القضاء اللبناني يتجه إلى عدم تسليم سلامة لفرنسا
النشرة الدولية –
المدن – فرح منصور –
وفقاً لجميع المصادر المتابعة لملف حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، لن يُسلّم القضاء اللبناني رياض سلامة إلى القضاء الفرنسي. والحجة القانونية هنا هي أن القانون اللبناني “لا يسمح بتسليم مواطن لبنان إلى دولة أخرى بل تُجرى محاكمته على الأراضي اللبنانية فقط”.
النشرة الحمراء
هذه المرة، القرار الأخير بيد المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، فقط لا غير، الذي بدأ بمطالعة نسخة النشرة الحمراء التي تطلب فيها فرنسا توقيف سلامة، التي حولت يوم أمس الخميس 18 أيار، من وزارة الداخلية نحو النيابة العامة التمييزية، ليحدد خطوته المقبلة.
وقانونياً، ووفق الأصول، من المفترض أن يحدد القاضي عويدات جلسة استجواب لحاكم مصرف لبنان، داخل النيابة العامة التمييزية، الأسبوع المقبل، وحينها تُسجل أقوال سلامة بمحضر رسمي، ويُمنع من السفر ويسحب جواز سفره.
ولكن، حسب مراجع قضائية متابعة لملف سلامة، تبقى الكلمة الأخيرة لعويدات فقط. ومن المرجح أن يُترك سلامة رهن التحقيق من دون سحب جواز سفره. وحينها سيكون المسار القانوني الوحيد على الشكل التالي: سيطلب عويدات من القاضية الفرنسية أود بوروسي تسليم القضاء اللبناني ملف سلامة، لمحاكمته داخل لبنان. وهذا الأمر سيعود لبوروسي فقط، إن كانت ستوافق على تقديم ملف سلامة أم لا، خصوصاً بعدما أدركت خلال الأشهر الماضية أن القضاء اللبناني يسعى لحماية سلامة من الملاحقة.
استنابات قضائية فرنسية
مصدر قضائي رفيع أكد لـ”المدن”: “القاضي شربل أبو سمرا لم يتبلغ بمذكرة التوقيف الدولية، والمخول الوحيد في هذا الأمر هو القاضي عويدات الذي سيحدد خطواته المقبلة”. وتابع المصدر: “يوم أمس، حولت استنابة قضائية فرنسية إلى أبو سمرا، ومضمونها أن القضاء الفرنسي حدد جلسة استجواب لكل من رجا سلامة، وماريان الحويك، في باريس، وحوّل القاضي أبو سمرا الاستنابة إلى سلامة والحويك لإبلاغهما بموعد جلستهما”.
ويوم أمس، حدد أبو سمرا جلسة لاستجواب رجا سلامة في 15 حزيران. فهل أتى تحديد أبو سمرا لهذا الموعد من باب الصدفة أم “كخطوة مقصودة”، ليتمكن رجا سلامة من التهرب من جلسته الفرنسية؟
فقد علمت “المدن” أن جلسة رجا الفرنسية حُددت في تاريخ 14 أو 15 حزيران، أي أنها ستتزامن مع أولى جلسات الاستجواب من قبل القضاء اللبناني، بعد أن قرر أبو سمرا أن الجلسة الأولى (15 حزيران) ستكون لرجا سلامة فقط، وليس لحاكم مصرف لبنان أو المساعدة الحويك.
حماية سلامة؟
لكن وبمعزل عما سيجري في فرنسا خلال الأسابيع المقبلة، لا تُخفي بعض المصادر قدرة القضاء اللبناني هذه المرة على تأمين الحماية لسلامة من الملاحقة الدولية. كيف ذلك؟
سيطلب عويدات من بوروسي إرسال ملف سلامة القضائي، وفي حال أتى سيُدرس، و”سيكون للقضاء اللبناني موقف واحد. لذلك، سنكون أمام مسارين: إما سيوافق القضاء اللبناني على الجرائم المالية الموجودة داخل الملف، ما يعني أنه سيلاحق سلامة داخل لبنان، أو أن القضاء اللبناني سيعتبر أن الجرائم المنسوبة إلى الحاكم غير دقيقة أو بإمكانه تقديم أي حجة أخرى، وحينها سيتمكن القضاء اللبناني من رفض ملاحقة سلامة داخل لبنان”.
أهمية الدفوع الشكلية
وبالعودة قليلاً إلى الأيام الماضية، عرضت “المدن” تفاصيل الدفوع الشكلية التي قدمها الوكلاء القانونيون لكل من الشقيقين سلامة والحويك في النيابة العامة التمييزية، وأكدنا أن الدفوع الشكلية كان يُفترض أن تُقدم أمام القاضي أبو سمرا فقط. فما سبب إصرار الوكلاء القانونيين على تقديمها أمام النيابة العامة التمييزية؟ لا أحد يعلم!
استند الوكلاء القانونيون إلى أن القضاء الفرنسي يتعدى على السيادة اللبنانية، وطلب من القضاء اللبناني، وخصوصاً من القاضي أبو سمرا، أن يجمد التحقيقات الأوروبية ريثما يتم الانتهاء من التحقيق اللبناني.
ما خطورة ذلك؟ أخطر ما في هذه الدفوع الشكلية أن القضاء اللبناني، ربما، سيعتبر أن القضاء الأوروبي يتدخل في الشؤون الداخلية للبنان. وموقف القضاء اللبناني حينها سيكون ثوب حماية سلامة الأخير.
هذه المعلومات سيثبتها القضاء اللبناني خلال المرحلة المقبلة، في اللحظة التي ستُقبل فيها الدفوع أو تُرفض.
مساران مختلفان
وهنا يجب أن نوضح أن المسار القضائي اللبناني سيكون مختلفاً عن المسار القضائي الأوروبي. والادعاء اللبناني على سلامة لا علاقة له بملاحقة سلامة في فرنسا. لذلك، موقف النيابة العامة التمييزية لن يكون متعلقاً بقرار ادعاء القاضي رجا حاموش على الحاكم.
لذا، رجحت بعض المصادر المتابعة أن القضاء اللبناني سيتعاطى مع مذكرة توقيف سلامة تماماً كما فعل مع مذكرة توقيف كارلوس غصن. ما يعني أن عويدات سيرفض تسليم سلامة للقضاء الفرنسي.
في كل الحالات، يمكن القول أن القضاء اللبناني دخل في مسار معقد وطويل في ملاحقة سلامة (وحمايته!). وخلال الأسابيع المقبلة ستصل مذكرات التوقيف الدولية بحق رجا سلامة والحويك، في حال تغيبهما عن جلستهما في فرنسا.