المحظوظون لا يرحلون عن فلسطين
صالح الراشد

النشرة الدولية –

أوصاه والده الشهيد قبل أن يُفارق الحياة ” لا تعش في الظل ولا تكن هامشياً فالرجال يصنعون مكانتهم بطرق مختلفة، والأهم أن يعترف الآخرون بجدارتك، فاستفد من امكاناتك حتى لا تذهب سدىى، واقضى على مرض الوهم المعشعش في نفوس أعداءك، واثبت لهم ان الدماء التي تسيل في عروقكم من دماء الانبياء والعظماء، ولا تلتفت للمثبطين فهم أشد على النفوس الضعيفة من الأعداء”.

لقد أصبح أطفال قبل عقدين من الظلم والقهر رجال يرفضون الواقع ويبحثون عن مستقبل مشرق، ليكون العلم سلاحهم والعمل طريقهم والنتيجة نصر لن يسرقه نهر دماء الأبرياء، فلا زال رجال اليوم أطفال الأمس يتذكرون سٍيَر آبائهم المعطرة بالشهادة وسهر أمهاتهم ليصنعوا منهم رجال قادرين على تحقيق المستحيل.

رجال بقلوب صلبة باردة في المواقف مشتعلة بالتحدي ليذهبوا جليد المستعمر، ويذيقوه ويلات الحروب التي أشعلها وجعلوه يتقلب على نار الألم كما فعل عدوهم بأهلهم، ليتعلموا الدرس بكامل حروفة المؤلمة ليبنوا الغد بأفعال تعجز عنها رجال الفنادق ويبدع فيها أبطال الخنادق، لتتحول الفراشات التي كان أهلها يبعدونها عن حرارة الضوء إلى صقور يحلقون على مقربة من الشمس ليحرقوا الأرض تحت أقدام أعدائهم.

رجال يبحثون عن رحلة العودة لا الغياب في الهروب ويتمسكوا بالارض التي تحتضنهم بقوة وتدعوهم للحياة وعدم الهروب إلى موت الغربة، وكعادة نساء فلسطين في الظروف الصعبة يقفن إلى جانب الرجال في الذود عن الوطن، لذا لم يلطخن وجههن بمساحيق التجميل فتراب الوطن أجمل ما تضعه الحرة على وجهها وقت الشدائد والحروب، ليقابلن خالقهن كحوريات البحر والجنان ليغتسلن بمياه الكوثر، فهن الحور العين.

آخر الكلام:

طوبى لمن لا يرحلون لأجل الحفاظ على المعشوقة الأولى والأخيرة، فالمحظوظون لا يغادرون الجنان حتى إن كانت عرجاء في الفردوس المفقود والعاصمة الجحيم، ومن لا يراها كذلك على الإغتسال ومعالجة بصره ليرى بوضوح فانها فلسطين وغزتها عزتها.

زر الذهاب إلى الأعلى