عروبة “آفي شلايم” والرواية الصهيونية
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

كان موفقا للغاية الإعلامي علي الظفيري في اختياره للمؤرخ العراقي – اليهودي آفي شلايم ضيفا لحلقته المكونة من جزءين في برنامجه «المقابلة» على فضائية الجزيرة.

في تلك المقابلة الثرية كشف المؤرخ آفي شلايم الكثير من المعلومات التي تفضح الفكر الصهيوني – الغربي الذي اخترع ما يسميه «بالرواية الصهيونية» والتي تبرر إقامة وطن لليهود في فلسطين، وشلايم الذي تجاوز العقد السابع من عمره والذي يُدرس مادة التاريخ في جامعة كامبردج هو أحد أبرز المؤرخين الإسرائيليين الجدد الذين «نسفوا» الرواية الصهيونية من أساسها وفضحوا تاريخ دولة الاحتلال، وتضم قائمة هؤلاء المؤرخين كل من يوري افنيري، ايلان بابيه تلميذ شلايم، بيني موريس وتوم سيغف وشلوموا ساند، وهذا الأخير هو مؤلف كتاب «اختراع الشعب اليهودي» الذي يعد بمثابة قنبلة نووية سقطت فوق رأس الحركة الصهيونية العالمية التي كانت هي حسب هذا الكتاب صانعة لهذا الشعب الوهمي.

إن أهم النقاط التي خلص إليها «آفي شلايم» في تلك المقابلة هي:

  • أن دولة الاحتلال هي منتج غربي أوروبي وبخاصة بريطانيا بالتحالف مع اليهود «الاشكنازيم»، وأن هذه الدولة أقيمت من خلال ارتكابها عمليات قتل ومجازر جماعية حاولت وتحاول الصهيونية العالمية ودولة الاحتلال إنكارها والترويج لأكذوبة أن الفلسطينيين هم من تركوا أراضيهم طواعية، واعتبر شلايم أن «إسرائيل» اليوم بواقعها الحالي هي دولة فصل عنصري «ابرتهايد» بكل المقاييس.
  • يؤكد شلايم أن اليهود العرب بعامة والعراقيين بخاصة لم يتعرضوا إطلاقا لأي نوع من التمييز والاضطهاد في بلدانهم الأصلية، بل أن الأمر معكوس، فاليهود العرب هم من تعرضوا للتمييز والتهميش في داخل «إسرائيل»، ويتحدث عن تجربته الشخصية وتجربة عائلته، كما يؤكد أن التمييز ضد السامية فكرة مستوردة من أوروبا ولم يكن لها وجود في العالم العربي حيث التعايش بين المسلمين واليهود والمسيحيين، وأن الدعاية الصهيونية استغلت «الغلو» القومي لثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1930 بسبب تبعية العراق لبريطانيا في الحرب العالمية الثانية ووقوع بعض الاعتداءات على اليهود العراقيين خلال تلك الفترة للترويج لأكذوبة التمييز ضد السامية.
  • في مسألة الهوية، يقدم البروفسور آفي شلايم نفسه إلى يومنا هذا على أنه عربي – عراقي ديانته يهودية، وهو بذلك ينفى أكذوبة «العرق اليهودي» أو «القومية اليهودية» وهي الأكذوبة التي روجتها الدعاية الصهيونية منذ نشأتها في القرن التاسع عشر والتي انصاع لها وعمل على تنفيذها وزير خارجية بريطانيا أرثر بلفور في رسالته الشهيرة إلى اللورد (ليونيل دي روتشيلد) والمعروفة «بوعد بلفور» عام 1917 والتي جاءت معززة هي الاخرى لأكذوبة الشعار القائل (أرض بلا شعب إلى شعب بلا أرض) والذي رفعه القياديان في الحركة الصهيونية العالمية وهما «إسرائيل زانجويل» وثيودور هيرتزل.
  • من الاشياء المهمة التي أوردها آفي شلايم في مقابلته أن الهوية العربية – العراقية بقيت متأصلة فيه وفي عائلته وبعمق وفي الكثير من اليهود العرب الذين هاجروا لدولة الاحتلال، حيث أشار إلى أنهم كانوا في البيت يتحدثون بالعربية ويسمعون الأغاني العراقية، ويطبخون الأكلات العراقية ولم تؤثر عليهم البيئة الجديدة التي كان أغلبها من اليهود الأوروبيين «الاشكنازيم»، ويستذكر أن جدته لأبيه كانت تفتقد العراق هنا وتصفه باللهجة العراقية (جنة مال الله) أي جنة الله على الأرض.

من أهم الاشياء التي لفتت انتباهي والتقطها الإعلامي علي الظفيري خلال المقابلة هي وضع آفي شلايم للعلمين الفلسطيني والأردني الملتصقان ببعضهما البعض على صدره، وفسر شلايم هذا الأمر بحبه الشديد جدا للأردن، وحبه لفلسطين ودفاعه عن قضيتها، والبروفسور شلايم هو مؤلف كتاب «أسد الأردن» عن الملك حسين الصادر عام 2007 ويروي قصة حياة الحسين في الحرب والسلم..

مثل هذا النبش الإعلامي المستنير والواعي هو ما يلزمنا في مجابهة الدعاية الصهيونية التي حولتنا إلى وحوش في نظر العالم فيما الوحش الحقيقي هو المحتل!

Back to top button