تميم.. غاب القمر فأظلم العالم
صالح الراشد

النشرة الدولية –

قلبه كقلوب العصافير يسافر عبر الزمان حالماً بوطن آمن، لا صهيوني فيه ولا حدود مغلقة ولا انقسامات سياسية، فقلبه لا يفقه من هذه الأمور إلا أنه في قفص كبير يُقال له غزة، نعم غزة حاضنة البحر والشهداء والنضال، ذلك القطاع الذي لا يهدأ فالصهاينة يريدون للبحر أن يبتلعه، لكنه برجال قل نظيرهم ابتلع البحر وحوله من وحش مرعب إلى صديق يؤنس وحشته.

هنا في هذه البقعة المباركة تخرج الابطال وتتلمذ الصغار ليكونوا مشاريع بطولة على الطريق، وهنا في غزة العزة ارتقى مئات الأطفال للسماء شهداء، فمنهم من قضى نحبه برصاص غادر أو صاروخ عابر أو مرض قاهر، وربما من رعب سافر، فهنا في هذه الأرض لا قانون دولي يحمي الأطفال، فخيرهم عند الصهاينة هو الطفل الميت الذي لن يشب  ليصبح ثائر ولن يكبر ليهتف بالحرية والاستقلال من العبودية العربية والصهيونية.

هنا شواطيء غزة ملغومة بالموت، والعدو بتربص وطائراته تحوم تبحث عن الأعداء لقتلهم، الأعداء ذاك الطفل الذي يلعب حول بيته،  وتلك الفتاة التي تجدل شعرها، هؤلاء هم الأهداف المشروعة لكيان النازية والفاشية والصهيونية حيث تجتمع جميع أنواع الشرور، ليكون العدو بلا قيم أو أخلاق، ولا يعترف بحقوق الأطفال في الحياة ولا حتى بالحلم، كون الصغير الفلسطيني لا ينسى ان له وطن يمتد على مساحة فلسطين من النهر الواصل للبحر الهادر.

حلم تميم داوود لم يكن كبيرا، فهو لم يسرق وطن أحد ولم يرفع شعار الانقسام، كان يحلم بزرقة البحر والسماء، وبالون يحلق في الفضاء ليعلو فوق الطائرات، أو يحلم بمسدس خرز يلهوا به مع أقرانه ، وقد يحلم بالذهاب للملاهي، أحلام بسيطة لم تتحقق لتميم كون الرعب يجتاح المكان من صوت الطائرات المقاتلة التي تلقي بحمولتها من الصواريخ دون رحمة ، نعم هو الرعب من الطائرة الزنانة التي تهز البيوت وقلوب الاطفال، ليقع تميم على الأرض ونظره للسماء وكأنه يقول: “يا رب رحمتك خير من إجرام البشرية التي تكالبت علينا، لتضيق الدنيا على أهل غزة”، لينطفيء نور القمر  في السماء، وكأنه في المحاق الذي يتحكم بالفكر العربي، ليلف الظلام عالم بكامله لغياب قمره الذي لحق بأقمار قتلها الصهاينة على مرأى من عالم منافق وعرب صامتين

زر الذهاب إلى الأعلى