جرس الفلاح القوي
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

أصبت بصدمة، عندما اكتشفت، وأنا أبحث في موقعي عما سبق أن كتبته عن المدان عادل الفلاح، الوكيل السابق لوزارة الأوقاف، أنني قمت خلال 15 عاما، بكتابة 15 مقالا عنه، واستحق بالتالي لقب «أكثر من تكرر إيراد اسمه في مقالاتي»!

كان كل مقال تقريبا يشير إلى النهاية إلى سينتهي اليها الرجل، ولكن لا هو ولا أي مسؤول أعلى منه، ولا أحد اكترث بالأمر، وهذا طبيعي!

***

بين الحكم الأخير الذي صدر مؤخرا عن محكمة التمييز والذي قضى بسجن وكيل وزارة الأوقاف السابق، وتغريمه مبلغا ضخما، بين مدى الخراب الذي يعشش في الكثير من الجمعيات والهيئات الخيرية، التي تعمل غالبيتها بعيدا عن الرقابة، بحجة أن من يديرها «رجال دين أفاضل».

سقوط أحد أكبر الرؤوس الحزبية الدينية، ممن عملوا في الحكومة لعدة عقود، بتهمة خطيرة، وصدور حكم مطول بالسجن عليه، يجب أن يكون درساً وجرس إنذار بأن لا جهة ولا شخصا في الحكومة فوق الشبهات، حتى لو كان صاحب «ثوب أبيض»!

إن الهالة التي يضفيها البعض على الجهات والمؤسسات الدينية، خاصة مع سيطرة أعوان الأحزاب الدينية عليها، لا يمكن تبريرها، فمن يدير هذه الجهات، المتخمة بالأموال، هم في النهاية بشر، وغياب الرقابة عنهم يدفعهم للحرام، ولم يكن من باب المصادفة أن وزارة الأوقاف، والجهات الملحقة بها، كانت الجهة الأكبر التي أحيل موظفوها، وبالذات كبارهم، للنيابة. فقد كانت الوزارة، لعدة عقود، الأكثر خلقا للمراكز والهيئات والمجالس، بحيث تضخمت وأصبحت «دولة داخل دولة»، لها أفرع ومؤسسات في الداخل والخارج، وحجم مبناها الرهيب على الدائري الرابع خير دليل على ضخامة ما تقوم به من أعمال، بالرغم من ان غالبيتها ليست من صلب مهامها، ولا هو بالضروري!

ولم يكن غريبا استمرار الحرب الخفية بين الإخوان والسلف على هذه الوزارة، ليس لأسباب عقائدية أو سياسية، فحسب، بل بسبب ميزانيتها الضخمة. ولذلك تصدت جهات عدة من أحزاب وأفراد للدفاع عن ولي نعمتهم، والدفاع عنه، وشرح سابق مآثره، التي كانت لمصلحتهم، وسيسعون غالبا للإفراج عنه!

***

‏ورد في بيان الهيئة الخيرية الإسلامية، التي تعرضت للسرقة على يد أحد أعضاء مجلس إدارتها، أنها من حرك الشكوى في القضاء منذ يونيو 2017، وهذا صحيح ولكن حكم التمييز بين كذلك أنها سهلت التفريط بأرض مملوكة لها، وتغاضت عن الكثير من المخالفات الجسيمة الأخرى التي ارتكبها الجناة، وعلى رأسهم «الوكيل السابق»، وعضو مجلس الهيئة، ورئيس أكبر جمعياتها الخيرية.

والحقيقة أن من اكتشف الجريمة كان سفيرنا في أذربيجان، وليس الهيئة النائمة، المغلوبة على أمرها، والمقصرة في واجباتها. فقد بينا في عدة مقالات أن الهيئة تدير مئات ملايين الدنانير، وإنها لا تخضع لمراقبة «جدية» على حساباتها، فقانون إنشائها نص على أن وزارة الأوقاف، المترهلة أصلا، هي التي تقوم بالمهمة، ولكن كيف بإمكانها القيام بذلك ووكيل الأوقاف (عادل الفلاح) كان طوال تلك الفترة عضوا فعالا ونشطا في مجلس إدارة الهيئة، في تضارب مصالح واضح وخطير، ومع هذا – حسب علمي – لم يصدر عن السيد عبدالله المعتوق، رئيس الهيئة، يوما أي اعتراض على هذه المخالفة الصارخة.

إن أموال الهيئة الخيرية، التي تعرضت للاعتداء، وكم المخالفات المالية والإدارية الأخرى التي تسبب بها الوكيل السابق، والتي وردت في الحكم، يجب أن تعيد للمعنيين صوابهم، وأن تقوم الحكومة بتعديل قانون الهيئة وتفرض رقابة ديوان المحاسبة عليها، كما هو حال بقية مؤسسات الدولة، فهي ليست اكثر احتراما منها!

 

 

 

Back to top button