زاسيبكين: بوتين يحافظ على شعبيته وتجاوز الازمة بأقل الخسائر
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
تعمل روسيا على إعداد مشروع قانون بشأن أنشطة الشركات العسكرية الخاصة، رغم أنه من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل “مجموعة فاغنر”، علما أن عددا كبيراً من مقاتليها توجهوا بطلب من القوات الروسية للحصول على المساعدة وضمان سلامتهم بعدما أدركوا خطأهم في المشاركة في العصيان المسلح الذي قاده مؤسس “فاغنر” يفغيني بريغوجين واستمر لمدة 24 ساعة.
حتى الساعة لا يعلم أحد مستقبل “مجموعة فاغنر” ، ويبدو بحسب ما يؤكد سفير روسيا الاتحادية السابق في لبنان الكسندر زاسيبكين لـ”لبنان 24 ،”فان دورها انتهى في روسيا، وانضم جزء من كوادرها إلى الجيش الروسي، أما الجزء الثاني فانتقل إلى بيلاروسيا التي سيستفيد جيشها من خبرات خبرائها، أما نشاطات المجموعة في الدول الأخرى (سوريا، السودان، ليبيا، مالي، و دول اخرى في افريقيا) فالخيارات في شأنها مفتوحة فضلاً عن أن مواقف قيادات هذه الدول لها أهمية أساسية في هذه المسالة.
وأكثر من ذلك، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشار إلى الإنجازات العسكرية لفاغنر خلال معارك في باخموت والمناطق الأخرى، ولا بد من التفريق ما بين الدور الفعال لفاغنر في الجبهة وأعمالها البطولية، وتمرد مؤسسها يفغيني بريغوجين من جهة أخرى.
لا بد من الإشارة، بحسب زاسيبكين، إلى مشكلة الهيكلية في الجيش الروسي نتيجة لتحويله في الفترة الماضية من الجيش التقليدي الذي كان في عهد الاتحاد السوفياتي إلى الجيش المتواضع نسبياً وذلك وفقا للنظرية التي تنص على عدم وقوع حرب كبيرة غير نووية في القرن الواحد والعشرين. أما الآن وفي ضوء الحرب في أوكرانيا تم إقرار الخطة الإصلاحية طويلة الأمد التي تتضمن زيادة عديد القوات المسلحة وكذلك يتم اتخاذ إجراءات مستعجلة لتشكيل وحدات جديدة إضافة إلى الوحدات القائمة.
وفي السياق، يشدد زاسيبكين على أنه لم يحدث أي انعكاس للتمرد على الجيش الروسي لأن واحداته كانت في الجبهة ولم تتحرك إلى داخل البلاد ولم تشارك في الأحداث الأخيرة. ومن الواضح أن قدرة الجيش لم تتغير، والشائعات التي صدرت في الإعلام الأميركي عن خلافات في صفوفه وتعاطف بعض الضباط مع بريغوجين، عارية عن الصحة، فالحديث عن أن الجنرال سيرغي سوروفيكين على علم مسبق بالتمرد، لا يتعدى الحملة الإعلامية الأميركية، خاصة وأن الأخير كان أدلى بتصريح داعياً بريغوجين إلى وقف التمرد. وبشكل عام فإن دعم التمرد من أي ضابط في الجيش الروسي أمر مستبعد إلى حد كبير جداً.
بعد التمرد، ظن البعض أن الرئيس بوتين أصبح أضعف وفي مقابل ذلك، شدد البعض الاخر على ان الرئيس الروسي ازداد قوة، وهذا يعكس تناقضا في وجهات النظر بخصوص طبيعة التمرد وتداعياته، وبطبيعة الحال فإن الأطراف المعنية تبحث، وفق زاسيبكين، عن فرص الاستفادة مما حدث، في حين أن الشعب يطالب الإسراع في اتخاذ الاجراءات الضرورية للانتصار في الحرب. أما القوى المعادية بكافة فئاتها فتنفد هجوماً إعلاميا ضد الرئيس بوتين. وفي ضوء حالة المواجهة المستمرة، يظن زاسيبكين، أن الرئيس بوتين يحافظ على نفس مستوى الشعبية. وأهم استنتاج مما حدث هو سرعة تجاوز الازمة بأقل الخسائر الممكنة تجنباُ للاشتباك الواسع بين فاغنر والجيش.
وفيما كثر الحديث عن أن المخابرات الأميركية كانت بمعرفة تمهيد بريغوجين للتمرد، فيجب القول، بحسب زاسيبكين، أن كل المواطنين في روسيا كانوا بصورة الخلاف وكانوا يسمعون شكاوى واتهامات بريغوجين يوميا، مع تأكيد السفير الروسي السابق في لبنان، أن الهجوم على وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو ورئيس أركان الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف، كان صناعة محلية ولم تشارك الأطراف الخارجية فيه، مضيفا: لا معلومات عن اية اتصالات بين بريغوجين وأية جهة خارجية، فالجهات الخارجية لم تؤيد التمرد وعندما انتشرت الشائعات بأن الأميركيين وراء هذا التمرد تنامى الغضب الشعبي سريعا.
في كل الأحوال، إن أهم ما يحدث اليوم يتمثل في الجبهة مع أوكرانيا أي مصير ما يسمى الهجوم المضاد الاوكراني وموازين القوى في النتيجة وليس موضوع التمرد الذي تم تجاوزه نهائيًا. ولا بد من الإشارة أن الضجة التي اندلعت في الإعلام الغربي وفي أوساط الليبرالية الروسية ضد الرئيس بوتين، تركت أثراً معاكساً على المجتمع الروسي الذي تلاحم أكثر وسارع إلى الالتفاف أكثر حول الرئيس بوتين، بحسب زاسيبكين.