القلق يُسيطر على الشعوب ومعركة التحرير الداخلي لم تنطلق
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

قلق يجتاح شعوب العالم ليكون عنوان المرحلة الحالية في عمر الشعوب ، لسيطر على جميع فئات المجتمع فلا ينجو منه فقير أو غني ولا رئيس أو مواطن، فلا يوجد فكر يسكن رأس صاحبه بسكون وهدوء، ليكون الفكر المسيطر على مليارات البشر دون أن يملك أي منهم الدواء الشافي لعلاج القلق المزمن، لتفشل جميع المختبرات والمصانع عن إيجاد حلول للخلاص منه كما لم تقدر على تجاوزه بيوت العبادة، لنشاهد أن غالبية البشر سُكارى وما هم بسُكارى ولكن القلق من الحاضر القادم كبير، فالقلق كمؤشر الاسهم يرتفع وينخفض لأسباب في غالبيتها مجهولة، فهناك القلق الذي تتسبب به الإضطرابات والحروب والكوارث الطبيعية، والبحث عن عمل في عالم لا يوجد به فرص إلا لمقربين من مواقع اتخاذ القرار، ليبقى تراجع الحريات في عالمي الوهم والحقيقة السبب الأبرز في القلق.

وقضية القلق ليست وليدة اليوم ولم تأتي بالصدفة، بل هي إرث تتناقله الأجيال، ليكون الامبراطور الروماني كلاوديوس الملقب “برأس القرع” وهو عم كاليجولا المجنون، الأشد قلقاً بسبب جهله في فنون إدارة الحكم، وكان بحاجة لكرمويل لتجديد الفكر والنهج بطريقة جبرية، لتفادي سقوط القلعة وتهدم جوانبها حتى لا يحكمها الرعاع المنتشرين في الطُرقات وكل منهم يعتقد أنه الفيلسوف أرسطو، وهذا أمر لا زال يهدد شعوب العالم في ظل تراجع قدرات الحكام على إدارة البلاد واعتمادهم على آخرين، لتكون الإدارة على طريقة القنصل وليس بقوة حكم الامبراطور الذي يتخذ القرارات ويتحمل جريرة أخطائها.

ولنتخيل قهر الزمان وذروة قلقة بان نجد باندورا نفسها “طبعاً في الخيال” تنهض صباحاً من سرير “رأس القرع”، فالفارق كبير بين “صاحبة العطايا” والجاهل، رغم ان سرير الحكم يجب أن يضم أشخاص متماثلين ك”كاليجولا” و”ميديا” التي ذبحت طفليها لتفتك بقلب زوجها المزواج حتى تستتب الأمور، لنجد ان العديد من الشعوب دفعت ثمن علاقات غير سوية بين دولتها ودول أخرى، ومنها العلاقات الفرنسية بالقارة الافريقية، فالعديد من الحكام من أشباه “ميديا” يقتلون ابنائهم لكن على مذبح فرنسا التي تعتبر كلايجولا القارة السمراء، لذا لن نستغرب نهوض “باندورا” سيدة العطاء والخير في افريقيا من سرير سيد باريس، ففي عالمي السياسة ونهب الثروات كل شيء مباح، لذا تعيش شعوب القارة في قلق من القادم يوازي قلق الشعب الفرنسي الذي يفكر دوماً، ماذا لو نهضت افريقيا فهل نصبح من دول العالم الثالث كما قال الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك.؟

فالقلق يتزايد لأننا كشعوب على هذه الأرض أفراداً وجماعات لم نخض معركة التحرير الداخلي لتحسين فكرنا وقدراتنا، وفشلنا في دحضد الخزعبلات البشرية التي تتحول لطفيليات تنمو على دماء الآخرين حتى تصبح كوابيس وفزاعات تُطارد الشعوب في مناماتهم ، ولم نتغلب على تحالف الفكر الحديث بفضل قوة دعم مجموعات الحرس القديم حيث النصر لأصحاب الخبرة في الخداع والسيطرة والسطوة، ليبقى الأحلام مجرد أوهام في أذهان الشعوب التي لم تخض حروب تحرير داخلية لتستخرج أقوى ما فيها لاستعادة كرامتها.

آخر الكلام:

المستقبل لا يبشر بالخير فهو أسود شاحب اللون، مرتبك خجول يرفض الدخول فيرى الحب كرهاً، والنعيم شقاء، شذوذ فضيلة، ليُصاب فكر الشعوب بالخمول وتصبح قرارات الحياة الفُضلى أوهام، فيسقط المنطق وأصحابه في بحور الحماقة والحمقى، لنجد أننا نتوه في الحياة اجتماعياً وسياسياً وثقافياً ورياضياً بين المرحلة القنصلية والمرحلة الامبراطورية، فننظر للحياة كلوحة شيطانية وتارة ملائكية، وننتظر مشاعر التحفيز الخلاق القادرة على صياغة فجر مشرق جديد تسطع فيه شمسُ الحرية والنماء معاً.

زر الذهاب إلى الأعلى