الفتور مستمر ودعوات المقاطعة تتصاعد الدور الثاني لانتخابات تونس

النشرة الدولية –

النهار العربي –

انطلقت الاثنين في تونس الحملة الانتخابية للدور الثاني من الانتخابات التشريعية، وسط أجواء سياسية مشحونة ودعوات متصاعدة إلى المقاطعة.

وتتواصل الحملة إلى يوم 27 كانون الثاني (يناير) الجاري، على أن يكون الاقتراع يوم 29 منه، وفق ما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم الأحد في مؤتمر صحافي.

وينتظر الإعلان الأولي عن النتائج يوم 1 شباط (فبراير).

وتجرى الانتخابات في 131 دائرة انتخابية لم يتم حسم هوية الفائز بمقعدها خلال الدور الأول، وذلك من مجموع 161 مقعداً.

وذكّر رئيس الهيئة فاروق بوعسكر بأن 23 مرشحاً، بينهم 3 نساء، فازوا في الدور الأول بمقاعد من أصل 154 مقعداً في مجلس نواب الشعب.

وينقسم المرشحون إلى 65 في المئة من الإطارات العليا في القطاعين العام والخاص، و19 في المئة أعمالاً حرة و6 في المئة متقاعدين، إلى جانب وجود 5 طلبة أغلبهم من غير المعروفين لدى عموم التونسيين.

أجواء متوتّرة

ولا تختلف أجواء الدور الثاني من الحملة الانتخابية عن أجواء الدور الأول، سواء لجهة عدم اهتمام الشارع التونسي بها أم لجهة موقف المعارضة منها، فيما قالت هيئة الانتخابات إنها ستعمل على تفادي أخطاء الدور الأول من خلال تسهيل وصول المرشحين إلى الناخبين، إضافة إلى تخصيص موقع لهم للتعريف ببرامجهم الانتخابية مع إجراء مناظرات بينهم في شكل برامج حوارية تلفزيونية.

لكن تعهدات الهيئة لم تغيّر من توقعات المراقبين الذيم يرون أن الجولة الثانية ستعرف نسبة عزوف كبيرة كالتي سُجلت في الدور الأول أو أكبر، إذ لم تتجاوز النسبة 12 في المئة، وهي أدنى نسبة مشاركة تسجل في تاريخ تونس السياسي، وفق ما أكده الأستاذ الجامعي ماهر حنين في تصريح سابق إلى “النهار العربي”.

ويأتي افتتاح الحملة الانتخابية للدور الثاني وسط أزمة سياسية متصاعدة، فقد نُظمت قبل ساعات من انطلاق السباق الانتخابي تظاهرات حاشدة السبت الماضي في العاصمة تونس، شارك فيها أكثر من عشرين حزباً وعدد من المنظمات لمناسبة إحياء الذكرى 12 لثورة كانون الثاني.
وطالب المتظاهرون برحيل الرئيس قيس سعيّد، معيدين وصف حكمه بـ”الانقلاب على الديموقراطية”.
وكان معظم الفاعلين في المشهد السياسي قد دعوا الرئيس سعيّد إلى عدم تنظيم الدور الثاني وإلغاء الانتخابات، بينما ذهب بعضهم إلى الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة، مؤكدين أن نسبة التصويت الضعيفة في الدور الأول هي عبارة عن “سحب الوكالة من الرئيس لأنه فقد شرعية الشارع”.
غير أن سعيّد ردّ على كل هذه الأصوات، مؤكداً أنه ماض في إجراء الدور الثاني، ولافتاً إلى أن “مشاركة ضعيفة أفضل من مشاركة كبيرة مغشوشة”.
“المعركة الكبرى”
تصريحات سعيّد تزامنت مع حراك سياسي تقوده أكثر من جهة، وفي مقدمها اتحاد الشغل صاحب التأثير القوي في البلاد الذي أعلن أمينه العام نور الدين الطبوبي السبت الماضي “قرب المعركة الكبرى”، في إشارة إلى خطوات تعتزم منظمته القيام بها رداً على كل ما يجري البلاد، وفي الصدارة قانون المالية الجديد والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
والجمعة الماضي شرع الاتحاد في إجراء مشاورات مع عدد من المنظمات الوطنية، منها هيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان، من أجل تنظيم حوار وطني للخروج بالبلد من أزمته كالحوار الذي جرى عام 2013، لكن حظوظ هذا الحوار تظل ضعيفة نظراً إلى تشتت المعارضة واختلاف المقاربات والرؤى بشأن ملامح هذا الحوار ومن يشارك فيه ومن يقصى منه، وخصوصاً حيال دور الرئيس سعيّد فيه.
قانون الماليّة على الخط
 لكن العنصر الجديد والأهم الذي دخل على خط المواجهة بين سعيّد وخصومه، والذي قد يكون له تأثير كبير في رغبة التونسيين في المشاركة في التصويت، هو إصدار قانون المالية لسنة 2023، مع ضبابية موقف صندوق النقد من القرض الذي وعد بتقديمه إلى تونس وقيمته 1.9 مليار دولار.
وفيما لم يدرج الصندوق فجأةً ملف تونس على قائمة أشغاله لشهر كانون الأول الماضي، كما لم يعلن عن موعد جديد للنظر فيه، وقع الرئيس سعيّد على الموازنة الجديدة التي جاءت محملة بضرائب جديدة شملت كل الفئات والمهن مع رفع للدعم عن كثير من المواد الأساسية.
وأثار القانون الذي وصفه الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، في تصريح إلى “النهار العربي” بـ”قانون الجباية”، غضباً كبيراً لدى أوساط مختلفة، وذهب عدد من المهن إلى إعلان العصيان الجبائي، لكن أنصار سعيّد يرون أنه ذريعة تحاول المعارضة توظيفها في صراعها السياسي مع الرئيس. وفي الصدد قال الناطق الرسمي باسم حزب “التيار الديموقراطي” محسن النابتي لـ”النهار العربي” إن “هذا القانون ليس إلا تركة ثقيلة لما فعلته منظومة الحكم السابقة”.
ويبدو اهتمام التونسيين بهذا القانون ومدى تأثيره في واقعهم اليومي أكبر من اهتمامهم بالدور الثاني من الانتخابات التشريعية. وقالت سناء، وهي موظفة بشركة حكومية، إنها لن تذهب للتصويت في الدور الثاني، مضيفة لـ”النهار العربي” أنها لا ترى فائدة من ذلك.
وفي الشوارع التونسية تغيب اللافتات التي تشير إلى وجود حملة انتخابية في البلد، بينما بدأ المرشحون على مواقع التواصل الاجتماعي نشر صور لهم على حساباتهم الشخصية وتقديم برامجهم.
زر الذهاب إلى الأعلى