جيش “حزب الله”… رسائل تتجاوز حدود لبنان…. تحذيرات من أن التداعيات الاقتصادية في حال نشوب حرب مع إسرائيل ستكون كارثية

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

كأن المسؤولين اللبنانيين يلعبون في الوقت الضائع، وكأنه لا يكفي المنظومة السياسية الحاكمة ما آلت إليه الأحوال من الانهيار المالي والاقتصادي والنقدي، والتصدعات الأمنية والفشل السياسي والشروخ التي أصابت علاقات البلد مع الدول العربية والمجتمع الدولي.

بل ما يزيد الطين بلة التصريحات الصادرة عمن يفترض أنهم قياديون، مما يؤكد أن المسؤول في واد والمواطن اللبناني في واد آخر، وآخرها ما جاء على لسان أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله.

سوسن مهنا

قال نصر الله، في لقاء خاص عقده مع المرفعين إلى التعبئة العسكرية في الثامن من الشهر الحالي، إن “9378 جندياً تعبوياً جديداً قد انتسبوا إلى جيش الله المخلص، وهؤلاء يضاف إليهم ما يقارب 90 ألف عنصر في عديد كشافة الإمام المهدي”، كاشفاً عن أن “لدى حزب الله أكثر من 100 ألف مقاتل وما خفي أعظم”.

وأضاف نصر الله، متوجهاً إلى التعبويين الجدد، “يجب أن نكون مؤهلين وجاهزين عسكرياً وأمنياً، لأن المنطقة والعالم ذاهبان إلى مخاض، أنتم مدعوون إلى الحضور والعمل بمزيد من الكد والتعب”.

100 ألف مقاتل

هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها نصر الله أرقام مقاتليه، التي تفوق 100 ألف، ففي شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وبعد حادثة “عين الرمانة” بالعاصمة بيروت، التي شهدت مواجهات مسلحة خلال تظاهرة لمناصري “حزب الله” و”حركة أمل”، اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، الذي يطالب الثنائي الشيعي بعزله، أعلن نصر الله في خطاب له أن عدد المقاتلين المسلحين والمدربين والجاهزين للقتال في صفوف حزبه يبلغ 100 ألف مقاتل، باستثناء الحلفاء والمنظمات غير العسكرية.

كانت تلك هذه المرة الأولى، التي يحدد فيها تعداد مقاتلي “الحزب” بشكل علني، وقال إنه يكشف عن هذه الأرقام للمرة الأولى لخطورة الموقف، واعتبر أعمال العنف التي وقعت حينها “أحداثاً مهمة وخطرة ومفصلية وتشكل مرحلة جديدة في التعامل مع السياسة الداخلية”.

شبح حرب تموز 2006

يرى بعض المراقبين أن ما يفعله نصر الله ليس إلا استقواء بالسلاح والعسكر، وأن بيئته الحاضنة غير مستعدة للدخول في حرب حالياً، مع كل الأزمات التي تعصف بالبلد، كما أن تلك البيئة ينطبق عليها ما ينطبق على اللبنانيين من ارتفاع في الأسعار والكهرباء المقطوعة والأمن الهزيل والمؤسسات المترهلة.

وتستبعد المصادر إقدام الحزب على مغامرة شبيهة بمغامرة يوليو (تموز) 2006، التي جاءت بعد أن عبر مقاتلو “حزب الله” إلى الأراضي الإسرائيلية وهاجموا قافلة للجيش فقتلوا ثلاثة جنود وأسروا اثنين وعادوا بهما إلى لبنان.

وتشدد المصادر “علينا ألا ننسى أن اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين لم يجف حبره بعد، بالتالي أي خطوة متهورة سيدفع ثمنها لبنان أضعافاً مضاعفة”، وإن كان الأمر كذلك فلما تلك المناورات والاستعدادات من قبل الطرفين؟

“جيروزاليم بوست” الإسرائيلية رأت أنه يجب أن ينظر إلى “حزب الله” على أنه “تهديد استراتيجي رئيس”، وفي مقالة للكاتب نيفيل تيلر أشارت الصحيفة إلى أنه “يجب على تل أبيب أن تنظر إلى ترسانة الصواريخ الدقيقة المتزايدة لحزب الله باعتبارها تهديداً استراتيجياً كبيراً على قدم المساواة مع البرنامج النووي الإيراني”.

وأوضحت الصحيفة “إذا طورت إيران في نهاية المطاف قدرتها النووية، فلن يكون هناك ما يمنعها من تسليح حلفائها بالمثل”، وقالت “في الآونة الأخيرة نشط عناصر حزب الله بشكل متزايد على الحدود اللبنانية، لقد أقاموا عشرات من نقاط المراقبة، وزادوا من دورياتهم، وقاموا برصد وتوثيق تحركات القوات الإسرائيلية علانية”.

وأضافت “حزب الله يقف على الحدود، لذا نستعد لكل شيء، الخطر حقيقي جداً، أية ضربة غير متوقعة في الحرب بين الحروب مع سوريا يمكن أن تؤدي إلى صراع كبير في لبنان”.

بدوره يؤكد الكاتب السياسي المقرب من “حزب الله” قاسم قصير “أن احتمال الحرب يبقى وارداً” وأن “التصعيد في فلسطين والمنطقة، إضافة إلى التهديدات الإسرائيلية المستمرة، يحتاج إلى الاستعداد”.

