الخليج.. والصراع الدولي الاقتصادي
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
سمعت في محاضرة حضرتها ذات فعالية سياسية اقليمية، اننا في الخليج، نقع في قلب، أي وسط العالم، وهو ما يبرز اهميتنا الاستراتيجية الجغرافية، التي دفعنا ثمنها غالياً، حيث ظلت المنطقة تغلي من حروب وصراعات ونزاعات، لكننا اليوم في وسط ساحة صراع اقتصادي دولي، ولا يمكن أن نتجاوزه الا بالتوازن، والتوازن السياسي الدبلوماسي الذكي.
ولنقرب المشهد: لدينا مبادرتان اقتصاديتان تعنيان بالممرات الدولية، لربط الشرق بالغرب والعكس، ربما يرى البعض أن لا دخل للخليج بإنشائهما، ولكننا بالتأكيد سنكون متأثرين بشكل مباشر، كوننا نقع بمنتصف الطريق للمبادرتين! ما يعني تأثرنا الاقتصادي والسياسي، سواء ايجاباً، إن كنا اذكياء، أو سلباً لا سمح الله.
فأولاً لدينا مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين، لإنشاء ممر من الصين الى العالم، لنقل البضائع وغيرها من خدمات اقتصادية تجارية، وهي مبادرة مبتكرة ونقلة نوعية في البنى التحتية قد تكون الأكبر في التاريخ.
بالمقابل، تسعى الهند والولايات المتحدة الأميركية وبالتعاون مع دول أخرى لإنشاء مبادرة الممر التجاري، لهدف مشابه، ولربط الشرق بالغرب لنقل البضائع والخدمات التجارية، رغم أن ما يشاع بأن هذه المبادرة جاءت بمظهر هندي، لكنها حقيقةً مضمونها غربي لسد الطريق على الصين أو التخريب على مشروعها البنيوي.
بالتالي، ولنبسط الأمر، نحن أمام مشروعين عظيمين ينقلان العالم نقلة اقتصادية قل نظيرها، لكن أحدهما مشروع صيني للمعسكر الشرقي، والثاني مشروع هندي أي للمعسكر الغربي، وكأن الأمر صراع دولي اقتصادي بين عملاقين، هما الصين والولايات المتحدة.
في الخليج، نحن نقع بمنتصف كل شيء تقريباً، فجغرافياً، نحن بمنتصف الطريقين، سواء الممر التجاري الهندي أو الحزام والطريق الصيني. واستراتيجياً، نحن بمنتصف منطقة تغلي في صراعات وحروب كحرب الكيان الصهيوني على غزة، وسياسياً، تربطنا علاقات بالصين من جهة وبالولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، واقتصادياً، نحن دول مصدرة للنفط للمعسكرين، ومستوردة للسلع من المعسكرين، بالتالي وبأي شكل من الأشكال، فإن الحل الوحيد الماثل أماننا للخروج بانتصار من هذا الصراع الاقتصادي الدولي أن نوازن علاقاتنا بالطرفين، وأن نقف على ذات المسافة من المعسكرين وأن نؤيد انشاء المشروعين، كون الاثنين يمكن أن يصبا بمصلحة الخليج.
ولكن الخطوة الأذكى هنا ليست توازن العلاقات والحفاظ على قربنا من المعسكر الغربي والشرقي على حد سواء، بل ان الأهم أن نخرج بأكبر قدر من الاستفادة الاقتصادية من المشروعين حال تشغيلهما، فممرات تجارية عملاقة كهذه، تعني فرص عمل وتنوع وانتعاش اقتصادي وتدريب للطاقات البشرية وغيرها من فوائد اقتصادية جمة، بالتالي، فإن لزاماً علينا، أن نعمل من الآن، على كيفية تعظيم استفادتنا ومساهمتنا في المشروعين لنخرج بعوائد اقتصادية ملموسة، وتوازي أهميتنا الاستراتيجية.
بالمناسبة، كان لكل من السعودية والامارات الشقيقتين، مواقف وحضور في بعض النقاشات حول مشروع الممر التجاري، كونهما جزءا من G20، نتمنى أن تفعِّل الكويت دورها الدبلوماسي المهم كذلك، وسريعاً، حتى نتمكن من الوجود على خريطة الاستفادة الاقتصادية.