هل حاول فرنجية جسّ نبض ترشيحه سعودياً؟
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
كالباحث في كومة قش، يبحث المسؤولون في لبنان عن خبر يتعلّق بالرئاسة، أو تعليمة، أو كلمة سرّ. لا خبر يقين بعد في رئاسة الجمهورية ولا موعد لجلسة انتخاب قريبة في مجلس النواب. وكيف يمكن عقد جلسة في ظل الإنقسام الحاد داخل مجلس النواب وخارجه وسط التراشق السياسي والإعلامي والتصريحات الخارجة عن لياقات الخطاب السياسي. لو لم تكن الحكومة تعمل ولو بشكل مجتزأ لساد التعطيل كل مرافق الحياة السياسية في لبنان. وهل أصعب من فراغ رئاسي وتعطيل نيابي وتصريف بالحدود الضيقة للأعمال؟ وحدها الحكومة في الوقت الحاضر تساعد في وقوف البلد وصموده ولو بقرارات غب الطلب لا تفي بالغرض لكنها الشمعة التي تقي من الظلام. تستعد الحكومة لورشة مالية الأسبوع المقبل عنوانها مواضيع إقتصادية واجتماعية وبدلات النقل للموظفين والعمال قبل أن يغادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في زيارة رسمية إلى الفاتيكان.
لا سياسة في لبنان ولا تطوّرات يمكن البناء عليها، مجرّد مهاترات سياسية وتعطيل لا أفق زمنياً له. لم يعد هذا البلد أولوية دولية وإقليمية على عكس ما يتصور قادته ومسؤولوه. ولو أنّ خبراً كالذي أعلنه نائب في مقابلة كفيل بإحداث ضجة. في لقاء متلفز أعلن النائب جهاد الصمد عن «أمر سيحصل بين السعودية ولبنان قريباً وانشالله يؤتي ثماره»، وكشف عن لقاء بين شخصية سياسية لبنانية مع مسؤولين سعوديين. لكن المطّلعين على سير العلاقات اللبنانية – السعودية يجزمون أن لا جديد رئاسي بعد وأن المملكة لا تزال على موقفها مع تجنب الدخول في الأسماء، ويتحدث المطّلعون عن محاولة قام بها أصدقاء مشتركون قبل نحو أسبوعين لجس النبض حول إمكانية ترتيب لقاءات لرئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية مع مسؤولين سعوديين لكن لم يتلق هؤلاء أجوبة إيجابية. لم تفتح الأبواب بوجه فرنجية بعد وليس ميشال معوّض أفضل حالاً على مستوى الإهتمام الدولي رغم زيارات السفيرة الأميركية المتكررة له.
وعلى المستوى المحلي لم تنجح محاولات بكركي في جمع الزعماء المسيحيين، بالمقابل لم يتوافق نواب المعارضة على مرشح، بينما حرك رئيس مجلس النواب نبيه بري المياه الراكدة من ناحية ترشيح فرنجية وجاهر بتبنّيه بما يسهم في مزيد من برودة العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله». حتى الساعة لا يزال «التيار» يعول على أن «حزب الله» لم يعلن صراحة ترشيح فرنجية وهو ضمناً يرى صعوبة حظوظه في الإنتخاب لكنه ومتى فعلها فيكون بذلك قد أصاب مبدأ الشراكة الذي بقي من تفاهم مار مخايل بمقتل، خاصة أنّ فرنجية لم يعلن ترشيحه صراحة بعد ولم يبادر للحراك علانية تحت سقف الترويج لانتخابه مع الكتل النيابية.
وإذا كان حديث بري بخصوص ترشيح فرنجية قد ورد كرمية من غير رامٍ فأحرج «حزب الله» و»التيار» فإن رد النائب ميشال معوّض كان يمكن أن يكون أقل إنفعالاً بما يتناسب ووضعيته كمرشح منفتح على كل الآراء، فكيف والرد العنيف طاول رئيس مجلس النواب الذي كان عرّاب انتخاب والده الشهيد رينيه معوّض. عمّق ما شهدته الساعات الأخيرة الخلاف داخل مجلس النواب بحيث لم يعد مجدياً في ظل الأجواء المتوترة السائدة الدعوة إلى جلسة إنتخاب تضاف إلى سابقاتها فلا المعارضة مهيأة لحسم خياراتها ولا الممانعة كذلك وكلتاهما تعانيان أزمة عنوانها كلمة سرّ الخارج.
وإذا كانت المعارضة تتجنب التعاطي صراحة مع ترشيح معوّض على أنه ترشيح بلا أمل، فقد تناهى إلى مسامع قادتها مؤخراً وفق مصادر ديبلوماسية عربية أن الإستمرار في التموضع ضمن دائرة معوّض لم يعد يفي بالغرض، وعلى هذا الأساس نأى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بنفسه وتمايز في جبهة المساجلة السياسية الى جانب بري.
الأساس في المعالجة من وجهة نظر المصادر السياسية هو الحاجة إلى الحوار الكفيل بتنظيم الإختلاف وإلا فالبلد مقبل على مزيد من الإنشقاق والمواجهات السياسية والتي قد تمتد ألسنتها إلى الشارع وتزاد عليها أزمة سعر الصرف مقابل الدولار والمعالجات الحكومية التي بالكاد تفي بالغرض وإن ظهرت على أنها إنجاز يتحدّى مرحلة التعطيل.