د. رويدا مصطفى الرافعي: الفن التشكيلي كان في بداياته مرتبطا أكثر بالطبقة البرجوازية

النشرة الدولية –

حاورتها هيام عبيد  – مجلة كواليس –

مثلت لبنان في العديد من الدول العربية.

د. رويدا مصطفى الرافعي الفنانة والباحثة التشكيلية اللبنانية

هناك الكثير من الأبحاث والقراءات التشكيلية.

دكتوراه في الفن والعلوم الفن

*بصوره مختصرة وموجزة عنك من هي د.رويدا مصطفى الرفاعي؟

هي فنانة وباحثة تشكيلية لبنانية، دكتوراه في الفن والعلوم الفن،
استاذ محاضر في كلية الفنون الجميلة والعمارة، عضو في الهيئة الإدارية لجمعية الفنانين اللبنانين للرسم والنحت وممثل الجمعية لدى الوزارة
لديّ ابحاث وقراءات تشكيلية حول واقع السياسة في المشرق العربي….

 

*فنانة وباحثة تشكيلية… ماذا عن هذا الفن بصورة عامة؟

– الفن هو التعبير عن الأفكار الجمالية عن طريق توظيف المرء لخياله وإبداعه، وهو يشتمل على ألوان مختلفة من الإنتاج الثقافي. وهنا طبعا لا بدّ من الإشارة إلى أن الفن لا يقتصر على الفنون البصرية كالتصوير والنحت، وإنما يشتمل أيضاً على الموسيقى، والأدب، والمسرح، وغيرها من الفنون الأخرى التي ترتبط بمختلف الأنشطة الإنسانيّة والاجتماعيّة…

 

*الفن التشكيلي له قواعد لا بد من إتقانه؟

– مما لا شكّ فيه أنّ الفنّ التشكيلي له أُسُس وقواعد لإتقانه، ولعلّ من أبرزها هو التعلم على القواعد الخاصة، والتدريب المكثف على يد فنانون وأساتذة مهرة في محترفاتهم الفنيّة، وبشكلٍ خاص في المعاهد وكليات الفنون الجميلة لكي يصلوا إلى مستوى الاحترافية.

 

*لكل فنان تشكيلي…مراحل مختلفة ..كيف ترين هذه النظرة أو الاختلاف؟

– من الطبيعي أن يمرّ الفنان التشكيلي بمراحل متعدّدة خلال مشواره الفني، بدءً بتعلم القواعد الأكاديمية الرصينة للفن التشكيلي، وبالتحديد في معاهد وأكاديميّات الفنون، ومن ثم يمرّ بمراحل عديدة من الإدراك والتأمّل والمقارنة والتعبير عمّا بداخله من أحاسيس ومشاعر، فهذه النظرة أو الاختلاف في المراحل التي يمرّ بها، تؤدي إلى بناء الشخصيّة المتأملة والمدركة للفنّان التي يصل من خلالها إلى تكوين أسلوبه الفردي الخاصّ.

 

*لماذا الفن التشكيلي يأتي عادة ترتيبه في المرحلة الأخيرة مع أن التكنولوجيا له انتشار واسع؟

– لا يمكن انكار أن التكنولوجيا تعتبر من أكثر الأشياء تأثيراً في الفنّ بأنواعه المختلفة والمتعدّدة، وأيضا في حياتنا اليوميّة، وبما أن الفن التشكيلي كان في بداياته مرتبطًا أكثر بالطبقة البرجوازيّة كونه كان مجرّد أداة تزيينيّة، وكان منحصرًا فقط بالذائقة الفنيّة للتعبير عن الذات أو عن الجمال والطبيعة، وأحيانا عن المجتمع وقضاياه، بالتالي لا يهمّ كثيرا الكيفيّة التي يعبر بها الذات والمجتمع عن نفسه طالما ظاهريا يتقدّم في باقي المجالات.

