ترتيب اوراق واولويات اقليمية والعلاقات السورية- الايرانية على المحك
النشرة الدولية –
لبنان 24 – بولين أبو شقرا –
تبقى الحركة السياسية لجهة مقاربة الخلافات وابرام الاتفاقات في منطقة الشرق الاوسط في دائرة المراوحة رغم بعض الاختراقات التي لم تصل الى حدود تدوير الزوايا.
منذ شهر كان الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي يستعد لزيارة دمشق وسط الاجتماعات التي كانت تعقد برعاية روسية في موسكو بين سوريا وتركيا. تأجلت الزيارة من دون ايضاحات وربطها البعض بشروط ايرانية تطالب بمساحة خصوصيات فردية للايرانيين على غرار المساحة التي يتمتع بها الافراد الروس، لم تلق جوابا سوريا واضحا في اثناء مناقشة جدول الاعمال.
زيارة رئيسي استعيض عنها بزيارة وزير خارجية بلاده حسين امير عبد اللهيان الذي عرج الى بيروت ليؤكد دور ايران الوسطي كدولة تريد ان تتعاطى مع لبنان كمؤسسات، فيما توكل مصالحها والدور اللبناني الاساس لها للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. الزيارة الى بيروت لم تغير في اسس المرحلة ولا في الاوراق المبعثرة لكنها حملت بالطبع طابعا مغايرا الى سوريا حيث توجد احجار الدومينو الاساس بالنسبة لطهران. فلبنان ليس دولة محورية بل فرع رابح بعكس سوريا المقبلة على تسويات وعلى بناء تحالفات محورية لن تكون ايران بعيدة عنها لكن السعي ان تكون جزءا منها.
ساعدت ايران سوريا في الحرب ميدانيا وعسكريا مباشرة بالامدادات وعبر حزب الله، وهي طالبت عبر قاسم سليماني روسيا بالتدخل والمساندة حين شعرت بخطر سقوط سوريا. الا ان ما بين ايران وطهران عالمين مختلفين بالثقافات والعادات والتحالفات والعلاقات. ويبدو ان الملفات التي يسير فيها الطرفان لا تخضع للتنسيق، كملف المصالحة السورية- التركية التي ترعاه موسكو وهو ملف بالغ الاهمية لكلا البلدين المجاورين ويمكنه ان يعطي دمشق ” النفس الاقتصادي ” الذي عجزت عنه ايران ولم تقدمه بتاتا روسيا. سوريا تشهد ايضا على خط اماراتي جاد وعميق وهو يسير باتجاه افق سعودي يحمل شروطا لم تنضج بعد. وامام كل ذلك فان طهران خارج الطاولة لو انها تقف على ابواب قاعتها.
ما يؤكده اكثر من مصدر ان سوريا لا يمكن ان تتخلى عن ايران كحليف استراتيجي لكنها لا تستطيع البقاء على الانتشار الايراني على اراضيها بما فيه حزب الله وهي بدأت فعلا بتطبيق اعادة انتشارهم خصوصا من الجنوب السوري. لذا ستحمل دمشق العصا من الوسط من دون التخلي عن ايران ومع اعادة اكتساب حضورها في العالم العربي. ستعود سوريا ببطىء الى جامعة الدول العربية وستكون نقطة محورية للجوار ، ولو ان الولايات المتحدة الاميركية تقف ممانعة، ولكن لا يخفى على احد ان الدول العربية لا يمكن ان تتحرك باتجاهها بفيتو من واشنطن.
هي لعبة اوراق وترتيب لم تصل الى الفصل النهائي لكنها سلكت المسار ، فيما لبنان لم يدخله بعد وهو عالق في نقطة التجاذبات الداخلية والنسيان الخارجي.