التسعير بالدولار: إلتزام في الميني ماركت وتقاعس في السوبرماركت!
بقلم: باتريسيا جلاد
المتاجر الكبيرة تعوّل على الطعن لتفادي دولرة الأسعار
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
تنتهي اليوم المهلة المحدّدة من وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام لفترة 6 أيام، لاعتماد تسعير بضائع السوبرماركت بالدولار وفق السعر الرائج في السوق السوداء.
وتأتي تلك المهلة بعد أن أطلق في بداية شهر شباط مبادرة اعطى خلالها مهلة اسبوع للحصول من النقابات والرأي العام والاتحادات وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالمستهلك على اقتراحاتها بشأن امكانية التسعير بالدولار، قبل أن يلتقي في السادس من شباط وفداً من الإتحاد العمالي العام الذي أعرب عن رفضه تسعير المواد الغذائية بالدولار، فأعلن سلام أننا «سنضع مهلة قصيرة للتشاور في الموضوع كي نعطي خياراً آخر».
في ظلّ هذا الواقع هل ستعتمد السوبرماركات التسعير بالدولار فتصبح نوعية المحاسبة أوضح وأجدى؟ وماذا عن المتاجر الصغيرة والميني ماركات المتوغّلة في الأحياء؟ اسئلة شكّلت مدار سجال واستقصاء بين اللبنانيين.
خطوة تسعيرة الدولار في السوبرماركات، لا تزال تراوح مكانها، وهناك سعي للتصدّي لها، رغم إعلان وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام بدء التسعير بالدولار، لما لذلك من مصلحة تعود على المواطنين مثل الحدّ من التلاعب بالأسعار وضبطها.
وفي السياق، يقول رئيس نقابة اصحاب السوبرماركات نبيل فهد لـ»نداء الوطن» أن «السوبرماركات الكبيرة المنضوية في النقابة لم تباشر التسعير بالدولار، كونها باشرت منذ بداية الأسبوع العمل على تعديل نظام الكومبيوتر لديها. وسيتم إجراء مرحلة تجريبية فطلبنا من وزير الإقتصاد إعطاءنا مهلة لبداية شهر آذار للسير بها وتجاوب معنا في مطلبنا».
وتوازياً، تعوّل السوبرماركات على طعن يتمّ التحضير لتقديمه الى مجلس شورى الدولة إستناداً الى قانون حماية المستهلك، ما قد يؤجّل التسعير بالدولار. فهي تلقي المسؤولية على بعض المورّدين الذين لا يسعّرون بالدولار؟ أو التحجج بضرورة تجهيز الـsoftware للسوبرماركات الكبيرة التي كانت مسعّرة على الـ1500 ليرة لبنانية للدولار طوال 30 سنة؟ في حين ان تغيير الأسعار على وقع تحرّك سعر صرف الدولار ليس بالمهمّة السهلة بالنسبة اليهم كما يدعون. هذا ما تبيّن لـ»نداء الوطن» في الجولة التي قامت بها على بعض السوبرماركات والميني ماركت.
بداية الجولة كانت من سوبرماركت فهد (فرن الشباك) التي ازالت ملصقات الأسعار عن غالبية السلع لديها ما عدا براد الألبان والأجبان المسعّر بالليرة والعروضات الموجودة، ولم نتمكّن من الحصول على إجابة حول موعد بدء التسعير بالدولار.
هذا الأمر لا ينطبق على سوبرماركات «هابي» التي لا تزال تسعيرتها على السلع كافة بالليرة اللبنانية، ويبدو ان لا بوادر في الامد القريب لتغيير تلك الملصقات كما استنتجنا من الجولة بالداخل، رغم التكتّم التام حول التدابير التي ستتّخذ ورفض التصريح عن موعد بدء التسعير بالعملة الخضراء.