*كيف ترين الأجيال الفنية التشكيلية هل تتطور مع الوقت؟

– الفنون بشكل عام تعد تراثا وحضارة مهمة تتناقلها الأجيال، وهي تتطوّر، على مرّ العصور، مع تطوّر الثقافات وخبرات الأجيال، فيأتي الفنّ في كل عصر ليسجّل عاداته وثقافته بكلّ تفاصيلها، وبالأخصّ الفنّ التشكيلي الذي يكاد أن يكون أدقّ من كتب التاريخ في التعبير عن الذات الإنسانيّة وتجسيد الوقائع والأحداث.

 

*متى بدأت في عالم الرسم?

– كنت في التاسعة من عمري عندما أدركت بأن علاقة ما تربطني بقلم الرصاص والأقلام الخشبية الملونة وأنني قادرة على نقل مشاهداتي على الورق ببساطة فائقة. وبعد ذلك أخذت رسوماتي الأولى تعلق على جدران المدرسة وتحصد إعجاب من كانوا حولي من أساتذة وتلاميذ، وبعد أن أنهيت دراستي المدرسيّة التحقت بكلية الفنون الجميلة لأحقّق أمنيتي في دراسة الفنون التشكيليّة للتعبير ليس فقط عن عشقي لهذا الفن، بل عن كوامني الداخلية لا سيّما التعبير عن المعاناة الإنسانيّة الناتجة عن تدهور الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة في وطننا العربي، لكن بقيم فنيّة جماليّة.

 

 

*هناك تطبيقات وبرمجيات تشتغل على البروفيل الأشخاص بمؤثرات تقنية كيف تقرائين هذا المحاكاة؟

– باتت التكنولوجيا جزءًا مُهمًّا وأساسيًا لا يتجزأ من حياة الإنسان في جميع المجالات العلمية والمهنيّة والفنيّة، من هنا لجأ الفنانون التشكيليّون للتأكيد على ضرورة الفن وأهميّته في عصرنا الحالي، باستخدام الابتكارات التكنولوجية كوسيلة لتنفيذ ابداعاتهم، ودمجها في أحيانٍ أعمالهم الفنية، ويبدو ذلك بصورة خاصّة في الفنون الرقمية والرسوم الثلاثيّة الأبعاد، هذا بالنسبة لإيجابيّات التكنولوجيا واستخدامها في العمل الفني. ولكن بالمقابل، نجد أنّ عصرنا الحالي، بكلّ ما يحمله من تطوُّر علمي وتكنولوجي، أثّر -سلبيّا- وبشكلٍ معكوس على النقلة النوعيّة التي حدثت في إنتاجنا الفني العربي، بحيث نجد أنّ التكنولوجيا هبطت بالأعمال الفنيّة لدى بعض الفنانين التشكيليين، لتصل إلى مستويات اتّصفت بالركاكة والتدنّي في المعايير الفنيّة والتعبير عن القيم الجمالية، ما أدى إلى خلق جمهور استهلاكي لا يمتلك ثقافة فنية وحسّ وتذوّق فني.

*هناك ابحاث وقراءات تشكيلية حول واقع السياسة في المشرق العربي ماذا عنها؟

– صحيح أنّ هناك الكثير من الأبحاث والقراءات التشكيليّة التي تعبّر عن الواقع السياسي والاجتماعي في دول المشرق العربي، إلّا أنّ الأهميَّة الأساسيَّة في تخصّصي في هذا المجال، أي الربط بين الحدث السياسي والحدث الفني والكشف عن مقوّمات الإبداع، تأتي في مسار الجهود الرامية لسدّ النقص الواضح في الدراسات العلميَّة والأكاديميَّة لتناول ظاهرة الموضوع السياسي في الفنّ التشكيلي، وأثره على تطوُّر الحركة الثوريَّة عمومًا في العالم العربي.

 

 

*مثلت لبنان في العديد من الملتقيات والمعارض وشاركتي في ندوات ومؤتمرات ولك عشرات الأبحاث… ماذا عن هذه الانجازات؟

– أجل، لقد شاركت في العديد من المعارض والسمبوزيومات والملتقيات الفنيّة في لبنان وخارجه، كما مثلت لبنان في العديد من الدول العربية (مصر، الأردن، عُمان، ودولة الكويت)، وشاركت أيضًا في ندوات ومؤتمرات دوليّة تُعنى بالفنّ التشكيلي المعاصر.

