رؤية فرنسية جديدة لدور لبنان في المرحلة المقبلة
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
رغم عودة الهدوء تدريجياً إلى المدن الفرنسية التي شهدت احتجاجات وأعمال عنف رداً على مقتل الفتى نائل برصاص شرطي بضاحية نانتير في غرب باريس، إلا أن انشغال الإليزية بما حصل ومتابعة حيثياته بدقة وسط حذر شديد تحسبا لأي مستجد، لا يغفل متابعتها الملف اللبناني بتفاصيله.
لقد عقد المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بعد عودته من بيروت اجتماعين مع خلية لبنان في الإليزية ووضع تقريره لكنه لم يقدمه بعد للرئاسة الفرنسية المنشغلة بالأزمة التي حصلت في الأيام الماضية في عدد من المدن.
وتقول مصادر فرنسية لـ”لبنان 24″ إن لودريان سوف يقدم تقريره إلى الرئيس إيمانويل ماكرون نهاية هذا الاسبوع من أجل دراسته ومناقشته، على أن تحدد له مواعيد مقبلة قبل منتصف هذا الشهر في بعض الدول العربية، تسبق عودته إلى لبنان بعد الخامس عشر من الجاري. ولذلك تقول مصادر “الخلية” إن التقرير الشامل سيصدر بعد اطلاع ماكرون على ورقة لودريان ونتائج جولته إلى دول العربية، تمهيدا لإرساله إلى بعض الدول العربية من بينها مصر قطر والرياض والسعودية وإيران.
وتشدد المصادر نفسها على أن لا اتصالات مع لودريان من قبل المكونات السياسية اللبنانية منذ عودة الأخير إلى باريس. فالتواصل اللبناني يتم عبر السفارة الفرنسية في بيروت التي تنقل وجهات النظر إلى خلية الأزمة في الاليزيه.
وليس بعيداً تستغرب فرنسا، بحسب المصادر ، التأويلات عن انحيازها للثنائي الشيعي، فهي تعمل وفق مصلحتها التي تكمن في ضرورة إعادة بناء لبنان نظراً إلى موقع لبنان في العالم العربي والى الاهتمام الفرنسي الدائم بهذا البلد. وعليه، ثمة تفاصيل كثيرة تجعل باريس مهتمة بعودة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى لبنان وفق رؤية فرنسية جديدة لدور لبنان في المرحلة المقبلة من العالم الجديد.
لا يبدو أن ثمة توجها جديدا لباريس أو تغييرا في جوهر حراكها خاصة وأن جولة لودريان، بحسب ما يؤكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس عيسى الأيوبي لـ”لبنان24″ كانت بالتنسيق الكامل مع المملكة العربية السعودية، ولذلك فإن طرحها باق على ما عليه وأن ما سيتم البحث به هو عملية تطوير الطرح بالتنسيق مع الرياض للتسريع في تحقيق توافق لبناني حول الرئاسة وما بعد الرئاسة، وهذا يؤشر إلى أن انتخاب الرئيس ضرورة وأن على القوى السياسية التفاهم على ما بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي، مع الإشارة إلى تلميحات تلقتها بعض التكتلات المسيحية للنظر في مرحلة ما بعد وصول رئيس “تيار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية الى بعبدا وليس في مسالة انتخابه، علما أن لودريان وخلال زيارته لبنان تلقى اتصالات متكررة من قيادات سياسية كانت قد اجتمعت معه لتفسير بعض مواقفها، ما فسر من قبل المبعوث الفرنسي بأن هذا الأحزاب تفتح باب التعاون.
ووسط هذا الضجيج الرئاسي، جرت اتصالات لضم إيران إلى خماسية باريس، بيد أن طهران تنأى بنفسها عن الدخول مباشرة في الملف الرئاسي اللبناني، فالجواب الرسمي الإيراني جاء على الشكل الاتي: ملف الرئاسة في لبنان يجب بحثه مع حزب الله والثنائي الشيعي وليس معنا”. ومع ذلك لا تستبعد فرنسا، بحسب الأيوبي، حصول اتصالات سعودية – إيرانية بهدف الدفع نحو تنسيق ثلاثي أو رباعي مع قطر على أن تتولى هي التنسيق مع واشنطن لتوفير مخرج ما يتيح للبنانيين انتخاب رئيس والحفاظ على الاستقرار السياسي في مرحلة ما بعد الرئاسة.
ويقول الأيوبي: هناك رغبة دولية وعربية بإعادة النظر بالصيغة اللبنانية، لأن الوضع الذي وصل إليه هو انهيار كامل للصيغة والدستور والميثاق، ولا بد من إعادة بناء دولة وشكلها ودورها. وهذا الأمر يتطلب موتمراً عاما وليس حواراً ، علما أن المطروح اليوم هو إعادة هيكلة الدولة على ما هي عليه بشكل يؤمن، بعد انجاز انتخاب الرئيس، عقد هذا المؤتمر في إحدى الدول العربية على شكل طائف جديد لا يمس في الجوهر الأساسي لاتفاق الطائف، حيث تعتبر الرياض أن إعادة صياغته وتطويره بما يضمن تنفيذه يشكل مخرجا مهما لحل الأزمة في لبنان، مع الإشارة بحسب الايوبي إلى أن هذا الطرح تمت مناقشته مع فرنجية وجرى الاتفاق عليه معه.
وسط ما تقدم، فإن ضرورة الحوار مطلب فاتيكاني وفرنسي وسعودي وأيضا لبناني حيث طالبت بعض القوى به، لكن الخلاف يكمن في مضمون الحوار. لكن ما ترفضه بعض المكونات السياسية هو طاولة حوار تتجاوز انتخاب الرئيس، او أن ينحصر مضمونها بما تريده الدول المعنية بلبنان من الرئيس العتيد. لكن المفارقة أن هذه القوى نفسها لم تتحدث أمام لودريان عن ضمانات ما بعد إنجاز الاستحاق الرئاسي، وما فهمه الأخير أنها تريد تحقيق مكاسب من خلال بعض المطالب التي جاهرت بها.