إلغاء الحماية يُعقد وضع اللاجئين السوريين في الدنمارك

 بعضهم اضطر إلى طلب اللجوء في بلدان أوروبية أخرى

النشرة الدولية –

الإمارات اليوم –

في عام 2019، اعتمد البرلمان الدنماركي تعديلات جعلت جميع أشكال حماية اللاجئين مؤقتة. وبموجب هذا النهج الجديد، ما لم ينتهك التزامات الدنمارك الدولية، فإن سلطات الهجرة مطالبة بإنهاء حماية اللاجئين. وأدت هذه التغييرات التشريعية، المشار إليها في الدنمارك على أنها «نقلة نوعية»، إلى تغيير جذري في سياسة اللاجئين الدنماركية، ونقلها بعيداً عن الحماية الدائمة والاندماج نحو الحماية المؤقتة، وبهدف إعادة الأفراد إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن. ومما لا يثير الدهشة، أن العواقب بالنسبة لكل من اللاجئين الأفراد والاتحاد الأوروبي كانت هائلة.

 

ومنذ عام 2019، تمت إعادة تقييم حاجات أكثر من 1000 لاجئ من دمشق ومحافظة ريف دمشق، وحتى الآن، تم إلغاء الحماية عن نحو 100 لاجئ. ونتوقع أن اللاجئين من مناطق أخرى في سورية، وكذلك من دول أخرى، سوف يعاد تقييم تصاريح إقامتهم، بالمثل، في المستقبل القريب.

 

«يمكن لأخي البقاء. لكن كيف نتركه؟ وكيف يمكن أن يبقى وحيداً هنا وهو يعلم أن عائلته عادت إلى سورية؟» سألتنا ليلى، البالغة من العمر 23 عاماً. وحصل شقيقها، الذي بلغ لتوه 18 عاماً، على حق اللجوء لأنه معرض لخطر التجنيد للخدمة العسكرية. وفي هذه الأثناء، تم إلغاء تصاريح ليلى وبقية أفراد أسرتها، ويتعين عليهم الآن مغادرة الدنمارك.

 

مخاوف

 

من المنطقي أن الخوف من تمزيق أسرهم أصبح الآن مصدر قلق مشترك ومشروع بين اللاجئين السوريين؛ وذلك على الرغم من حقيقة أن هذه الممارسة تخاطر بخرق التزامات الدنمارك بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؛ وبشكل أكثر تحديداً، الحق في الخصوصية والحياة الأسرية بموجب المادة 8.

 

أولاً، لا تضمن إجراءات الإلغاء الجارية تقييماً شاملاً لارتباط الأسرة أو ارتباطها بالدنمارك أثناء مرحلة الاستئناف، وهو شرط أساسي لإجراء تقييم صحيح بموجب قانون حقوق الإنسان، وبدلاً من ذلك، يتعامل مجلس اللاجئين مع قضية اللاجئ، بينما يعالج مجلس طعون الهجرة قضايا أفراد الأسرة بشكل منفصل. وبالإضافة إلى ذلك، من خلال تطبيق تعريف ضيق لما يمكن اعتباره «حياة أسرية» – بغض النظر عما إذا كان الآباء المسنون يعتمدون على أطفالهم البالغين، أو أن الشباب يمكن أن يكون لهم علاقات عائلية وثيقة مع والديهم – لا تدرك السلطات الدنماركية أن البعض قد يكون لديهم حياة أسرية محمية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

 

عملية معقدة

 

وفي الوقت نفسه، فإن العملية التي يمر بها اللاجئون السوريون، عندما تعيد السلطات تقييم تصاريح إقامتهم، معقدة وطويلة، حيث تستغرق أوقات المعالجة في كثير من الأحيان أكثر من عام؛ على حساب اللاجئين المعنيين.

 

على سبيل المثال، على الرغم من إلغاء تصريح إقامتها من قبل دائرة الهجرة الدنماركية، وتأكيد الإلغاء من قبل مجلس طعون اللاجئين، لاتزال مريم تنجح في إعادة فتح قضيتها. وبعد عامين تقريباً، مُنحت أخيراً إذناً بالبقاء في الدنمارك.

 

ومع ذلك، لاتزال مريم تعاني الاكتئاب وتجد صعوبة في النوم ليلاً. وقالت، «نعم، لقد خرجت من هذا، لكن لاتزال هناك أشياء تُعيقني».

 

وبالنسبة للآخرين، يمكن أن تكون العملية مرهقة للغاية لدرجة أنهم يستسلمون حتى قبل أن يتلقوا قراراً نهائياً من السلطات. وغادر مئات اللاجئين السوريين الدنمارك بمجرد تقديم طلبات اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

 

وغادرت عايدة وعائلتها فور تلقيهم القرار من دائرة الهجرة، دون انتظار قرار مجلس الاستئناف. وتقول عايدة «اعتقدنا أنه سيكون مضيعة لوقتنا، وإذا لم تصدقنا السلطات في المرة الأولى، فلماذا يصدقوننا في المرة الثانية؟»، ولكن عندما تقدمت عائلتها بطلب لجوء في دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، تم رفضهم وإعادتهم إلى الدنمارك، حيث سيتعين عليهم الآن البدء من جديد في نظام اللجوء هناك.تقويض التضامن

 

بغض النظر عن العواقب الهائلة لهذا التحول الجذري بالنسبة للاجئين، بالإضافة إلى خطر انتهاك الدنمارك لالتزامات حقوق الإنسان الدولية؛ من المهم أن نلاحظ أن تركيز الدولة القوي على إلغاء تصاريح إقامة اللاجئين أمر فريد، أيضاً، بين دول الاتحاد الأوروبي. وتوفر قواعد اللجوء الدنماركية مستوى أقل بكثير من الحماية مقارنة بالدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد.

 

على هذا النحو، فإن هذه الممارسة تخاطر بتقويض تضامن الاتحاد الأوروبي، عندما يتعلق الأمر باللجوء؛ بينما يثير أيضاً أسئلة حول الفعالية. ومن بين نحو 100 سوري تلقوا قرارات الإلغاء النهائية، لم يتم حتى الآن إعادة أي منهم قسراً إلى سورية، إذ تفتقر الحكومة الدنماركية إلى أي علاقة دبلوماسية مع حكومة الرئيس بشار الأسد.

 

وهذا يعني أنه بصرف النظر عن حقيقة أن عمليات الإعادة القسرية هذه لا يتم تنفيذها، فإن نهج الدنمارك يتسبب أيضاً في انتقال مئات اللاجئين السوريين إلى بلدان أخرى في الكتلة.

 

وينقل هذا بشكل أساسي المسؤولية من الدنمارك إلى جيرانها في الاتحاد الأوروبي، حيث لا يمكن إجبارهم على العودة إلى ديارهم.

 

والنبأ السار هو أنه مع استقرار الحكومة الجديدة في الدنمارك، تشير الدلائل المبكرة إلى أنها قد تحاول إدخال بعض الاستثناءات من «التحول الجذري» في سياسة الهجرة، إذ تنص الاتفاقية الحكومية الجديدة على أنه إذا كان اللاجئ السوري يدرس في مجال يحتاجه الاقتصاد الدنماركي، حالياً، سيكون قادراً على الاحتفاظ بتصريح الإقامة الخاص به. ومع ذلك، لاتزال الدنمارك تواجه سؤالاً سياسياً ملحاً: ما إذا كانت ممارسة الإلغاء العدوانية هذه ستستمر؟

زر الذهاب إلى الأعلى