وكذلك الحال بالنسبة الى «سبينيس» التي نزعت ملصقات التسعير عن غالبية السلع يوم الأحد المنصرم، بانتظار نتائج طلب التروّي في تطبيق القرار. وهذا الأمر إن دلّ على شيء فعلى أن اصحاب السوبرماركات يقاومون التسعير بالدولار بانتظار ما ستؤول اليه الأمور، فبعضهم سُيحرم من احتساب السلعة على سعر أعلى بكثير من ذلك المتداول للدولار في السوق السوداء.
متجر أجنبي بالدولار فقط
وفي غاليري سمعان بدّل متجر «ويسلي» الأميركي الذي كان يسعّر سلعه بالليرة اللبنانية الى دولار، وبدا ذلك ظاهراً على السلع استجابة لإعلان وزير الإقتصاد، كونه ينضوي ضمن سلسلة اجنبية وليس محلّية.
خبز تنّور بالدولار
ولم تقتصر الجولة عند تلك المتاجر بل تابعت «نداء الوطن» جولتها في الجديدة حيث علت تسعيرات الدولار على بعض السلع في ميني ماركات كرم بالخط العريض، فقال صاحب المتجر لـ»نداء الوطن» إنه يسعّر بالدولار للمنتوجات التي ترده من التاجر بالدولار، فيما يبقي على السلع التي يسدّدها بالعملة الوطنية بالليرة اللبنانية. فـ»القلوبات النيئة» على سبيل المثال كالكاجو والجوز واللوز… محدّدة بالدولار، في حين ان سلعاً أخرى بالليرة اللبنانية. واللافت كان تسعير خبز التنّور بالدولار، وهذه ظاهرة من ظواهر نشهدها للمرة الأولى في زمن الأزمات والدولرة.
وخاتمة الجولة عدا المحال الصغيرة، كان في سوبرماكت le charcutier في منطقة السبتية التي نزعت كل ملصقات الأسعار لديها لتعيد تسعيرها مجدّداً، أما السبب فهو إلصاق اسعار جديدة بسبب القفزات السريعة والكبيرة لسعر صرف الدولار.
وقال مدير العلاقات العامة في Le charcutier رياض خير الله لـ»نداء الوطن» إن «عملية تجهيز الـنظام من الـ1500 ليرة الى الدولار تتطلب الوقت وبذلك لن يتمّ التسعير بالدولار قبل بداية شهر آذار. فأصحاب السوبرماركت غير قادرين على تعديل الأسعار ووضع شاشات لتحديد سعر صرف الدولار خلال أيام قليلة»، لافتاً الى أن «وزارة الاقتصاد تتشدّد في الرقابة على السوبرماركات من خلال الجولات الدورية التي تقوم بها للتأكّد من التزامهم بهامش الربح». معتبراً أن «التسعير بالدولار سيحفّز المنافسة في السوق ويفيد المواطن».
الى ذلك، أوضح أن «سعر صرف الدولار الذي سيحتسب هو بالتمام ذلك المتداول في السوق السوداء، والذي قد يختلف من بداية التسوّق لحين الوصول الى صندوق الدفع، علماً أن السعر سيكون معلناً وواضحاً للتبضّع والذي ستحتسب على اساسه الفاتورة في حال اراد تسديدها بالليرة اللبنانية، عندها يمكنه التسديد بنسبة 50% نقداً و50% بالبطاقة».
اذاً دولرة سلع المواد الغذائية والاستهلاكية، رغم سلبية تعميق هوّة الدولرة في البلد مع تهاوي الليرة، ستكون لها (نظرياً) إيجابيات عملية على المستهلك، إذ ستحدّ من التلاعب بالأسعار وبالتالي من ربحية صاحب السوبرماركت الذي يستدين من التاجر ويسدّد بالليرة بعد أسبوعين أو أكثر، عندها يكون الدولار قد حلّق مسافات وصاحب السوبرماركت رفع أسعاره، فضلاً عن تثبيت الأسعار بالعملة الخضراء وتحفيز المنافسة.