كارتيلات قطاع النقل في لبنان على طول الجمهورية وعرضها: تسعيرات واحتيالات

النشرة الدولية –

لبنان 24 –

بولين أبو شقرا

لم تقتصر الازمات اللبنانيّة المتتالية على قطاع واحد، لا بل أنّها تأتي كوكبة تتوزع على مختلف القطاعات ليرزح تحتها اللّبناني وتبدأ المعاناة اليومية التي باتت أمرًا واقعًا يضطر الى تحمّلها .

وهذه المرة تأتي المنازعة من باب قطاع النقل ،حيث بات اللّبنانيّ حرفيًّا أسير هذه الكارتيلات التي قرّرت أن تغفل وجع اللبنانيين وتعمد إلى تشكيل مافيات تعمل على هوى مصالحها.

فمنذ أن بدأت أزمة المحروقات لم يهدأْ أصحابُ النّمرِ المرخّص لها العمل ضمن قطاع النقل، إذ بدأوا بوضع التّسعيرات التي يرونها مناسبة، خاصةً وأنَّ العديدَ منهم باتوا منظمين ضمن مجموعات يقرّرون من خلالها تسعيرة اليوم.

قضمٌ من الرواتب

يشير أحد الاقتصاديين لـ “لبنان٢٤” الى أنّه حتى عام ٢٠١٩ كانت صفيحة البنزين تعادل ٣,٢٪ من مجمل الحدّ الأدنى للأجور المعادل لـ ٦٧٥,٠٠٠ ل.ل، أما الأن فإنَّ كلّ صفيحة تصل إلى ما يقارب ٣٣,٤٪ نسبة لـ ٤,٥٠٠,٠٠٠ كحدّ أدنى للأجور، وعليه فإن صفيحتين من البنزين فقط على دولار ثمانين ألفًا تستحوذ على أكثر من نصف الراتب ما يضع المواطن أمام خيارين: إمّا ترك العمل، أو الإنصياع لتحكّم كارتيلات قطاع النقل.

اختلاف التسعيرات

هذا الأمر يترجم على أرض الواقع من خلال اختلاف أنواع السائقين. ومن خلال جولة قمنا بها، تبين ان فارق التسعيرة بين سائق وآخر قد يصل إلى حدود الأربعين أو الخمسين الفا ، لا بل قد يبلغ ستين ألفًا إذ لا رادع يمكنه أن يُوقف “بطش”السائقين . مثل آخر: مسافة قدرها ٢٤ كيلومترًا سعّرها أحد أصحاب الفانات بقيمة ٧٠ ألف ليرة، بينما “فان” آخر وعلى الطريق المنطقة ذاتها سعّرها بقيمة ١٢٠ ألفًا، ومن هنا يظهر حجم التفلّت الكبير الذي يعانيه هذا القطاع في ظل ارتفاعٍ متزايدٍ في أسعار المحروقات.

هل ارتفاع أسعار المحروقات يبرّر هذه التسعيرات؟!

يشير أحد أصحاب الفانات والذي يعمل على خطّ بعلبك-الهرمل-بيروت إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات ارتدّ سلبًا على عمل أصحاب سيارات النقل العام ، لا سيما وأن صاحب السيارة مجبر على دفع صيانة سيّارته بالدولار إلا أن كل هذا لا يبرّر الفارق الجنوني بين تسعيرة كلّ شخص، خاصةً وأن الأمور “فلتت” حسب تعبيره، فما من رادع يوقف طمع هؤلاء في وقت يكون المواطن مجبرا على الإنصياع ودفع ما يتم طلبه.

تطبيقات الكذب والإحتيال

توازيًا، برزت خلال الفترة الأخيرة تطبيقات كثيرة تعمل على توفير خدمة النقل العام، إذ يعاني أصحاب التاكسي في لبنان مشكلة كبيرة تتمثل بمزاحمة من قبل أصحاب النّمر غير المخصصة للنقل العام أو حتى من قبل السوريين، إلا أنّ هذه التطبيقات المتواجدة اليوم ، والتي تستطيع من خلالها طلب سيّارة أجرة في مقابل بدل معيّن، باتت هي ايضا تقوم بعملية احتيال كبيرة، إذ أنّ الأسعار التي تعرض على هذه التطبيقات شيء والواقع شيء آخر، حيث وعند إتمام المهمة يقوم السائق بطلب مبلغ أكبر بكثير ممّا هو متفق عليه، ليشكّل ذلك خرقًا واحتيالاً كبيرين.

هكذا يتبين ان المواطن لا يسلم من أي جهة، فمن ناحية أولى يتحكم أصحاب الفانات بالأسعار على هوى مصالحهم غير آبهين بما يعانيه المواطن، ومن ناحية أخرى وفي حال قرّر المواطن الهرب من بطشهم فإنّه سيقع بشباك التطبيقات غير الآمنة والتي لا تختلف عن تلك الكارتيلات المُنظّمة بشيء.

زر الذهاب إلى الأعلى