وأضاف قصير، في تصريح لـ”اندبندنت عربية”، أن “جهوزية الحزب هي نوع من الاستعداد لأي مواجهة”. وعن قصد نصر الله في قوله إن المنطقة والعالم ذاهبان إلى مخاض، أشار إلى أن “الحزب يحاول أن يرسل رسائل للإسرائيليين أن أية حرب أو أي تصعيد داخل فلسطين أو خارجه سيواجه بقوة، لذا يحسب الإسرائيليون كثيراً لأية مواجهة، كما أن توازن القوى يصعب قرار الحرب”، لكنها “تبقى واردة مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة”.

وعن تقبل البيئة الحاضنة للحزب حرباً جديدة، يؤكد قصير أنها “بيئة مستعدة للتضحية على رغم الضغوط الاقتصادية”.

رسائل للخارج

يرى الكاتب السياسي أسعد بشارة أن كلام أمين عام حزب الله عن الجهوزية العسكرية لا ينطبق على الملف اللبناني، “فالحزب جزء من منظومة إيران العسكرية والأمنية والتوسعية في المنطقة، بالتالي هذا الكلام المفروض منه أن يتخطى الحدود اللبنانية، لأنه على المستوى اللبناني وبعد حرب 2006 طبق القرار 1701 في الشق المتعلق بوقف إطلاق النار بطريقة شبه كاملة، ولم تسجل منذ عام 2006 أي خروقات تذكر، واحترم الحزب هذا الشق من القرار”.

وعن اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل وهل سينتهكه “حزب الله”، قال بشارة في تصريح خاص “يمكن الآن القول إنه وبعد عملية ترسيم الحدود بقرار من حزب الله وبغطاء منه لم يعد مطروحاً على الطاولة إثارة التوتر على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وليس للجانبين مصلحة في ذلك، بالتالي يبقى الوضع على ما هو عليه”.

وأضاف “أما القراءة للكلام عن التجهيز بالعديد والعتاد فمرتبط برسائل ترسلها إيران على وقع شبه توقف المفاوضات حول الملف النووي، وعلى وقع التلميح الإسرائيلي أيضاً عن تجهيز جوي، وفي موازنة وزارة الدفاع الإسرائيلية من استعداد لوضع خيار ضرب إيران كأحد الخيارات، إذاً نصر الله هنا يرسل رسالة إيرانية مفادها بأنه إذا ما تلقت إيران ضربة عسكرية سيكون جاهزاً للرد من لبنان”.

لبنان لا يحتمل التداعيات

عقب حرب يوليو (تموز) وفي شهر أغسطس (آب) 2006 قال أمين عام “حزب الله” إنه لو علم “أن عملية خطف جنديين إسرائيليين الشهر الماضي (يوليو) كانت ستؤدي إلى جولة العنف التي استمرت 34 يوماً لما قمنا بها قطعاً”.

وكانت “حرب تموز” المدمرة ألحقت خسائر فادحة في لبنان، أهمها مقتل 1450 لبنانياً وتهجير 900 ألف مواطن من الجنوب، وخسارة نتيجة التدمير الجوي والمدفعي للتجهيزات البنيوية قدرت بسبعة مليارات دولار.

 

عن هذا يقول الكاتب السياسي “ليس لبنان في وضع أن يفكر بإطلاق رصاصة واحدة، فمع شبه الانهيار الكامل في الاقتصاد، كما أن اللبنانيين وبنسبة عالية يعيشون حال بؤس وفقر، والبنى التحتية تتعرض للتآكل، وإدارات الدولة تتحلل، بالتالي إنه من الجنون اليوم أن يتم تحميل لبنان أعباء حرب مقبلة، هذا سلوك خارج عن العقل والمنطق، وتعودنا دائماً مع محور الممانعة أن يتم استعمال لبنان كمسرح لإيصال الرسائل، ولو جاء ذلك على حساب أرواح أبنائه واقتصاده وبناه التحتية”.

بدوره يلفت المدير العام لـ”ستاتيستيكس ليبانون” ربيع الهبر إلى أن التداعيات الاقتصادية في حال نشوب حرب بين لبنان وإسرائيل ستكون كارثية، بدليل أن الناتج القومي المحلي الآن لا يتعدى 17 أو 18 مليون دولار، هذا بأفضل الأحوال ومع وجود اقتصادين، أي اقتصاد التهريب والاقتصاد الشرعي.

وقال “خلال حرب 2006 كان معدل الناتج القومي بحدود 45 مليار دولار، ونتج منه كارثة اقتصادية لو لا تدخل الأشقاء العرب وودائع السعودية والإمارات وقطر، حيث قامت قطر حينها بإعادة بناء وتأهيل قرى عديدة في الجنوب، اليوم في حال نشوب حرب هل سيكون هناك دعم عربي كما حينها؟ وأين سيصبح الدخل القومي وأين طاقات وقدرات الدولة اللبنانية، وما الخطة البديلة؟”.

وأوضح أن “البلد ومن دون حرب تعاني عدم وجود الكهرباء والماء، فضلاً عن الانهيار في الخدمات والإدارات العامة”، متسائلاً أين هي خطة الدفاع المدني من مستشفيات وطوارئ، وتموين الشعب بالمواد الغذائية.

وأضاف الهبر، في حديث خاص، “إن حصل واشتعلت حرب فإن البلد سيواجه أزمة متعددة الأوجه، إذ سينشأ انهيار مالي ونقدي أكبر وأعمق، وعدم قدرة لإعادة بناء ما تهدم، إضافة إلى الانهيارات في الإدارات والبنى التحتية والمرافق العامة”.

Back to top button