لا حوار جديا بشأن لبنان بين طهران والرياض… ولقاء الاليزيه: إيجابية أم خيبة أمل؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 – هتاف دهام –

لا شك أن المرحلة التي تمر بها إيران والسعودية بعد اتفاق بكين، هي مرحلة التوازن الاستراتيجي، كما يصفها عدد من الباحثين، علما أن الرياض انتهجت في الاشهر الماضية سياسة جديدة تعتمد التوازن في العلاقات الدولية والاقليمية بما يخدم مصالحها الاقتصادية وأمنها واستقرارها واستقرار المنطقة.

لقد أتت زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى طهران بعد اتفاق بكين، لتطوي صفحة الخلافات السابقة وتؤسس للحوار المباشر بعد فتح السفارات وتبادل السفراء وإعادة تفعيل الاتفاقيات الامنية والسياسية والاقتصادية، ناقلا دعوة دعوة من قبل خادم الحرمين الشريفين للرئيس ابراهيم رئيسي لزيارة المملكة، علما أن لقاء بن فرحان ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان هو الثالث بينهما خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وتقول مصادر سعودية لـ”لبنان 24″ إن إعادة ترتيب العلاقات السعودية- الإيرانية خطوة إيجابية أكدها ولي العهد الامير محمد بن سلمان لجهة التوجه نحو تصفير المشاكل في المنطقة استعدادا للنهوض الاقتصادي الذي يستحيل أن يتحقق من دون استقرار المنطقة، والجمهورية الإسلامية الايرانية جزء اساسي منها وعودة العلاقات والحوار المباشر معها سوف يساعد في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.

أما مدير قسم الدراسات اللبنانية في “مركز دراسات الشرق الاوسط” في طهران الباحث الايراني محمد خواجوئي، فيقول لـ”لبنان24: “رغم أن إعادة العلاقات بين طهران والرياض حدث مهم، لكن لا ينبغي المبالغة فيه. فما حدث كان مجرد نوع من التهدئة. وبعبارة أخرى ، بعد سنوات من الصراع ، توصلت طهران والرياض إلى استنتاج مفاده أن هذا الوضع ليس في مصلحتهما وعليهما التوجه نحو تخفيف التوترات، وهذا لا يعني انتهاء الخلافات وان الشكوك كلها قد بددت. فالحادث الذي حصل خلال المؤتمر الصحافي المشترك لوزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان وبن فرحان في مبنى وزارة الخارجية الإيرانية في طهران عندما(عندما رفض الوفد السعودي عقد المؤتمر في قاعة نُصبت فيها صورة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس على الحائط، وادى إلى نقل المؤتمر إلى قاعة أخرى) يظهر أن البلدين لا يزالان على خلاف حول القضايا الأساسية و السياسات الإقليمية. فسليماني رمز لسياسة إيران الإقليمية، وعندما لا يكون وزير الخارجية السعودي على استعداد للوقوف في المكان الذي نُصبت فيه صورة الجنرال سليماني، فهذا يعني أن سياسة إيران الإقليمية لا تزال نقطة خلاف.

ومع ذلك، يشدد خواجوئي على أن الطرفين اتفقا أنه لا ينبغي زيادة التوترات والخلافات، فاستمرار التوترات الأخيرة يتعارض مع خطط بن سلمان للتنمية الاقتصادية. ومن ناحية أخرى، نجحت إيران في فرض نفسها مجددا في المنطقة وقطعت الطريق على محاولات عزلها او تهميشها، من خلال إعادة علاقاتها مع السعودية والتي تعتبرها رادعًا لتهديدات إسرائيل لها.

بالطبع ، ليست إيران والسعودية وحدهما من يتجهان نحو خفض التصعيد. فالتواصل بين البلدين بدأ قبل عامين ، هذا فضلا عن أن إحياء الدول العربية لعلاقاتها مع سوريا أو تهدئة التوترات بين السعودية وقطر أو تركيا ومصر يسير في الاتجاه ذاته ، ولذلك يمكن القول، بحسب خواجوئي، أن المنطقة تعود إلى النظام الأمني الذي كان سائدا قبل الثورات العربية.

