الفرح العربي ممنوع بقرارات الجهل والسطوة
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

يبحث العربي عن الفرح فلا يجده ويسعى للابتسامة فيأتيه الموت، نعم الموت أسرع للمواطن العربي من أن يرتد إليه طرفه، يأتيه بشكل جماعي في جميع المناسبات التي هي محاولة من أنظمة مستبدة لتكريس وجودها وصناعة صورة مضيئة لها، فيموت الشعب على أعتاب شيء يقال له مظاهر الفرح والسعادة، لتصبح الشعوب رافضة لمظاهر “الانبساط” كون القادم أسوء، ليظل فرح العيد بعيداً عن أمتنا التي انهكتها الحروب والتراجع الاقتصادي، لنجد ان الفرح غائباً في محاق مع وقف التنفيذ حتى يتغير الحال ويبدو ان تغيير الحال من المُحال.

ففي السودان يتقاطر شعبها على الموت إرضاءً لعبدالفتاح البرهان وحمديتي المتقاتلين على السلطة، والرافضين للديموقراطية أياً كان شكلها، ووضعا الشعب أمام خيار صعب وبالذات حين صدح كل منهما بأن الديموقراطية قادمة بعد الخلاص من الآخر، وهذا يعني ان الحرب ستطول وقد تتجاوز حرب المئة عام كونها ستمتد بين ورثة البرهان وحميدتي، لذا لن يكون هناك مجال للفرح في السودان ليدخل العيد حزيناً مكسور الوجدان، وفي تونس رفض العيد عبور السجون والقصور ومقار الأحزاب معلناً قدوم الفرح كونهم متنافرين، وفي لبنان يفرض سعر صرف الدولار الاعتراف بالعيد، اما في دمشق التاريخ فيقف العيد على أبوابها التي لن تفتح للبسمة في ظل حصار قيصر واشنطن لفرحها.

وإن ذهبنا لفلسطين سنجد أن العيد تقاسمه الصامدون في الذود عن الأقصى، وهم لا يبالون بعذابتهم من عام لآخر، فيما الشعب يبحث عن الفرح الموقوف بقرار من السلطة، وفي الأردن تأرجح الفرح بانتظار قرار بتوفر المال، لكن رأس المال القوي فرض سطوته على شعب ونواب وحكومة وقالها رأس المال بعلو الصوت؛” أنا أحدد الفرح ولن تفرحوا”، وفي مصر هزم الدولار الجنية وضيق على الشعب لتصبح الأسواق للتنزه لا للتجارة، وفي ليبيا المجزئة بين قوات عربية وغربية يحاول الشعب الليبي فهم المعادلة الصعبة على أرضة، فلا يجد حلاً لطلاسمها ليحتفي شرقها بالعيد قبل يوم من عاصمتها بقرارين سياسيين، وفي العراق توافق الديوان السني والمرجع الشيعي بالاحتفال بالعيد وسط ألم الانقسام لتعلوا التكبيرات بالعربية المكسرة في وطن نهضة اللغة وقوميتها.

وحتى يموت فرح العيد في القلب لا بد من مصيبة ترافق الأمة في طريق الفرح، ليأتي موت الفقراء الباحثين عن الاحتفال بالعيد من اليمن، وكأن أبناء اليمن السعيد سابقاً التعيس حالياً يحتاجون للمزيد من الأتراح، فقد قُتل مئة فقير في حادث تدافع خلال توزيع مساعدات مالية، ولن أقول ماتوا بل قتلوا عنوة وبتخطيط مسبق في ظل جهل التنظيم وتجويع المواطنين ليُساقوا إلى الموت زمرا، وفي المغرب والجزائر يأتي العيد بالقطيعة والتهديد، وهنا يبقى الخليج يرفل بالنعيم لكنه عيد منقوص من راحة البال كون الفرح إن لم يكن شمولياً فلا قيمة ولا بهجة له، لتستمر أعياد الأحزان والهروب من موت الدنيا لحياة ما بعد الموت.

آخر الكلام:

تبقى كلمات الشاعر المبدع أبو الطيب المتنبي تتحدث عن ماض وحاضر ونخشى ان تصيب حروفها المستقبل حين قال:

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

وأضاف:
العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ
لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ

وختم برسالة هي حال الأمة:
وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ
إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ

زر الذهاب إلى الأعلى