غزة بين الغرب المُتصهين والشخير العربي
بقلم: صالح الراشد
نقيضان يحكمان مصير القضية الفلسطينية التي سلمها الغرب للصهاينة بعد معارك معدودة مع قوات محدودة، ليصبح قرارها ليس بيد أبنائها حتى إن حكموا أجزاء منها كون التبعية قائمة عند العديد من خرجوا من ترابها، ليحاول الغرب المُتصهين فرض قراره بالعصا لمن عصى والجزرة لمن استجاب ووعدهم بالطاعة وأوفى، وخلف الحدود نسمع شخير عربي يظنه البعض هزيم الرعد القادم لإمطار الصهاينة بالصواريخ والطائرات لتحرير الأقصى السليب.
ومنذ النكبة والعرب يجعجعون ويُطالبون السمك بأن يتجوع ليأكل الصهاينة ففشلوا، ليأكلوا الشعوب بفضل شعارات براقة حولت رجالات الأمة إلى مُنظرين، ليزداد صوت الهدير والشخير حتى أزعج المقاومة ومنح الطمأنينة لبني صهيون، لتأتي النكسه دون أن يلتهم السمك ولو صهيوني واحد فيما أكل الجوع بطون غالبية الشعوب العربية، لتضعف وتوهن عزائمهم الفتية وتتحول الأنظار صوب بطولات وهمية لأبطال الشخير، ليتغطرس الصهاينة أكثر فيهاجموا الدول المحيطة بفلسطين على أمل قتل الذين يحرسون في سبيل الله دون أن يزعجوا العيون التي نامت.
وحين نضجت المقاومة ورفضت الانصياع لاتفاقات العار تكالب عليها الغرب المُتصهين، وحرك بارجاته وناقلات طائراته وأقام جسوراً جوية لحمل الأسلحة والجنود لدعم كيان الذل، لمواجهة مجموعة من الرجال نذروا أنفسهم لتحرير الوطن، وهنا ارتفع الصوت العربي وظننا “وبعض الظن إثم” ان الأمة استفاقت “لا سمح الله” وان الطائرات ستمطر قوات الاحتلال بالصواريخ، انبلجت الحقيقة المرة بأن هذا صوت شخير أهل القصور والدثور، الذي غطى على صوت الانفجارات والقتل والدمار ليشكل طريقاً للموت لأطفال ترافقهم أحلامهم الصغيرة للقبور.
وأدرك صهاينة الغرب واليهود أن هذا الشخير الهادر لن يوقف الكيان عن تنفيذ مشروع ايغال ألون الذي قطع فيه الصهاينة أجزاء كبيرة، ولن يحمي الدول المجاورة من مخططات غيوري ايلاند التي يعملون على تنفيذها، فالقلم مرفوع عن النائم حتى يصحوا ونحن في زمن أصحاب الغفوات الطويلة ولن يستفيقوا إلا بعد خراب الأمة، لذا لم يبقى للأهل في فلسطينين غير الصمود والصمود فقط أو الرحيل صوب المجهول الذي لا يعادل بأفضل صوره الثبات على الأرض، ليكون السؤال الذي يُحير المراقبين للصراع الفلسطيني الصهيوني، ماذا بقي عند العرب غير الشخير .؟
لقد جعلت صهيونية قادة الغرب وشخير قصور العرب الكثير من شباب الأمة وأحرار العالم يستفيقون، ويخرجون بالملايين في مظاهرات عمت عواصم غالبية دول العالم لدعم المقاومة والحق الفلسطيني، لشعورهم بالنخوة والعزة والكرامة ونُصرة الأهل في فلسطين، فيما اختفت فتاوى الجهاد على الطريقة الأفغانية والسورية والليبية، وكأن من أصدروها تحولوا في لحظات لصم بكم عمي لا يتحركون، وعن عيون الرجال يختبؤون ودعواهم على أهل غزة أن يختفون.
آخر الكلام:
كأني بالشاعر الكبير معروف الرصافي يصف الواقع حين قال:
يا قـوم لا تتكلَّـموا إن الكــلام محـرَّمُ
ناموا ولا تستيقظـوا ما فــاز إلاَّ النُّـوَّمُ
وتأخَّروا عن كلِّ مـا يَقضي بـأن تتقدَّموا
ودَعُـوا التفهُّم جانبـاً فالخير ألاَّ تَفهـمـوا
وتَثبتُّوا في جـهـلكم فالشرُّ أن تتعلَّــموا
أما السياسة فاتـركوا أبـداً وإلاَّ تندمـوا