ماذا تعني مخاطبة “حزب الله” لخامنئي بصفة ” قائدنا”؟
بقلم: فارس خشان
النشرة الدولية –
يصف “حزب الله” الذي يريد أن تكون كلمته هي الراجحة في انتخاب رئيس الجمهوريّة اللبنانية مرشد “الثورة الاسلامية في ايران” علي الخامنئي بعبارة “قائدنا”.
صفة “قائدنا” أطلقها، قبل أيّام قليلة نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الذي قال، في معرض مناصرته للخامنئي ضد الرسوم الكاريكاتوريّة في مجلة “شارلي ايبدو” الفرنسيّة: “حماك الله يا قائدنا”.
ويزعم “حزب الله” في أدبيّاته الموجهة الى اللبنانيّين أنّ علاقته بإيران ليست علاقة تابع بمتبوعه وآمر بمنفّذ وقائد بمُقود، ولكن ما إن يكون الكلام موجهًا الى الخارج عمومًا والى الايرانيّين خصوصًا حتى تتغيّر الأدبيات، كليًّا.
في وقت سابق، كان “حزب الله” يدافع أمام اللبنانيّين عن أدبيّاته الموجهة الى الخارج، انطلاقًا من بعدين: الأوّل الشكر للجمهورية الايرانية على ما قدمته وتقدمه ل”المقاومة” من دعم مالي وسلاحي ولوجستي وسياسي، والثاني ديني، انطلاقًا من مفهوم “ولاية الفقيه” الذي يحوّل “الولي الفقيه” الى “البابا الشيعي”.
ولكنّ الأدبيات التي تراكمت، في الآونة الأخيرة، أسقطت هذه التبريرات، فقبل الشيخ نعيم قاسم كان “قائدنا” قد أدرج لبنان، علنًا، في خانة “العمق الاستراتيجي للجمهورية الاسلامية في ايران”، ناسبًا هذا “الانجاز الاستراتيجي” الى “السياسة الحكيمة” لطهران.
وهذا يعني أنّ ما يؤمن به اللبنانيّون وما تؤكده عواصم القرار في الاقليم والعالم، على أنّ “حزب الله” ليس سوى ذراع من أذرع ايران في المنطقة، ليس افتراء ولا تجنيًّا ولا مجرّد معركة في “الحرب الناعمة” التي يخوضها “الاستكبار العالمي وعملاؤه ضدّ المجاهدين والمظلومين والمحرومين”.
والأهم من ذلك أنّ العقيدة التأسيسيّة ل”حزب الله”، وبعد تسويق لمقولات تعديلها، عادت، في مرحلة الانهيار اللبناني، الى الواجهة.
وتقوم هذه العقيدة على ما كان الامين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله، قد قاله في نهاية التسعينات من القرن الماضي، اذ شدّد على أنّ “مشروعنا ليس أن يكون لبنان جمهورية إسلامية واحدة، وإنما جزءًا من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخميني».
إنّ استعمال الشيخ نعيم قاسم صفة “قائدنا” في مخاطبة السيّد خامنئي، لا يختلف، جوهريًّا، عمّا سبق أن قاله نصرالله عن حكم “صاحب الزمان”.
والقيادة ليست من المفاهيم الدينيّة بل من المفاهيم السياسيّة-العسكريّة، وهي التي تحدّد الأهداف وتضع الخطط وتطلق الأوامر وتوزّع المكاسب.
وعليه ماذا يريد “قائدنا” من “حزب الله”؟
إذا تمّ اعتماد موقف خامنئي الأخير الذي لم يصدر أيّ توضيح في شأنه لا من بيروت ولا من طهران، يتضح أنّ “الأوامر” تقتضي بأن يبذل “حزب الله” جهوده من أجل إبقاء لبنان في خانة “العمق الاستراتيجي للجمهورية الاسلامية في ايران”، الأمر الذي يلتزم به “حزب الله” التزامًا صارمًا،مهما كانت الكلفة، وهو يترجمه بشعارين أساسيين: نريد رئيسًا للجمهوريّة “لا يطعن المقاومة في الظهر” وحكومة “تحمي ثلاثيّة الشعب والجيش والمقاومة”.
وهذا يعني أنّ الشغور الرئاسي، في حال عدم مراعاة شرط “حزب الله” سوف يدوم إمّا حتى استسلام رافضي انتخاب مرشّح الحزب، وإمّا حتى “يخرج” لبنان، بإرادة إيران أو رغمًا عنها، من خانة “العمق الاستراتيجي”.
وهذا يعني أيضًا أنّ الأسباب التي رمت اللبنانيّين في الجحيم لن تجد مخارج ايجابيّة، أيضًا حتى يأتي اليوم الذي لا يعود فيه “قائدنا” حاكمًا ايرانيًّا!