ابنتي أمثال
بقلم: ا. صباح العنزي

النشرة الدولية –

في يوم من الأيام سألتني ابنتي البالغة من العمر 18 ربيعا عن معنى اسمها (أمثال)، ولماذا اخترت لها هذا الاسم وما معناه؟

فقلت لها إن الاسم يضفي على الإنسان العديد من المعاني والصفات التي يحتملها هذا الاسم وتؤثر على شخصيته وأفعاله، لذلك أوصى النبي صلى الله عليه وآله بضرورة اختيار الاسم الحسن لأبنائنا، وأن معنى اسمك هو الأقوال والحكم التي نأخذها من التراث والتي تعطينا خلاصة تجارب الماضي، وإنك إن شاء الله ستكونين مثالا يحتذى به وذكرت لها بعضا من هذه الأمثال والمقولات التي كان الناس يسردونها ويتناقلونها جيلا بعد جيل ويأخذون منها الحكمة والعبرة في جميع شؤون حياتهم، وكمثال على هذه الأمثال مقولة «الحوبة تبطي وما تخطي».

إن الكثير من أبنائنا من الشباب لا يحفظون ولا يعرفون هذه الأمثال التي تحمل تراثهم وتاريخهم، فطلبت مني أن أذكر لها مثالا على هذه الأمثال، فذكرت لها مثالا على ذلك وهو «أن الحوبة تبطي بس ما تخطي».

فقالت: وما يعني ذلك يا أمي؟

قلت لها: إن هناك الكثير من الناس قد يتعدى على غيره بالأقوال أو الأفعال، كأن يتلفظ عليه بالكلام البذيء أو يتعدى عليه مثلا بالشتائم والألفاظ السيئة، ولربما يتجاوز ذلك بالاعتداء عليه فعلا كالضرب، كأن يستضعف القوي الضعيف، ويستضعف الغني الفقير أو يستضعف المسؤول الرعية أو أن يستضعف كل ذي قوة على من لا حول ولا قوة له أو أن يظلمه أو يتهمه في عرضه أو ماله أو ولده.

وينسى هذا الظالم أن هناك من هو أقوى منه وأقدر منه وأجرأ منه عليه، ألا وهو الله سبحانه جل وعلا، فبمجرد أن يقول الضعيف حسبي الله ونعم الوكيل، يرد الله وهو القائل في محكم كتابه: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم).

فالمتمعن في قول الله ومؤمن بآياته لن يضره من أذى الناس شيئا، فهو يعلم أن الله هو المتكفل باسترداد حقه ممن ظلمه وإن طال الزمن أو قصر، وليس له أن يتكاسل أو يتراجع في طلب حقه، وإنما يهب للدفاع لاسترداد حقه ممن اعتدى عليه، فان لم يستطع فعلاً فقولاً وإن لم يستطع قولا لاعتبارات قد تضره اكثر مما تنفعه فيكتفي بقول حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.

فيقول رب الجلالة: يا عبدي لقد كفيت وعوفيت وأنا خصمك في من ظلمك فلا تحزن ولا تخشى ظلماً فأنا من يقتص لك ممن ظلمك ولو بعد حين.

فتبسمت ابنتي واستبشرت خيراً، وقالت: من الآن سأحفظ من الحكم والأمثال الكثير حتى أكون مثالا يحتذى به يا أمي، فقلت لها أحسنتِ يا ابنتي بارك الله بك وفيك.

دمتم في حفظ الله ورعايته.

زر الذهاب إلى الأعلى