النهج الهاشمي مستمر
بقلم: د. دانييلا القرعان
يصادف الرابع عشر من شهر تشرين الثاني ذكرى ميلاد قائد الأردن المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، الأب الحاني، باني نهضة الأردن، صاحب الكلمات التي صنعت مجد الوطن، فهو من أطلق عبارة « الأنسان أغلى ما نملك»، وعبارة « أنتم الدرع الواقي»، وعبارة « فلنبنِ هذا البلد ولنخدم هذه الأمة»… كلمات لن ننساها فهي كالضوء المنير لدروبنا، وكالأوسمة على صدورنا.
تمثل هذه الذكرى التي أرادها جلالة الملك عبد الله الثاني وشعبه الوفي ان تبقى خالدة في الوجدان، ورمزا للتضحية والعطاء والبذل، إذ يستذكر الأردنيون في يوم ميلاد الملك الباني رحمه الله، مسيرة حافلة بالإنجاز والتقدم والعطاء، خاضها المغفور له الملك الحسين بن طلال الى جانب أبناء شعبه، في خدمة الوطن وقضايا الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، على مدى سبعة وأربعين عاما، فإنهم يتطلعون بفخر وأمل الى إنجازات عهد الملك المعزز عبد الله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه، الذي سار على نهج آبائه وأجداده من بني هاشم، في استكمال مسيرة التنمية والتطوير بالمجالات كافة، وبهذه الذكرى يجدد الأردنيون العهد والولاء لوارث العرش الهاشمي أبا الحسين، وهو عازمون العقد والتصميم على مواصلة مسيرة الخير والبناء بكل ثقة وهمة عالية للحفاظ على الإنجازات والمكتسبات والسير نحو الغد المشرق لتحقيق وعد المستقبل.
في ذكرى ميلاد الحسين يستذكر الأردنيون النظرة الثاقبة لمليكهم الراحل والقراءة العميقة والواقعية للمحيط الذي يتواجدون فيه، وما تتعرض له من تأثيرات ومؤثرات خارجية، وما تحفل أيامها من اضطرابات وعدم استقرار، وخطابات سياسية متضاربة، وأجندات شخصية وفئوية وولاءات جهوية وارتباطات خارجية، فكان إن نأى ببلدة وشعبه عن تلك التجاذبات، واجتاز الاختبارات الصعبة، والمؤامرات باقتدار وعنفوان وكرامة.
حكاية العلاقة الأردنية الفلسطينية لا تهدأ الا لتبعث من جديد، كأنها مسلسل لا تنتهي حلقاته أبدا. من المعروف ان لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال جهودا كبيرة في التأسيس لمسيرة الأردن والتي يقود نهضتها اليوم وبكل حكمة واقتدار جللة الملك عبد الله الثاني المعظم، حيث بقي جلالة أبا الحسين متمسكا بميراث الإباء والأجداد من بني هاشم الأخيار، ومؤكدا جلالته على المواقف الثابتة تجاه فلسطين وجوهرتها القدس، والتي لخصتها جلالته بأننا الأقرب اليهم، ندعم صمودهم، وحقهم التاريخي والشرعي في إقامة الدولة الفلسطينية على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وستبقى الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس توفر لها الرعاية والحماية.
إن موقف جلالة المغفور له الحسين بن طلال تجاه القضية الفلسطينية والقدس نقطة مركزية في تاريخ النضال العربي والإسلامي، بوصفه قد شكل عبر الزمن الدرع الذي حماها من مشاريع الاحتلال والتهويد الإسرائيلية طوال عدة عقود. ففي عهد جلالته رحمه الله استمر رباط ونضال الجيش العربي الأردني المصطفوي في فلسطين والقدس حيث قدم الكثير من الشهداء والجرحى في معركة الكرامة وغيرها من المعارك على ثراها، فما من قرية وبادية ومدينة أردنية إلا ومنها شهيد وجريح على ثرى فلسطين، ليتمكن الأردن من الحفاظ على الجزء الشرقي من مدينة القدس حتى عام 1967.
وعلى صعيد النشاط الدبلوماسي ترك جلالته القنوات مفتوحة للحوار حول السلام وفق قرارات الشرعية الدولية ومنها قرار مجلس الأمن 242 / 1967م، و قرار (338/ 1973م)، معتبراً جلالته ان الرمز الحقيقي للسلام هو القدس وعودتها عربية هو المعيار الوحيد لصدق الداعين الى السلام في المنطقة، وقد صرح رحمه الله برؤيته العادلة للسلام في العديد من المحافل الدولية في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وفي اللقاءات والقمم الدولية والاسلامية والعربية وفي كافة الخطابات والمقابلات الوطنية والعالمية، كما وفر الاردن المظلة الدبلوماسية للأشقاء في فلسطين خلال مرحلة المفاوضات برعاية دولية خلال العقود الماضية، وبموجب هذه الثوابت والمنطلقات الأردنية تمّ موافقة الأردن على إعلان واشنطن وتوقيع معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية بتاريخ 17/ 10/ 1994م