 

*لك اصدارات عديدة ماهي؟

– الإصدار الأوّل جاء تحت عنوان (الموضوع السياسي في اللوحة التشكيليَّة في لبنان) منشورات الجامعة اللبنانيَّة، المطبعة العربيَّة، بيروت، 2015. الإصدار الثاني (جدل الحراك السياسي والفعل التشكيلي في لبنان، منشورات الهيئة العامة لقصور الثقافة/ القاهرة، 2020. أمّا الإصدار الثالث: موسوعة (الواقع السياسي في المشرق العربي، منشورات مؤسّسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية في طرابلس/ شمال لبنان، 2022. وقد حاولت في هذه الموسوعة الصغيرة رصد مختلف مراحل الحركة التشكيلية في كل من (العراق، لبنان، سورية، فلسطين، والأردن) ومواكبتها للأحداث السياسية والاجتماعية منذ أواسط القرن الماضي حتى اللحظة الراهنة، تلك الأحداث التي قلبت الكثير من المفاهيم لسكان دول المشرق العربي، وأسّست بدورها لمفاهيم مستجدّة أصبح لها الدور الفاعل في صياغة إيقاع المنطقة الثقافي والفنّي.

 

 

*ماذا أضاف لك منتدى العلامة الشيخ مصطفى الرافعي الثقافي؟

– لقد أضاف لي منتدى العلامة والدي (رحمه الله) الكثير من المعلومات العلميّة ولا سيّما الأدبيّة والدينيّة التي أنارت لي دربي، وشجّعتني في خوض المجال الأدبي، والتوفيق في مساري المهني بين التطبيقي والنظري في لوحاتي وأبحاثي ودراساتي، لا سيّما أنّ المنتدى كان الدافع الأساس لمتابعة تخصّصي ونيل شهادة الدكتوراه في الفنّ وعلوم الفن.

*كيف ترين محركات الابداع التشكيلي فناني دول المشرق الغربي؟

– أطروحتي الدكتوراه التي حملت عنوان: (الفنّ التشكيلي في المشرق العربي بين موجبات الابداع وتداعيات الواقع السياسي) كان هدفها الكشف عن محركات الإبداع لفنّاني المشرق العربي، حيث ارتهن الفنّ التشكيلي في تلك الدول منذ بداياته للواقع السياسي، والتعبير عن الصّراع العربي الإسرائيلي والقضيَّة الفلسطينيّة التي أضحت محوريَّة منذ منتصف القرن العشرين، إلى جانب القضايا والأحداث الكبرى الجسام، والتطوُّرات والمفاهيم الجديدة التي شهدها المشرق والوطن العربي. وقد استنتجت من خلالها أنّ الفنّان التشكيلي المشرقي قد أفرز العديد من الأعمال الفنيَّة التي جسَّدت الوقائع والأحداث، وكانت محرّكا للإبداع..

 

*ختاماً هناك مطلب تتمني أن يتحقق ماهو؟

– بالتأكيد هناك العديد من المطالب التي يسعى إليها الفنان التشكيلي اللبناني، ويأتي في مقدّمة تلك المطالب إنشاء متحف وطني للفن التشكيلي المعاصر أسوة بباقي الدول العربيّة المجاورة، إلى جانب رعاية الدولة للفنانين التشكيليين وتشجيعهم واحتضان مواهبهم، ودعمهم ماديًا ومعنويًا، ومنحهم حافزًا يعينهم على طريق الإبداع؛ فالمجتمعات تعرف من حضارتها ومن يضع هذه الحضارة هو الفنان والمبدع……

شكرا د . رويدا مصطفى الرافعي
على حوارك
كل الشكر لمجلة كواليس .. .
الى اللقاء مع ضيف .اخر

زر الذهاب إلى الأعلى