الجمعية.. الأمل
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

عندما كان التعليم يتمتع بهامش حرية جدي كان هناك «نظام وأخلاق ونظافة»! وعندما اختفى ذلك الهامش البسيط، دخل غول التشدد والغلو، فغاب النظام، وانحدرت الأخلاق، واختفت النظافة!

***

ليس للدولة، أو الحكومة، وظيفة أو دور أكثر أهمية من تقديم تعليم جيد لأفراد الأمة. ومع انحدار مستوى التعليم انحدر مستوى الكثير من القيم المهمة، وأصبح وضعنا بالفعل مثيراً للشفقة والرثاء، وهذا ما دعا مجموعة من المواطنين المخلصين إلى التضامن وتأسيس جمعية تهتم بجودة التعليم، وتراقب طريقة تقديمه، بعد أن انحدر إلى درك متدن، وانتشرت فيه آفات الغش والتزوير.

يدير «جمعية جودة التعليم» مجلس إدارة مكون من الأساتذة: بدر البحر، نورية العوضي، هاشم الرفاعي، بشار العثمان، زهراء علي، موضي العجمي، ورعد الصالح. وتأسست عام 2016 بهدف نشر الوعي بأهمية التخصص العلمي الصحيح، ومراجعة أنماط التغيير في سلوكيات التعليم لأفراد المجتمع، ومكافحة الشهادات الوهمية والمزورة، ومحاربة الأبحاث «العلمية» المغشوشة والمسروقة، وغير ذلك من أهداف نبيلة.

استطاعت الجمعية خلال فترة قصيرة، وفي وجه معارضة شرسة، تحقيق عدد من الإنجازات، وكشف الكثير من الخراب، كما قلّل وجودها من حالات التسيب، خاصة بعد انكشاف الكم الكبير من حملة الشهادات المزورة، خصوصاً بين كبار «الأساتذة» و«القياديين» في الدولة، ونتيجة لجهودها صدر مؤخراً حكم تمييز قضى بمنع الجمع بين الوظيفة والدراسة في الخارج للموظف الحكومي، إلا بتفرغ كامل، أغلقت به المحكمة باب فساد طالما استغله أصحاب النفوس الفاسدة، حيث كان بعض هؤلاء، يستغلون الوضع السابق في الحصول على شهادات عليا، وهم في وظائفهم، مع اختيار تخصصات غريبة أو غير مطلوبة من أية جهة، وغالباً من جامعات يُعرف عنها زيف شهاداتها، ومع هذا لم يكن باستطاعة أحد وضع حد للتسيب، ولا حتى منع توظيفهم، وكان الأمر مثيراً للغضب وعامل تخريب لنفسيات الموظفين الشرفاء والجادين.

كما سبق أن دعت هذه الجمعية مجلس الوزراء إلى وقف العبث المتمثل في تعيينات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وحذرت وزير التعليم العالي من مغبة مخالفة صحيح القانون، حتى لا تضيع جهود وأموال الدولة والدارسين هباء بالحصول على مؤهلات لا طائل من ورائها، ولا تستفيد منها البلاد في تنفيذ خططها للتنمية والتطوير.

كما بينت الجمعية أن عدم تطبيق القوانين والضوابط والشروط سيجعل الباب مفتوحاً للكثير من موظفي الدولة لاستكمال دراستهم خارج البلاد للحصول على شهادات علمية، وهذا سيخلق عدم انضباط خلال ساعات العمل الوظيفي، واستخدام وسائل قد تكون غير مشروعة لتجاوز الاختبارات والنجاح بوسائل الغش والتزوير بسبب عدم التفرغ الكامل.

فمن يشغل وظيفة عامة بالدولة ويرغب بمواصلة التعليم والدراسة ليس له طريق لاستكمال دراسته، سواء على نفقته أو الجهة التي يعمل بها، إلا بعد الحصول على الموافقة على إجازة دراسية وتفرغ تام للدراسة، وألا يتم الجمع بين العمل والدراسة، مع اشتراط موافقة التعليم العالي، وأن يكون التخصص ضمن خطة البعثات المعتمدة من ديوان الخدمة المدنية، وأن تكون الدراسة المراد التخصص بها في مجال الوظيفة التي يشغلها، وألا يمارس أي نشاط يتعارض مع الغرض من الإجازة الدراسية، ولم يكن أحد يتقيد بكل هذه المتطلبات قبل صدور الحكم، وهذا يبين حجم التسيب الذي كان سائداً.

شكراً للقائمين على هذه الجمعية الجادة.

***

ملاحظة: فاتني أن أذكر في مقال أمس أن المرحوم عبدالعزيز الصقر تبرّع بـ500 ألف دينار، عام 1996، لتغطية تكلفة بناء مبنى الغرفة، ولم يكن حينها رئيساً لها. كما أن رئيس وأعضاء مجلس الغرفة لا يتقاضون أية رواتب أو مكافآت مقابل العضوية.

Back to top button