول اقتصادية فلا تجدها، فقررت الحكومة أن تخرج من الصندوق وتفكر بطريقة جديدة بدلاً من الحفر في جيب المواطن بعد أن وصلت للقدمين، ففكروا كيف يجعلون من يخبئون المال “تحت البلاطة” أو في “الخزنات الكبيرة” يأتون إليها طائعين صاغرين، ويقولون لها هذا ما لدينا قد اخفيناه فخذوا حصتكم الضريبية منه وبدلوا لنا بقية المبالغ، وهنا سيظهر ما خفي من أموال التهريب والمخدرات وتجارة الأسلحة، وعندها لن يجد هؤلاء الحلول التي تساعدهم بالهروب من العقاب إلا بعقد صفقات مع الدولة أو أن تصبح أموالهم هباءً منثورا.
وللحق إذا فكرت الحكومة بهذا الاتجاه فهو قرار يُحسب لها، رغم ان تجاربنا مع الحكومة لا تجعلنا نعتقد بأنها بهذا المستوى من الذكاء، بل ان ما حصل قد يكون محض صدفة لرغبتها في حماية العملة الأردنية من التزوير، لكنها اصطادت عدة عصافير بحجر واحد، ليكون عصفور الدينار “السينائي” أغلى عصفور في الاقتصاد الاردني إذا استطاع أن يخرج الأموال المخزنة في البيوت عند الأغنياء والمهربين، وقد يحمل الملايين منها وربما مئات الملايين لخزينة الدولة التي ستصبح صاحبة القرار في مصادرة الأموال التي لا يُعرف مصدرها، أو جعل أصحابها يدفعون ضريبة الدخل وغرامة بدل التهرب الضريبي، وهذا حق للدولة في أموال الغربان.
وكثيراً ما سمعناها من كبار السن ويرددها ابناء الوطن في شتى المناسبات، بأن هناك عين خفية تحمي هذا الوطن الصامد في وجه الصعوبات والتحديات، والذي يعتبر ملاذ الأمة كونه يفتح ذراعيه دوماً للباحثين عن الأمان، لذا نجد فيه تنوع فريد يمنحه المزيد من الثبات المالي والاجتماعي، وبالتالي يخرج من الأزمات بأقل الخسائر وينهض دوماً أقوى وأشد، لذا قد يكون القرار مدروس ومُعَد له بطريقة نموذجية، وهذا سيَظهر من خلال تحديد الموعد النهائي لتبديل العملة القديمة بالجديدة، وقيمة المبالغ التي يتم تبديلها في كل مرة، والأهم الحصول على إقرار ضريبي يسمح لصاحبه بتبديل المبالغ التي تزيد عن قيمة مالية تحددها وزارة المالية، وبالتالي تسيطر الدولة على دينارها بفضل عصفورها “السينائي” الذي سيتحول من عصفور صغير إلى صقر يصطاد المهربين بجعله المال فوق الطاولة وليس “تحت البلاط”.
آخر الكلام:
نأمل أن لا يكون انتشار تزوير العملة الحالية سبب تغييرها أو انفلات معدلات التضخم، أو ارتفاع معدلات تهريب أموال الدولة إلى الخارج أو رواج السوق السوداء، وجميع هذه الأمور لا نشاهدها في الواقع الحالي وهي أمور سيكون من الصعب على طائر ” السينائي” تجاوزها لوحده، وهنا تبقى حماية العملة الاردنية واجب على الحكومات والتي عليها التفكير بشكل شمولي وليس بطريقة الخط المستقيم.