الزلزال التركي والكويتي
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
قلة من الدول تعلمت كيف تتوقع الأعاصير والزلازل وتتحوط لها، مثل اليابان وأميركا. ومن الناحية التقنية، يزيد احتمال وقوع الزلازل في الأماكن التي يكثر فيها الفولاذ والزجاج والهياكل الخرسانية الدائمة، ونادراً ما تقع الزلازل في وسط المناطق الصحراوية.
***
انتقد خبير الزلازل الياباني شينوريمو كونوري، على قناة تركية، سلطاتها في ما وقع من دمار وعدد الضحايا الكبير نتيجة الزلزال الأخير الذي وقع فيها، وحملها جزءاًَ كبيراً من المسؤولية. وقال إن بقاء عدد من الأبنية في قلب الزلزال صامدة يعني بوضوح وجود فساد كبير في قطاع المقاولات، فالمقاول هو الذي يبني في تركيا، وليس المهندس، وحتى مع وجود الأخير، فإنه غالباً ما يكون بلا خبرة، وحديث التخرج.
كما أن مدينة إرزين التركية نجت من الزلزال لصرامة أنظمة البناء فيها، ورفض سلطاتها طلبات الاستثناءات من متنفذين، وليس لأنها مدينة يكثر فيها الدعاة والأتقياء، على الرغم من كل ضغوط الحكومة المركزية على سلطاتها للتساهل في منح تراخيص البناء.
كلام الخبير الياباني لفت نظري إلى العدد الكبير من العمارات، خصوصاً في مناطق سكن العزاب لدينا، إضافة إلى المساكن الخاصة التي تبنى بعجالة، والتي قام ويقوم ببناء الكثير منها مقاولون من نوعية رديئة، وإشراف شبه معدوم، والتي ستتهاوى عند وقوع أول زلزال كبير نسبياً. وسبق أن رأينا كيف خربت الأمطار مناطق سكنية جديدة نتيجة سوء التصميم والتخطيط، بعد أن سلم أمر تخطيطها والإشراف على تنفيذها لمكاتب هندسية لا يحمل أصحابها شهادة لا في الهندسة المدنية ولا المعمارية، بل في {الجمبزة} فقط، وهي الشهادة التي كانت ولا تزال ربما كافية لتخليص أية معاملة، خصوصاً إن كان صاحب المكتب من أعوان الإخوان!
***
الكويت ليست بمنأى عن وقوع زلزال كبير فيها سيؤثر من دون شك في المنشآت والمباني السكنية ويحدث بها أضراراً جسيمة، خصوصاً القديمة منها. علماً بأننا نتعرض لزلازل متكررة متوسطة القوة، وتكرار وقوعها يعني، علمياً، أن إمكانية حدوث زلزال كبير مستقبلاً أمر وارد بقوة.
وفي الاتجاه نفسه، سبقتنا السلطات السعودية بفرض تطبيق اشتراطات التصميم الزلزالي Seismic design requirements على المشاريع السكنية الجديدة، بعد تداعيات الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا، وسيبدأ التطبيق على المباني السكنية الجديدة، بغية الحصول على مبان مقاومة لأخطار الزلازل، وأكثر جودة واستدامة وأماناً للسكان، وسيكون من مهام المكاتب الهندسية تلبية تلك المتطلبات عند إعداد المخططات الإنشائية، وقبل التقدم لطلب رخصة البناء.
***
نتمنى تدخل المدير العام لبلدية الكويت والجهات الأخرى لإقرار هذه المتطلبات لدينا، وفرض التصميم الزلزالي على كل التراخيص الجديدة.
كما نتمنى قيام مؤسسة التقدم العلمي بتكليف «معهد الكويت للأبحاث العلمية» القيام بإجراء فحوصات عشوائية على عدد من المباني في مناطق مختلفة، لمعرفة مدى قوتها ومقاومتها لأية زلازل قادمة.