في خضم كل ذلك، يترقب المعنيون في لبنان انعكاس التفاهمات في المنطقة على الملفات العالقة، لكن الأكيد وفق خواجوئي أن إيران والسعودية لم تدخلا في حوار جدي حول لبنان، بقدر ما ناقشتا قضايا أخرى في المنطقة، بما في ذلك اليمن، مع اشارته إلى ضرورة ترقب النتائج الاخيرة للمشاورات التي أجرتها فرنسا مع إيران والسعودية، ومعرفة ما إذا كانت ستستطيع توحيد مواقف المجموعات اللبنانية معًا أم لا، معتبرا أن زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان فرصة عظيمة، وإذا لم تنجح رحلة لودريان إلى بيروت، فإن انتخاب الرئيس لن يبصر النور قريبًا. ولا يبدو، بالنسبة لخواجوئي أن إيران تتدخل مباشرة في شؤون لبنان الداخلية، لكن ما يهمها هو الحفاظ على مكانة حليفها حزب الله في لبنان والمنطقة. فهي تدعم سياساته وخياراته على الساحة اللبنانية الداخلية، مع اشارته إلى أن الخلافات الداخلية في لبنان جعلت من مسألة انتخاب رئيس أكثر تعقيدا مقارنة مع تأثير التطورات في المنطقة على هذا البلد.

ويقرأ خواجوئي في مشهد جلسة الاربعاء والنتائج التي خلصت اليها، أن حزب الله سيبقى متشبثا في دعمه ترشيح فرنجية، ولا يزال يأمل في أن تصل المبادرة الفرنسية القائمة على دعم فرنجية لرئاسة الجمهورية في مقابل اختيار رئيس وزراء من ” قوى 14 آذار”، إلى الخواتيم المرجوة.

في المقابل، تقول المصادر السعودية نفسها أن موقف المملكة بما خص لبنان لم يتبدل فهي لا تزال على الحياد ولا تتدخل في اسم الرئيس المقبل كما انها غير مستعدة للانخراط في أي مسعى انقاذي لأن الظروف غير ملائمة، وكل ما يمكن أن تفعله اليوم هو التريث وحث الاطراف اللبنانية على التفاهم والتوافق، وبالانتظار تستمر في دعمها الانساني بالحد الادنى والمتفق عليه سابقا مع فرنسا، مع تشديده على أن هناك خيبة امل فرنسية واضحة، فماكرون كان يراهن على قمته مع ولي العهد لاحداث تغيير ايجابي في النظرة السعودية .

وعلى عكس القراءة السعودية، ترى مصادر فرنسية لـ”لبنان24″ أن لقاء ماكرون – بن سلمان كان ايجابياً، مشيرة إلى أن الأخير أبدى كل الاستعداد للبحث في ايجاد حل للأزمة اللبنانية، وكان الطرفان متفقين على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس. وهنا تقول المصادر واثقة بأن هناك ارتياحاً للموقف للسعودي من دعم فرنجية، مشيرة إلى أن بن فرحان الذي زار باريس برفقة ولي العهد ثم انتقل إلى طهران عاد مجددا إلى باريس، حيث سيشارك اليوم في مجموعة نشاطات ولقاءات سعودية. وتجدر الإشارة إلى ان السفير السعودي وليد بخاري الذي شارك في لقاءات فرنسية – سعودية عاد إلى بيروت اليوم، ليستأنف حراكه تجاه القوى السياسية.

وتعتبر المصادر أن زيارة لودريان التي تستمر ثلاثة أيام هي استطلاعية بالدرجة الأولى كما أنه سيوجه مجموعة من الاسئلة إلى القيادات السياسية وسوف يطلب منها الإجابات النهائية بعيداً عن المراوحة والمناورة، خاصة وأن لودريان شخصية دبلوماسية عتيقة وصريحة وسوف يقول الأمور كما هي، فبلاده سئمت من تقاعس الأحزاب في انتخاب رئيس، وعمليات التعطيل.

زر الذهاب إلى الأعلى