مصنع جديد للأدوية في لبنان في قائمة أهم المصانع عالميًّا
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
لم يكن حدثًا عابرًا ما حصل داخل القاعة الكبرى في فندق انتركونتيننتال فينيسيا في بيروت ظهر الثلاثاء، خلال إطلاق فعاليات “مؤتمر الإقتصاد الإغترابي الثالث” الذي نظّمته مجموعة الإقتصاد والأعمال. ليس لجهة مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من الوزراء ومئات الشخصيات من رجال أعمال مغتربين ومقيمين فحسب، وليس لتأكيد المؤكد حيال دور مغتربي لبنان في دعم صمود المقيمين، بل بفعل ما شكّله المؤتمر من منصّة أمل بإمكان النهوض من المحنة العظيمة، التي نحن أسرى شباكها منذ تشرين 2019.
فعلى رغم استمرار التأزم السياسي والإقتصادي، أُعلن من منبر المؤتمر عن إنشاء واحد من أهم مصانع الأدوية في منطقة الشرق الأوسط، وفق المعايير العالميّة، وذلك في منطقة الغسانيّة جنوب لبنان، من قبل مجموعة اغترابيّة استثماريّة.
في بلد عادي، وفي ظرف طبيعي، يشكّل إنشاء مصنع كبير في قطاع الأدوية أو غيره، مجرد خبر، قد يمر مرور الكرام، أو لا يُذكر في قائمة الأخبار والمشاريع. أمّا في لبنان البلد المُحاصر سياسيًّا واقتصاديًّا من الداخل قبل الخارج، الذي خبر مصنع جديد للأدوية في لبنان في قائمة أهم المصانع عالميًّا: مئات فرص العملشعبُه المقيم منذ أربع سنوات كلّ أشكال الإزمات الإجتماعيّة ولا زال، إلى حدّ الوقوف في طوابير للحصول على الخبز والدواء والبنزين، البلد الذي تبخرت في نظامه المصرفي ودائع المقيمين والمغتربين، لن يكون عاديّا توجّه مجموعة اغترابية لتضخ أموالها في مشروع استثماري، في هذا التوقيت بالذات.
أعلن عن المشروع، من منبر المؤتمر الإغترابي، رئيسُ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عباس فواز، وبصفته رئيس الشركة الدولية للتجارة والاستثمار (ايتيكو) وقّع اتفاقية تأسيس مصنع الأدوية مع المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان “إيدال” بشخص رئيس مجلس الإدارة والمدير العام في المؤسسة مازن سويد، وذلك في ختام جلسة افتتاح المؤتمر في فينيسيا.
“لبنان 24” التقى فواز على هامش المؤتمر، حيث لفت إلى تعلّق المغتربين ببلدهم مهما كانت الظروف، متحدثًا عن أمل كبير لدى المغتربين بقيامة لبنان من محنته “أينما تواجدنا في أوروبا أو في الأميركيتين وفي أيّ بلد في العالم نسمع من المنتشرين كلمة واحدة: ما في أحلى من لبنان “.
مصنع الدواء استثمار لبناني بقيمة نحو 50 مليون دولار، مع شراكة علميّة وخدماتيّة أجنبيّة، حيث يتعاملون مع شركة ألمانية للاستشارات العلمية، وشركات إيطالية لتجهيز المصنع، وشركة مصرية كشريك في الإنتاج، ويعتمدون على التكنولوجيا الأوروبية الحديثة.
وعن اختيارهم قطاع الأدوية دون سواه، لفت فواز إلى الخلل الكبير في هذا القطاع “بحيث يستورد لبنان سنويًّا أكثر من مليار دولار، وينتج أدوية بحوالي 300 مليون دولار فقط. اخترنا هذا القطاع لقدرته على استيعاب استثمارت جديدة، كما أنّه يستطيع أن يتطور ويصبح استثمارًا منتجًا، في حال توافرت معايير الجودة والكفاءات العلميّة في الصناعة والإنتاج والعناية”.
مصنع الأدوية يحتاج سنتين ونصف السنة ليصل إلى مرحلة الإنتاج، ومن شأنه توفير فرص عمل وتوظيف يد عاملة بنسبة تتراوح ما بين 300 إلى 500، من أصحاب الكفاءات العالية. فواز يرى أنّ المنظومة التشريعيّة في لبنان مشجّعة للاستثمار، ولكن الخلل يكمن في الوضع الإداري، وما ينتجه من معوقات إدارية بسبب الظروف الراهنة. في المقابل أشار إلى اقتصاد جديد يولد في لبنان، وإلى أهمية الاستثمارات في هذه المرحلة ” رغم الوضع الصعب الذي يمر به لبنان، يجب أن نتحلى بالصبر والحكمة لنقدم على استثمار استراتيجي بنفس طويل، لذلك جئنا إلى لبنان، ونعتبر أنّ الإستثمار آمن هنا للأجيال الصاعدة”.
لعل أكثر ما يحتاجه اللبنانيون في هذه المرحلة، تعزيز أمنهم الدوائي والصحي، الذي اهتز بفعل انهيار العملة، وجعل الغالبية العظمى من اللبنانيين تتخلّى عن شراء العدد من الأدوية، وتلجأ إلى سوق دوائي عشوائي، نشأ بفعل الأزمة، وهو متفلّت من أيّ ضوابط، وذلك بقصد تأمين الأدوية الضرورية بأسعار أقل، ولو على حساب الجودة. أمام هذا الواقع باتت حقيبة الأدوية التي يحملها المغتربون معهم إلى ذويهم ومعارفهم الهدية المثلى. من هنا أهمية تطوير قطاع الدواء في لبنان، وإنشاء مصانع دوائيّة تعزّز المناعة الصحيّة، وتقلل من فاتورة الإستيراد.